الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث:
[293]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاس قالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إلَى الرُّبْعِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ"(1).
قوله: "لو أنّ الناس": "لو" هنا حرْف لما [كان](2) سيقع لوقوع غيره، وجوابها محذوف تقديره:"لكان أحوط بهم" أو "لكان حَسَنًا".
ويحتمل أن تكُون "لو" للتمني؛ لأنّ المعنى: "وددت لو غضّوا"، و"لو" للتمني بعد "وَدَّ" غالبًا (3). ومن النّادر قول قُتَيْلَة:
مَا كَانَ ضَرَّك لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما
…
مَنَّ الفَتَى وهُو المَغِيظُ المُحْنَق (4)
وإذا كانت "لو" للتمني، فهل تحتاج إلى جَواب أم لا؟
فقيل: إنّه لا بُدّ لها من جَواب، كجَواب الشّرط، وقد يأتي له جَواب منصوب كجواب "ليت"(5).
وقال بعضهم: هي "لو" الشرطية، أُشربت معنى التمني (6)، ولذلك نصب الفعل المضارع في قوله تعالى:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ} [الشعراء: 102]، بالنصب، كما نصبت جَواب "ليتني" في قوله تعالى:{يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73]. (7)
(1) رواه البخاري (2743) في الوصايا، ومسلم (1629) في الوصية.
(2)
سقط من النسخ. والمثبت من المصادر. وانظر: الكتاب لسيبويه (4/ 224).
(3)
انظر: أوضح المسالك (4/ 223 وما بعدها).
(4)
البيت من الطويل، وهو لقتيلة بنت النضر بن الحارث. انظر: المعجم المفصل (5/ 173).
(5)
انظر: شرح التسهيل (1/ 229).
(6)
انظر: مغني اللبيب (ص 352).
(7)
انظر: أوضح المسالك (4/ 231 وما بعدها).
واختار ابن مالك وغيره أن يكُون الواقع بعد "لو" إذا كان "أنَّ" واسمها أنّه في موضع رفْع بالابتداء، ولا حَاجَة إلى ذِكْر خبره؛ لأنّ الكَلام لما اشتمل على مُسند ومُسند إليه لم يحتج إلى الخبر (1).
و"الغَضُّ": "النَّقص"(2)، ولكن المعنى هنا:"انتقلوا من الثلُث إلى الربُع"، فالفعل مُضمَّن هذا المعنى، ويكون التقدير:"لو أنّ الناس غضّوا من الثلث وانتقلوا إلى الرّبع"، فيتعلّق "إلى الرّبع" بـ "انتقلوا" المقدّر، ويتعلّق "من الثلث" بـ "غضّوا"، والمعنى يدلّ على هذا التقدير، وآخر الحديث يُفسّره أيضًا.
قوله: "فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": "الفاء" فاء السببية؛ لأنّ المعنى: "بسبب أنّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
"قال: الثّلث، والثّلث كثير": هذا يجري على الإعراب المتقدّم، إمّا مرفوع على الفاعلية، أي:"يكفي الثّلث" أو "الثّلث يكفي"، أو يكُون منصوبًا بتقدير:"أخرج الثّلث"، وما بعد القول مفعُول به على الحكاية.
* * *
(1) انظر: الجنى الداني (279، 280)، وشرح ابن عقيل (4/ 49)، وشرح المفصل (1/ 220)، والمدارس النحوية (74).
(2)
انظر: مطالع الأنوار (5/ 161)، والصحاح (3/ 1095).