الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث عشر:
[310]
: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ:"الْحَمْوُ الْمَوْتُ"(1).
ولِمُسْلِمٍ: عنْ أَبي الطَّاهِرِ عنِ ابنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيثَ يقولُ: الحَمْوُ أَخو الزَّوْجِ ومَا أَشْبَهَهُ منْ أَقاربِ الزَّوْجِ، ابنِ العَمِّ ونَحْوِهِ (2).
قوله: "إياكم والدّخُول على النساء": هذا تحذير، وقد تقدّم في أوّل "كتاب الزكاة" التحذير.
قال ابنُ الحاجب: وهو معمُولٌ، بتقدير "اتق" تحذيرًا مما بعده. (3)
والتقدير هنا: "اتقوا أنفسكم أنْ تتعرّضوا للدخُول على النساء"، أي:"باعِدوا أنفسكم منها". والعاملُ واجبُ الحذف. (4) انظر تمامه في موضعه من كُتب العربية، وفي أوّل "كتاب الزّكاة" طرف منه.
قوله: "أفرأيت الحمو": "الفاء" عاطفة، والتقدير:"فقال رجل: إذا كان ذلك فرأيت"، ثمَّ أدخَل عليه "همزة" الاستفهام.
قال ابن مالك: الأصلُ أنْ يجاء بـ "الهمزة" بعد العاطف كما هي بعده مع أخواتها، فكان يُقال في:{أَفَتَطْمَعُونَ} [البقرة: 75]: "فأتطمعون"؛ لأنّ أداة الاستفهام جُزء من الجملة الاستفهامية، والعاطفُ لا يتقدّم عليه جُزء من ما عطف، لكن خُصّت "الهمزة" بتقدّمها على العاطف تنبيهًا على أنها أصل أدَوات الاستفهام؛
(1) رواه البخاري (5332) في النكاح، ومسلم (2172) في السلام.
(2)
رواه مسلم (2172)(21) في السلام.
(3)
انظر: الكافية لابن الحاجب (ص 22).
(4)
انظر: إرشاد الساري (8/ 115)، شرح الأشموني (3/ 84 وما بعدها)، الهمع (2/ 22)، جامع الدروس العربية (3/ 15).
لأنّ الاستفهام له صَدْر الكلام.
قال: وقد غفل الزّمخشري بها مُعظم كلامه بها "الكشاف" عن هذا المعنى، فادّعى أنّ بين "الهمزة" وحرف العطف [معطوفًا](1) عليه (2)، وهذا فيه مخالَفَة للأصُول. (3) انتهى.
وقيل: "الفاء" و"الواو" في مثل هذا زائدة، نحو:"أفَلَم""أوَلا". (4)
و"رأيت" هي العِلمية، بمعنى:"أخبرني"، ويجوز في همزته التسهيل، ومفعولها الثّاني لا يكون إلا جملة استفهامية (5).
وعلى هذا: يكون هنا محذُوفٌ، تقديره:"أرأيت الحمو أيدخُل أم لا؟ ".
و"التاء" عند البصريين الفاعل. و"الكاف" و"الميم" للخطاب في "أرأيتك" و"أرأيتكم". (6)
وتقدّم الكلام على "أرأيت" في الأوّل من "باب صفة الصّلاة".
(1) بالنسخ: "معطوف". والمثبت من المصدر.
(2)
انظر: الكشاف (1/ 171).
(3)
انظر: شواهد التوضيح (ص 64).
(4)
انظر: شواهد التوضيح (ص 64)، علل النحو (ص 199)، اللمحة (2/ 854)، شرح التسهيل (4/ 111)، مغني اللبيب (ص 22 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (3/ 243).
(5)
انظر: معاني القرآن للفراء (1/ 333)، البحر المحيط (4/ 507، 508، 509)، (10/ 510)، اللباب لابن عادل (15/ 87)، تفسير الألوسي (15/ 407)، إعراب القرآن وبيانه (10/ 532)، عقود الزبرجد (1/ 182، 183)، (2/ 40، 41)، شرح التسهيل (1/ 247)، الكليات (ص 79)، الكتاب (1/ 240).
(6)
انظر: معاني القرآن للفراء (1/ 333)، البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد (2/ 41)، شرح التسهيل (1/ 247)، توضيح المقاصد (1/ 173، 179)، سر صناعة الأعراب (1/ 318)، الهمع (1/ 302).
قوله: "الحمو": بضَمّ "الواو"، وجاء فيه الهمْز. وتقدّم في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب الكَلام على "أب" و"أخ" و"حم" وأخواته.
وفي "الحمو" على خصوصيته ست لُغَات، أحدها: أن يكُون بالألِف والواو والياء. والثانية: أن يكون مثل "دلو". والثالثة: من باب "عصا". الرّابعة: من باب "فخ". والخامسة: من باب "خَبْء". والسادسة: من باب "رشاء". (1)
قال ابنُ الأثير في قولهم: "الحمو الموت": "الأحماء" أقارب الزوج. والمعنى فيه: أنّه إذا كَان هذا جَوابه في أبي الزوج، وهو محْرَم، فكيف [بالغَريب] (2)؟ أي:"فيمت ولا يفعلنّ ذلك".
وهذه الكَلمة تقولها العَرب: "الأسد الموت"، و"السلطان النار"، أي:"لقاؤهما مثل الموت والنار"، يريد أنّ [خلوة "الحم" معها](3) أشَدّ من خلوة غيره من الغُرباء؛ لأنّه ربما حَسّن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزّوج من التماس ما ليس في وسعه أو سُوء عِشْرة أو غير ذلك، ولأنّ الزّوج لا يوثر أنْ يطّلع "الحمو" على باطن حاله بدخُول بيته (4). انتهى.
قلت: وأجاز صاحبُ "المجمَل" إطلاق "الأحماء" على "أقارب الزوجين". (5)
وقيل: المعنى: "الحمو مثل الموت"، أي:"لا بُدّ من دخُوله"(6). وهذا بعيدٌ؛ لأنّ من الأحماء مَن يكُون غير ذي محرَم -كأخ الزّوج وابن أخيه وابن عمّه- فلا يحلّ أن يدخُل عليها.
(1) انظر: رياض الأفهام (4/ 635، 636).
(2)
بالنسخ: "بالقريب". والمثبت من المصدر.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من المصدر.
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 448).
(5)
انظر: مجمل اللغة لابن فارس (1/ 249، 250).
(6)
انظر: إكمال المعلم (7/ 61)، إحكام الأحكام (2/ 181)، مشارق الأنوار (1/ 199)، والإعلام لابن الملقن (8/ 269، 270).
قوله: "ولمسلم": التقدير: "ورُوي لمسلم" أو "جاء لمسلم"، فيتعلّق حرف الجر بالمحذُوف، وتكون الجملة إمّا في محلّ رفع على الفَاعلية أو على أنّه مفعول لم يُسمّ فاعله.
قوله: " [عن] (1) أبي الطاهر": يتعلّق بمُقدّر، أي:"ورُوي عن مسلم أنّه رَوى عن أبي الطاهر". أو يكُون بدَلًا من "ولمسلم"، أي:"ورُوي عن أبي الطاهر"، وكذلك:"عن ابن وهب" بدل من "أبي الطاهر".
ويحتمل أن يُقدّر: "ولمسلم رواية عن أبي الطاهر"، فيكُون "عن أبي الطّاهر" مُتعلقًا بـ "رواية"، أو بصفة لها، ويتعلّق "لمسلم" بخبر عن "رواية".
قال ابنُ الأثير في "جامع الأصول": ابن وهب أعْلَم النّاس برأي مالك، ولم يكُن في المصريين أكثر حديثًا منه.
قال أبو زرعة: نظرتُ في نحو ثلاثين ألْف حَديث مِن حديث ابن وهْب بمصر وغير مصر لا أعْلَم أنّي رأيتُ حَديثًا لا أصْل له. (2)
قوله: "وما أشبهه": "ما" هنا موصُولة، ومحلّها مع صلتها وعائدها رفع بالعَطفِ على قوله:"أخو الزوج".
قوله: "ابن العَم ونحوه": يجوز في "ابن" الرّفع بدلًا من "ما" الموصُولة، ويجوز فيه الجر بدَلًا من "أقارب"، وهو حَسَنٌ.
* * *
(1) بالنسخ: "على".
(2)
انظر: جامع الأصول (12/ 682).