الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في "النهاية" لابن الأثير: يقال: "أمرٌ رَدٌّ"، أي:"مردود"، بمعنى أنه مخالف لما عليه السُّنَّة، وهو مصدر لما وصف به (1).
قوله: "في لفظ: من عمل عملا": "مَنْ" شرطية، و"عملا" مصدر ["عمل"، و](2) المراد منه صفته بـ "ليس عليه أمرنا" حتى يتم ويفيد.
ويحتمل أن يكون "عملا" بمعنى "معمول"، كقولك:"من عمل صالحا"، أي:"عملا صالحا". و"العمل" بمعنى "المعمول" الذي هو "شيء يعمل".
الحديث الثاني:
[368]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ"(3).
قوله: "دخلت هند بنت عتبة": تقدم ذكر "بنت" و"ابن" في الأول من "باب الحيض"، وهنا مفعول محذوف أو ظرف، أي:"دخلت البيت". وتقدم الكلام على ما بعد "دخلت" في الحديث الرا بع من "باب الاستطابة".
و"امرأة أبي سفيان" صفة لـ "هند"، أو بدل.
و"هند" يجوز صرفه؛ لسكون وسطه (4).
و"سفيان" لا ينصرف؛ للعلمية وزيادة الألف والنون.
(1) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 213).
(2)
غير واضحة بالأصل.
(3)
رواه البخاري (5359) في النفقات، ومسلم (1714).
(4)
انظر: شرح المفصل (1/ 193، 194)، وحاشية الصبان (3/ 373).
و"على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": يتعلق بـ "دخلت".
قوله: "إن أبا سفيان": علامة النصب في "أبا" الألف؛ لأنه من الأسماء الستة، وتقدّم الكلام عليه في ثاني حديث من الأول. و"رجل" خبر "إنّ"، وبالصفة تم الإخبار به، ولو قالت:"إن أبا سفيان شحيح"، حصلت الفائدة، لكن تقدم أنَّ مثل هذا يكون لتعظيم الشخص، ويكون لتحقيره، حسبما يقتضيه سياق الكلام.
وانظر الكلام على قوله في حديث عليٍّ: "كنتُ رجلا مذًّآء".
وأما "شحيح": فالشُّحُّ: "البخل مع حِرْص".
قال في "الصحاح": تقول: "شَحِحْتُ" بالكسر "أَشَحُّ" بالفتح، و"شَحَحْتُ" بالفتح "أَشُحُّ" بالضم، و"قوم شِحَاحٌ" و"أَشِحَّةٌ"(1).
قال ابن الأثير: "الشُّحُّ": "أشدُّ البُخل"(2).
قال: والمعروف: شَحَّ يَشُحُّ شَحًّا، والاسم:"الشّح"(3).
قلت: ويقال: "رجل شَحاح"، بفتح "الشين"(4).
قوله: "لا يعطيني ما يكفيني": الجملة صفة أخرى، و"ما" موصولة بمعنى الذي، و"يكفيني" صلته، والعائد الفاعل المستتر في "يكفيني"، والصلة والموصول في محل مفعول ثانٍ لـ "يعطيني". و"مِن" للتبعيض.
و"يَكفي بَنِيَّ": معطوف على "يكفيني"، وعلامة النصب في "بَنِيَّ" الياء المدغمة في "الياء"، لأنه جمعُ "ابن" مُكَسَّر (5)، محمول على جمع المذكر السالم، فأُعرِب بإعرابه.
(1) انظر: الصحاح (1/ 378).
(2)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 448).
(3)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 448).
(4)
انظر: الصحاح (1/ 378).
(5)
انظر: شرح التسهيل (2/ 113).
قوله: "إلا ما أخذتُ": الاستثناء هنا منقطع، أي:"لكن ما أخذت"، و"ما" بمعنى الذي، و"أَخَذْتُ" صلته، وهو بمعنى المستقبل، أي:"إلا ما آخذ من ماله". ويحتمل أن تكون "ما" مصدرية أي: "لكن أخذي من ماله، فإني أنفق منه على نفسي وعلى بني".
وعلى أنها مصدرية: لا تحتاج إلى عائد عند الأكثرين؛ لأنها حرف، وإن كانت موصولة كان العائد محذوفا، أي:"إلا ما أخذته من ماله".
قوله: "بغير علمه" يتعلق بـ "أخذت" أو بحال، أي:"أخذت مخفيةً".
قوله: "فهل علي في ذلك من جُناحٍ": "مِن" هنا زائدة؛ لأن الاستفهام في معنى النفي، و"جُناحٍ" مبتدأ، و"عليَّ" في محل الخبر.
وتقدمت "هل" في الحديث السابع من الصيام. وتقدم أقسام "مِن" الجارة في الحديث العاشر من أول الكتاب.
و"من" لا تتعلق بشيء؛ لأنها زائدة.
و"الجُناح": "الإثم"، مأخوذ من "جَنَحَ" إذا "مال" (1). وفي الحديث من حديث ابن عباس في مال اليتيم:"إنِّي لأَجَّنَّحُ أنْ آكلَ مِنْه"(2) أي: "أرى الأكْلَ منه جُناحًا".
قوله: "في ذلك": يتعلق بصفة لـ "جُناح"، تقدمت؛ فانتصبت على الحال.
قوله: "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": معطوف على ما قبله.
وجملة "صلى الله عليه وسلم" لا محل لها من الإعراب؛ لأنها معترضة.
(1) انظر: الصحاح (1/ 360، 361).
(2)
حسن الإسناد: رواه أبو داود في سننه برقم (3753).