الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السّادس:
[268]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ. فَقَالَ:"مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"(1).
قوله: "قَدِمَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم": جملة في محلّ معمولِ القولِ.
قوله: "وهم يُسلِفون في الثمار": الجملة في محل الحال من محذوف، أي:"قدم على أهل المدينة وهم يُسلفون".
و"السَّلَمُ" و"السَّلَفُ" واحدٌ، وسُمِّيَ سَلَمًا لتسليمه رأسَ المال بغير عِوَض حاضر. ومنه سُمِّي: سَلَفًا. و"السَّلَف": ما تقَدّم. ومنه سُمِّيَ "سَلَف الرجُل" للمُتقدِّم من آبائه (2).
قال عياض: كَره ابنُ عُمر أنْ يُسَمَّى "السّلفُ" سَلمًا، يقول:"السّلَمُ إِلَى اللَّهِ"(3)، {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} [النحل: 87]. كأنّه [ضَنّ](4) بالاسم أن يُمتهن في غير طاعة (5).
وصاحبُ الحال: "أهل" المقدَّر. والعاملُ في الحال: الفعل الذي عمل في صاحب الحال، وهو "قَدِم" وقيل: معنى الجر. ويَحتمِل أن يكون الحال من "النبي صلى الله عليه وسلم"، أي:
(1) رواه البخاري (2239)، ومسلم (1604) في المساقاة.
(2)
انظر: مشارق الأنوار (2/ 219)، رياض الأفهام (4/ 336).
(3)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(11142)، والبغوي في "مسند ابن الجعد"(1490)، موقوفًا على ابن عمر. ولفظه:"كَانَ يَكْرَهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: أَسْلَمَ كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ: إِنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".
(4)
بالنسخ: "ضمن". والمثبت من "إكمال المعلم".
(5)
انظر: إكمال المعلم (5/ 305)، رياض الأفهام (4/ 336).
"قدم وهم يُسلفون"؛ ويكون حالًا مقدَّرة.
قوله: "السنةَ، والسنتين، والثلاثَ": ظروف زمان، أي:"إِلَى منتهى السنة، والسنتين، ومنتهى ثلاث سنين". و"ثلاث" عَدَد الظروف، وعَدَد الظرف ظرف، والعاملُ فيها:"يُسلفون".
قوله: "فقال": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم "، معطوفٌ على "قَدِم".
قوله: "مَن أَسْلَف": مبتدأ، والخبر في الفِعْل. و"في شيء" يتعلَّق بـ "أسلف". وتقَدّم الكلام على "شيء" في الثاني من "باب المرور". وجوابُ الشرط:"فليسلف". وتقدّم الكَلام على "مَن" الشّرطية، ومحلّ خبرها في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "في كَيْلٍ": أي: "في مكيل"؛ فـ "الكيل" مصدر بمعنى "مفعول"، أي:"مكيول" و"مَعْلوم" لهما.
ويَحتمل أن تكون "الواو"(1) بمعنى "أو"، أي:"في كيل معلوم، أو وزن معلوم"، كقوله تعالى:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، أي:"مثنى، أو ثلاث، أو رباع"(2).
ويحتمل أن تكون "الواو" بمعنى "الباء" أي: "فليسلف في كيل معلوم بوزن معلوم". وقد جاءت "الواو" بمعنى "الباء" كثيرًا، من ذلك قولهم:"أنت أعْلَم ومالك"، أي:"بمالك". وكقولهم: "بعتُ شاة ودرهمًا"، أي:"بدرهم"، وإنما نصب "درهمًا" لأجل العطف، وكذلك لو قلت:"بعتُ الشاة شاة ودرهم" بالرفع؛ لأجْل العطف (3).
(1) في قوله: "ووزن معلوم".
(2)
انظر: البحر المحيط (3/ 505)، إرشاد الساري (3/ 100)، (8/ 27)، شواهد التوضيح (ص 175)، عقود الزبرجد للسيوطي (2/ 10)، شرح التسهيل لابن مالك (1/ 317)، مغني اللبيب (ص 857).
(3)
انظر: البحر المحيط (5/ 498)، اللباب لابن عادل (10/ 191)، مغني اللبيب (ص =
وعلى هذا: تكون الإشارة إلى وزن المسْلِم للمسْلَم له.
ويَحتمِل أن يكون الوزن المعلوم هو المسْلَم فيه، فلا يصح تقدير "الباء".
قوله: "إِلَى أَجَلٍ معلوم": يتعلّق بـ "يُسلف"، وهو الظاهر.
وَلَا يصح أن يتعلق بـ "معلوم" الأول؛ لأنه يفيد العلم بالكيل إلى أَجَل، والعلم به بزمن الأَجَل.
ولا يتعلّق بـ "كيل"؛ لأنّ الكيل لا يستمر إِلَى أَجَل معلوم. ولا يتعلّق بحالٍ من ضمير الأوّل؛ لأنه يُفيد الكيل والعلم به بزمن الأَجَل.
ولا يتعلّق بـ "معلوم" الثاني؛ لأنّ الوزن لا يلزم أن يكون معلومًا إلى أَجَل. فإن جَعلْتَ الوزن المذكور من جهة المسلَّم له، أي "في موزون معلوم إلى أَجَل" صحّ أن يتعلّق "إلى أجل" بـ "معلوم" الثّاني، أو بحال من ضميره.
* * *
= 469، 824، 825)، شرح التسهيل (2/ 324)، الهمع (2/ 243).