الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "لكني أُصلي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ": تقدّم الكلام على "لكن" في السّادس من "الزكاة"، واسمها هنا الضّمير المتصل بها، وخبرها في جملة "أصلي". و"أنام" معطوفٌ عليه، و"أصُوم" و"أفطر" مثله.
قوله: "فمَن رغب عن سنتي فَلَيْسَ مِنِّي": أيْ: "زهد فيها ولم يُرِدْها".
"مَن" مبتدأ، من أسماء الشرط.
وحرفُ الجر يتعلّق بـ "رغِب"، وجَوابُ الشرط:"فليس مِنِّي"، ولما جاء جَواب الشرط "ليس" لزمت "الفاء"، ولا تأتي "ليس" جَوابًا للشّرط إلَّا مصحُوبة بـ "الفاء" إلَّا فيما قلَّ (1).
الحديث الثالث:
[300]
: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بن مظعون التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أذن له لَاخْتَصَيْنَا (2).
قوله: "ردَّ عليه التبتل": أي: "رد عليه اعتقاد مشروعية التبتل"، كأنه لما رآه عبادة -وليس كذلك- ردّه عليه؛ لأنّ كُل ما يفعله العبد تقربًا إلى اللَّه بقصد أن يتوصّل به إلى رضا اللَّه ورسوله وليس من الشرع فهو مردود، فرَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ما كان من ذلك خارجًا عن شرعه وسُنته.
و"التبتل": "القطع"، كأنه قطع مخالطة النّساء، فردّه عليه صلى الله عليه وسلم ومنه:"البتول".
قال الشيخ تقيّ الدّين: ظاهرُ الحديث يقتضي تعليق الحكم بمُسمّى "التبتل"،
(1) انظر: شرح ابن عقيل (4/ 37، 38)، وشرح التصريح (2/ 405 - 407)، والنحو الواضح (2/ 196)، والنحو المصفَّى (384، 385).
(2)
رواه البخاري (5073) في النكاح، ومسلم (1402) في النكاح.
وقد قال اللَّه تعالى في كتابه العزيز: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]، فلا بُدّ أن يكون هذا المأمُور به في الآية غير المردود في الحديث؛ ليحصُل الجمع.
وكأنَّ ذلك إشارة إلى [مُلازمة التعبد أو لكثرته؛ لدلالة](1) السياق عليه من الأمر بقيام الليل وترتيل القرآن والذّكْر، فهذه إشارة إلى كثرة العبادات.
ولم يقصد معها ترك النكاح، ولا أمر به، بل كان النكاح موجودًا مع هذا الأمر.
ويكون ذلك "التبتل" المردود: ما انضمّ إليه -مع ذلك- من الغُلو في الدّين، وتجنب النكاح وغيره، مما يدخُل في باب التشديد على النفس (2). انتهى.
قلتُ: و"عثمان" لا ينصرف للعَلَمية والزيادة، و"مظعون" مُنصرف؛ لأنّ "النون" أصلية، ولو كانت "النون" و"الواو" زائدتان لاحتمل منع الصّرف؛ قياسًا على "الألف" و"النون".
وقد قيل ذلك في مثل: "حمدون"، و"سُحنون".
قوله: "ولو أَذِنَ له لاختصينا": أي: "لو أذن لعثمان بن مظعون في ترك النكاح، لفعلنا ما يقطعه من أصله، وهو الخصاء". تقدّم الكَلام على "لو" وجوابها وأحكامها في الأوّل من "الصّلاة".
(1) غير واضحة بالنسخ. والمثبت من المصدر.
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 171).