المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الشروط في البيع ‌ ‌الحديث الأوّل: [269] : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها - العدة في إعراب العمدة - جـ ٣

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌الحديث الأوّل والثّاني:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب ما نُهيَ عنه من البيوع

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث [السادس]

- ‌[الحديث السابع]

- ‌الحديث الثّامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌بابُ الرّبا والصّرف

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثّاني عشر:

- ‌باب اللقطة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب الوصايا

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الفرائض

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌كتاب النكاح

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌باب الصّدَاق

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌باب العدّة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث [الرّابع]

- ‌كتاب اللعَان

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[الحديث الثاني]

- ‌الحديث [الثالث]

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌الحديث [الخامس]

- ‌الحديث [السادس]

- ‌الحديث [السابع]

- ‌الحديث [الثامن]

- ‌[كتاب الرَّضاع]

- ‌الحديث [الأوّل]

- ‌الحديث [الثّاني]

- ‌الحديث [الثالث]

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌[الحديث] (1) الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌بابُ الحُدود

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحدِيث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌باب حدّ السرقة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌باب حَدّ الخمر

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌تنبيه:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[كتاب] (1) الأَيمان والنّذور

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌[الحديث الرّابع]

- ‌الحديث [الخامس]

- ‌الحديث [السّادس]

- ‌الحديث [السّابع]

- ‌بَابُ النّذُور

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌[الحديث الخامس]

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌ الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس:

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌[الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌بَاب الصَّيْد

- ‌بَاب الأضَاحِي

- ‌كِتَابُ الأشْرِبَة

- ‌كِتَاب اللبَاس

- ‌كتَاب الجِهَاد

- ‌[باب] (1) العتق

- ‌حرف الألف

- ‌الباقي من حرف "الجيم"] (2)

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء [ق 234]

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف [اللام] (3)

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف اللام ألف

- ‌حرف الياء

- ‌[وهذا ما بآخر الكتاب]

الفصل: ‌ ‌باب الشروط في البيع ‌ ‌الحديث الأوّل: [269] : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها

‌باب الشروط في البيع

‌الحديث الأوّل:

[269]

: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلٍّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي. فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيكون وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ. فَقَالَتْ: إنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيهم، فَأَبَوْا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْوَلاءُ. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"خُذِيهَا وَاشْرطِي لَهُمُ الْوَلاءَ، فَإِنَّما الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ ! كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّما الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"(1).

قوله: "جاءتني بريرة": الجملة معمُولة للقول.

وجملة: "فقالت" معطُوفة على "جاءت".

و"بريرة" اسم منقول، على وزْن "فعيلة"، فيحتمل أن تكُون "فعيلة" بمعنى "فاعلة"، أو بمعنى "مفعُولة"، وامتنع للعَلَمية والتأنيث.

وإنما قُلت: منقُولًا؛ لأنّ "بريرة" واحدة "البرير"، و"البرير":"ثمر الأراك"(2)، فليس من الصّفة في شيءٍ، ولذلك لم يُغيِّره النبي صلى الله عليه وسلم كما غيَّر "برة" بـ "زينب"(3). (4)

(1) رواه البخاري (2168) في البيوع، ومسلم (1504)(8) في العتق.

(2)

انظر: الصحاح (ب ر ر).

(3)

صحيحٌ: مسلم (2141/ 17)، من حديث أَبِي هريرة.

(4)

انظر: فتح الباري (5/ 188)، رياض الأفهام (4/ 344)، الإعلام لابن الملقن (7/ 225)، الصحاح (2/ 588).

ص: 52

وجملة "كاتبت" معمولة للقول.

وتقدّم الكلام على "أهل" في الحديث الخامس من "كتاب الصيام".

و"على تسع" يتعلّق بـ "كاتبت" أي: "على أداء تسع". "أواق" مُضافٌ إليه، وهو تمييز العَدد؛ ولتأنيثه سَقَطت العَلامَة.

قوله: "في كُلّ عَام": "العَام" اسم للسنة. سُميَ عامًا لأنّ الشّمس والقمر، والليل والنهار تعوم فيها في الفلك، قال تعالى:{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]. وهو مصدر "عام، يعوم""عومًا" و"عامًا". وسُمِّي حَوْلًا؛ لأنّ الأشياء تحول فيه (1).

والمجرور يحتمل أن يتعلّق بصفة لـ "أواق"، وتكون "أوقية" فاعل بالمجرور؛ لأنه اعتمد على الصفة، وهو اختيار سيبويه.

وقد تقدّم أنّ الظروف والمجرورات إِذَا اعتمدت -بأن تكُون صفة لموصُوف، أو خبرًا لذي خبر، أو حالًا لذي حال، أو صلة لموصول- عمِلَتْ عَمَلَ الفعلِ (2).

ويحتمل أن تكون "أوقية" مبتدأ، والخبر في المجرور، وبه يتعلّق حَرْف الجر، والجملة صِفَة و"أواق"، وَلَا بُد من عائد؛ فيقَدّر:"في كلّ عام أوقية منها".

وانظر هل [الوصف](3) لـ "تسع" المميّز، أو لـ "أواق" المميّز؟ وهل من فرق

(1) انظر: البحر المحيط (2/ 622، 623)، رياض الأفهام (4/ 325)، إرشاد الساري (5/ 255)، الإعلام لابن الملقن (7/ 175 وما بعدها)، الصّحاح (5/ 1993، 1994)، التعاريف (ص 233)، لسان العرب (2/ 471)، القاموس المحيط (ص 1141)، تاج العروس (33/ 155، 157).

(2)

انظر: الكتاب لسيبويه (1/ 127 وما بعدها)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 44 وما بعدها)، موصل الطلاب (ص 82)، الكليات للكفوي (ص 590).

(3)

طمس بالأصل. وفي (ب): "الصفة".

ص: 53

بينهما؟

الذي يظهر هنا: أنّ الوصف لـ "أواق"، لا لـ "تسع"؛ لأنّ وصف التمييز يَسري على المميز، ووصف العَدد المميز لا يَسري إلى تمييزه.

ويدُلّك على ذلك أنهم قالوا في قوله تعالى: {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} [يوسف: 43]: [إنّ](1)"سمان" صفة لـ "بقرات"(2).

قال أبو حيّان: فالعَدد مميز بنوع من الجنس، ولو نصب "سمانًا" لكان صفة لـ "سبع"، فيكون التمييز بالجنس لا بالنوع، ويلزم من وصف "البقرات" بالسمان وصف "السبع" به، ولَا يلزم من وصف "السبع" به وصف "البقرات" به (3).

وفرق بين: "ثلاثةُ رجالٍ كِرَامٍ" بجر "كِرَام"، وبينه برفعها، فعلى الأوّل المعنى:"ثلاثةٌ من الرجالِ الكرامِ"؛ فيلزم وصف "الرجَال" بالكَرَم، وعلى الثاني:"ثلاثة كرامٍ من الرجَال"، فلا يلزم وصف "الرجَال" بالكَرَم (4).

وذكْر "الأوقية" مع "الأواق" تقدّم في الحديث الثّاني من "الزكاة".

قالوا: و"الوقية" لُغة ليست بالعالية، والأفصح:"أوقية"(5)، وسيأتي.

قوله: "فأعينيني": معطوفٌ على "كاتبت". وهو فعل أمر، وفاعل، ومفعول، ونون الوقاية، الفاعل "الياء" بين النونين، و"الياء" الأخيرة المفعول.

قوله: "فقلتُ: إنْ أحبَّ أهلُكِ": "إِنْ" حرف شرط، و"أَنْ" مصدَرية مُقدّرة مع ما بعدها بمفعول لـ "أحب"، أي:"إن أحب أهلك عدّها لهم"، بمعنى:

(1) بالنسخ: "أي". وقد تصح إذا كان ما بالجملة قبلها: "أنهم قالوه".

(2)

انظر: البحر المحيط (6/ 280).

(3)

انظر: البحر المحيط (6/ 280).

(4)

انظر: البحر المحيط (6/ 280).

(5)

انظر: رياض الأفهام (4/ 346)، إحكام الأحكام (1/ 377)، إرشاد الساري (4/ 36)، النهاية لابن الأثير (1/ 80)، (5/ 217)، لسان العرب (15/ 404).

ص: 54

"أعجّلها لهم".

قوله: "ويكون ولاؤك لي": معطوفٌ على "أعدّها"، فتكون "النون" منصوبة بالعَطف على "أعدّ". ويجوز الرّفع على القطع، وهو أقوَى في المعنى هنا؛ لأنّ العطف يُدخل "الكَوْن" في المحبة، وليس هو المراد، إنّما المراد:"إن أحبوا العدّ كان الولاء لي"، فهو مقطوع.

قوله: "فَعَلْت": جَوابُ الشّرط.

قوله: "فذهبت بريرة إِلَى أهْلِها": معطوفٌ على "فقلت". ولو قالت: "فذَهَبَت إِلَى أهلها" صَحّ؛ لأنّ المضمَر أوْلى من المظْهر، إلَّا لتعذّر المضْمر؛ لكن الموضع موضع بسْط عِلم، وتبيين حُكم؛ فالمظهر به أنْسَب.

قوله: "فقالت": معطوفٌ على "ذهبت"، و"لهم" يتعلّق بـ "قالت"، و"اللام" لام التبليغ. ومعمولُ القول محذوفٌ، أي:"فقالت لهم الذي قالت عائشة".

قوله: "فأبوا": معطوفٌ على "قالت"، و"عليها" متعلّق بـ "أبوا".

و"أبى" يتعدّى بنفسه، تقول:"أبى زيدٌ الطعامَ"، قال اللَّه تعالى:{فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77].

فلَمَّا كان في "أبى" معنى النفي ساغ تعدّيها بـ "على"، لأنّ معنى الكلام:"فامتنعوا من ذلك كله إلّا الولاء عليها".

وقد قيل في قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] إنّ "أبى" فيها معنى "الجحْد"؛ فلذلك جاء الاستثناء مُفرغًا (1).

قوله: "فجاءت من عندهم": أي: "فجاءت بريرة من عندهم"، معطوفٌ على ماقبله، و"من عندهم" يتعلّق بـ "جاءت".

(1) انظر: البحر المحيط (1/ 249)، (5/ 409).

ص: 55

"ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس": الجملة [في](1) محلّ الحال من ضَمير "جاءت"، و"الواو" واو الحال. وتقدّم الكلام على الجمَل الواقعة حالًا في الثالث من "المذي".

و"عند" تقدّم الكلام عليها في الحديث الأوّل من "السّواك". ويجوز في عينها الضم والفتح والكسر، وهو الأكثر، ولا تنجَر إلّا بـ "من"، كما جاءت هنا (2).

قوله: "فقالت: إني عرضتُ ذلك": كُسرت "إنّ" بعد القول، و"عَرضت" في محلّ خبر "إن"، و"ذلك" مفعول "عرضت"، و"عليهم" يتعلّق بـ "عرضت"، و"أبوا" معطوفٌ على "عرضت"، والإشارة إلى ما ذَكَرت لها عائشة.

قوله: "إلّا أن يكُون لهم الولاء": تقدّم أنّ "أبى" فيها معنى "الجحْد"؛ ولذلك حَسُن بعدها "إلّا"، أي:"فامتنعوا إلّا بشرط الولاء".

ثم يحتمل أن يكون "إلّا" في محلّ نصب، أي:"فأبوا البيع إلا بأن يكون لهم الولاء"، و"الباء" باء الثّمَن، ثم حُذفت؛ فانتصب المحلّ.

قوله: "فأخبرت عائشةُ النبي صلى الله عليه وسلم ": "أخبر" من الأفعال المتعدّية إلى مفعولين، الثاني بحرْف الجر، أي:"أخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن أهلها". وهذا يدلّ على أنَّه لم يسمع ما أتت به بريرة عن أهلها حَتَّى أخبرته عائشة رضي الله عنها.

قوله: "فقال": معطوفٌ على "أخبرت". وتقدّم الكَلامُ على "أخبر" و"خبَّر" في الخامس من "فضل الجماعة".

قوله: "فقال: خُذيها": أي: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: خذيها". فـ "خذيها" فعل أمر، وفاعل، ومفعول، الفاعل "الياء"، والمفعول "الهاء". والجملة محكيّة بالقول. وتقدّم الكلام على "أخذ" في الحديث السّادس من "باب الاستطابة". والتقدير: "خذيها

(1) بالنسخ: "من". ولعل الصواب المثبت.

(2)

انظر: مغني اللبيب (ص 206)، وشرح التسهيل (2/ 235).

ص: 56

بالثمن الذي ذكرتيه لهم".

"واشترطي لهم الوَلَاء": قيل: "لهم" بمعنى "عليهم"، كقوله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، قيل: المراد: "فعليها"(1).

وقيل: المراد: "واشترطي لأجلهم الولاء"، أي:"لأجل معاندتهم ومخالفتهم للحقّ؛ حتى يعلم غيرُهم أنّ هذا الشرط لا ينفع"(2).

قوله: "فإنّما الوَلاء لمن أعْتَق": "إنّما" هنا لحصر بعض الصفات في الموصوف، لا للحَصر التام؛ لأنّ الوَلاء يكون لمن أعتق، ولمن جَرّه إليه مَن أعتق (3). وقد تقَدّم في أوّل حَدِيث من الكتاب الكلام على "إنّما" وعلى أدوات الحصر.

قوله: "ففعلت عائشة": أي: "اشترتها منهم".

قوله: "ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ": هنا حالٌ محذوفة، أي:"قام خطيبًا".

قوله: "في الناس" أي: "في مكان مجتمعهم"؛ فتكون "في" حقيقة في الظرفية. أو: "في جماعتهم"؛ فتكون مجازًا، كما جاءت في قوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179](4). وقد تكون ظرفية زمانية.

وقد اجتمع ذلك فيها في قوله تعالى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 1 - 4](5).

(1) انظر: البحر الحيط (7/ 15، 442)، اللباب لابن عادل (3/ 386)، إحكام الأحكام (2/ 136)، رياض الأفهام (4/ 350).

(2)

انظر: إرشاد الساري (8/ 233)، مغني اللبيب (ص 280).

(3)

انظر: إرشاد الساري (8/ 233).

(4)

انظر: البحر المحيط (1/ 57)، الجنى الداني (ص 250)، مغني اللبيب (223، 224، 902)، شرح الأشموني (2/ 84)، الهمع (2/ 445).

(5)

انظر: شرح الكافية الشافية لابن مالك (2/ 804)، مغني اللبيب لابن هشام =

ص: 57

ولك أن تعلّق "في الناس" بالحال المقَدّرة، أي:"قام خطيبًا في الناس".

قوله: "فحمد اللَّه وأثنى عليه": أي: "قال: الحمد للَّه". وفي الحديث: "يقول العبد: الحمد للَّه رب العالمين؛ يقول اللَّه: حمدني عبدي. يقول العبد: الرحمن الرحيم؛ يقول اللَّه: أثنى عليَّ عبدي"(1). فهذا يفسّر معنى الحمدلة ومعنى الثناء.

وعطف "الثناء" على "الحمد" بـ "الواو"؛ لأنهما [لمعنًى](2)، وَلَا يكادان يفترقان، وعطف ما أتى به بعد "الحمْد" و"الثناء" بـ "ثُم" المرتّبة، فالمعنى: أنّه لم يَفْصِل بغير ذلك.

قوله: "أمّا بعد": اعلم أنّ "أما بعد" تُستعْمَل كثيرًا في الخطَب والرسائل لفصل كلام من كلام. وقيل: إنها فصل الخطاب المذكور في كتاب اللَّه، وأنّ أوّل من تكلّم بها داود عليه السلام. وقيل: أوّل مَن تكلّم بها نبينا صلى الله عليه وسلم. وقيل: قُسُّ بن ساعدة. وقيل غير ذلك (3).

والعامل فيها مُشكِل، فقيل في مثل "أمّا بعد: فإنّ زيدًا قائم": العاملُ "قائم"، وإن كان في صلة "أن"؛ لأنّ الظروف يُتسَاهَل فيها، ولذلك لا يَجوز: "أمّا زيدًا فإني ضارب"؛ لأنّه ليس بظرف (4).

والذي يظهر لي: أنْ يُقَدّر فعْل يدلّ عليه معنى الكَلام، أي: "أمّا بعد كلامي

= (ص/223)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 445).

(1)

صحيح: مسلم (395/ 38)، من حديث أبي هريرة.

(2)

غير واضحة بالأصل، ولعلها:"بمعنى". والمثبت من (ب).

(3)

انظر: فتح الباري (2/ 404)، شرح النووي على مسلم (6/ 156)، إرشاد السّاري (1/ 79)، (2/ 182، 183)، (8/ 314)، المنتقى شرح الموطأ (8/ 307)، مرعاة المفاتيح (1/ 5)، الإعلام لابن الملقن (1/ 115)، تاج العروس (7/ 438).

(4)

انظر: مغني اللبيب لابن هشام (ص 83، 911)، شرح المفصل (5/ 125)، الهمع للسيوطي (2/ 580، 581).

ص: 58

فاسمَعوا أنّ الأمر كذا" (1).

وأمّا هنا فإنّه وقَع بعدها "ما" الاستفهامية، فقيل: العامِلُ ما في "أمّا" من معنى الشّرط؛ لأنّ الظروف يُتسع فيها.

قلتُ: وفي عمل معاني الحروف -من استفهام، ونفي، وشرط، وتمنٍّ- في الظروف والأحْوَال خِلاف.

وأمّا في حَديثنا هذا: فقد وَقَع استفهام يمنَع من عَمَل ما بعده فيما قبله، فلا يصحّ أن يعمل "يشترطون" لذلك، ولأنّه صفة لـ "رجَال"، و"رجَال" مُضَاف إِلَى خبر "ما" الاستفهامية، والخبر هو المبتدأ في المعنى، فتحرّر من ذلك تأكيد المنع من عَمل "يشترطون"، وتقَوّى أنْ يكُون العاملُ في "أمّا" ما في "أمّا" من معنى الشّرط، أو يُقدّر له فِعل.

قال ابن الأثير: "أمّا بعد" تقديرُ الكَلام فيها: "أمّا بعد حَمَد اللَّه فكذا وكذا". و"بعد" من ظروف المكَان التي تلزمها الإضَافة (2).

قلتُ: قد تقدّم الكَلام على "قبل" و"بعد" في الحديث الرابع من "تسوية الصفوف".

قال في كتاب "صناعة (3) الكتاب": أجَاز هشام "أمّا بعد"، بفتح "الدال".

(1) راجع: إرشاد الساري (1/ 152).

(2)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 140).

(3)

كذا بالنسخ، والنقل موجود بكتاب "عمدة الكتاب" لأبي جعفر النحاس (ت: 338 هـ). وقد عزا مَن ترجم له كتاب "صناعة الكتاب" و"أدب الكتاب"، ولم أر عندهم ذكر "عمدة الكتاب". ونقل النووي في كتاب الأذكار (ص 16، 575) عن "صناعة الكتاب"، وصرح المحقّق أنه هو "عمدة الكتاب". ولعل بعض نُسخه عُنونت بهذا الاسم. واللَّه أعلم. وراجع: مُعجم الأدباء لياقوت (1/ 469)، الوافي بالوفيات (13/ 211)، الدليل إلى المتون العلية (ص 662).

ص: 59

قال: ويُقَال: "أمّا بعد، أطال اللَّه بقاءك، فإني"، فتدخُل "الفاء" على "إنّ"، وهذا اختيارُ النحويين. ويجوز:"أمّا بعد، فأطال اللَّه تعالى. . . "؛ فتدخُل "الفاء" على "أطال"، وهي الجملة المعترضة. ويجوز:"أمّا بعد، فأطال اللَّه تعالى. . . فإني"؛ فتدخُل "الفاء" فيهما جميعًا (1).

قوله: "ما بال رجَال": "ما" مبتدأ، و"بال" خبره، و"رجال" مضاف إليه.

و"البال": "القلب". يُقال: "ما خطر فلان ببالي"، أي:"بقلبي". و"البال": "رخَاء النفس"، يُقال:"فلانٌ رَخيُّ البالُ". و"البال": "الحال"، يقال:"ما بالك؟ ". ويُقال: "ليس هذا من بالي"، أي:"مما أباليه". صح من "الصّحاح"(2).

قوله: "يشترطون شروطًا" في محلّ صفة لـ "رجال".

و"شروطًا": جمع "شرط"، والمراد:"المشروطات". والمصدر يقع بمعنى اسم الفاعل، وبمعنى اسم المفعول، كـ "ضَرْبِ الأمير"، بمعنى "مضروبه"(3).

فالمراد هنا: "ما بال رجال يشترطون أمورًا".

ويجوز أن يكون "يشترطون" مُتضمّنًا معنى "يذكُرون" أي: "يذكُرون شروطًا ليست في كتاب اللَّه".

و"الشرط" يُجمع على "شروط"، وعلى "شرائط"(4).

قوله: "ليست في كتابِ اللَّهِ": جملةٌ في محلّ الصفة لـ "شروط". و"ليس" تقدّم الكلام عليها في الحديث الأوّل من "الحيض"، واسمها هنا مستتر يعود على

(1) انظر: عُمدة الكتاب (ص 242، 243).

(2)

انظر: الصحاح (4/ 1642).

(3)

انظر: الكتاب (4/ 43)، شرح المفصل (1/ 63)، (4/ 49).

(4)

انظر: الصحاح (3/ 1136).

ص: 60

"الشروط".

و"في كتاب اللَّه" يتعلّق بالخبر، أي:"ليست موجُودة في كتاب اللَّه".

قوله: "كلُّ شرطٍ": "كلُّ" مبتدأ متضمن معنى المجازاة، ولذلك دخَلت "الفاء" في الخبر؛ لأنه لا يجوز دخول "الفاء" في الخبر عند البصريين إلَّا إذا تضمّن المبتدأُ معنى الشرط، وذلك في موضعين: في الاسم الموصول بفِعل، أو ظرْف، والنكرة الموصوفة بهما، نحو:"الذي يأتيني فله درهم"، أو "الذي يأتيني في الدار فله درهم". وكذلك:"كُل رجل يأتيني فله درهم"، أو:"كُلّ رجُل في الدار، أو عندك، فله درهم"(1).

فـ "كُلُّ" هُنا لتضمّنها معنى الشّرط دخَلت "الفاء" في خبرها، وهو قوله:"فهو باطلٌ"، وقد تمَّ شرْطها بالصّفة في قوله:"ليس في كتاب اللَّه". وقد تقَدّم حُكم "كُلّ" إِذَا أضيفَت إلى نكِرَة في الحديث الأوّل من الكتاب.

قوله: "وإنْ كَان مائةَ شرطٍ": يحتمل أنْ يكُون معنى ذلك: "وإن أكَّد شرطه بتكراره مائة مرة"؛ فالتأكيد لا يُؤثر تحليلًا؛ لأنّه ليس في كتاب اللَّه.

والمراد: "أنّه ليس في كتاب اللَّه، ولا في سُنة رسُوله"؛ لأنّ "السّنة" في "كتاب اللَّه"؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وقد نهى رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن هذا الشّرط.

ويحتمل أن يكُون المراد: "وإن كان مائة شَرط قد اشتهرت بين الناس وشاعَت حتى صارَت بينهم عَادَة، كما كان الولاء واشتهاره، فهي كُلها باطلة".

وتحديده ذلك بـ "مائة شرط" لا مفهُوم له؛ لأنّ العَدَد لا مفهوم له (2).

(1) انظر: شرح المفصل (2/ 242)، (4/ 28، 517)، شرح الكافية الشافية (3/ 373)، مغني اللبيب (ص 268، 583)، الهمع (1/ 403، 405، 407).

(2)

انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 537)، إرشاد الساري للقسطلاني (1/ 446)، (4/ 70، 332، 455).

ص: 61