الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرض من ذلك القيام، والتكبيرات، والفاتحة، والصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأدنى دعاء للميت، والتسليمة. ولا يتابع الإِمام فوق أربع تكبيرات (1)، وتُقضى متتابعة. وإن سلم بدونها، جاز. ويصلَّى على القبر، وعلى الغائب عن جانبي البلد إلى شهر. ولا يصلِّي الإِمام على غال، وقاتل نفسه. ومن غُسَّل أو يمم صُلِّي عليه، سوى شهيد لجنابة أو حيض. وإن اشتبه المصلَّى عليه نوى، ويقف الإِمام عند صدر الرجل، ووسط المرأة. فإن اجتمعا سويًّا ووقف تلقاء صدريهما، فإن تنوَّعوا قدم إليه الرجل الحرّ، ثم العبد، ثم الصبي، ثم المرأة. ومن حضره نساء فقط جمعن عليه. وتقدم الجنازة على فجر وعصر (2).
باب حمل الجنازة والدفن
يسن التربيع (3) في حملها، والإِسراع بها، ومشي الراجل أمامها،
(1) قوله: "أربع تكبيرات"، قال في الغاية:"وتكبيرات أربع"(1/ 261) فحددها بأربع، وأطلقها في المنور والمحرر بقولهما:"والتكبيرات"، أي: الأربع، والتكبيرات الأربع باتفاق الأئمة. وفي المحرر: وإذا كبر الإمام سبعًا كبروا بتكبيره، وعنه: لا يتابع فوق خمس، وعنه: فوق أربع (1/ 198).
(2)
قوله: "ونقدم الجنازة على فجر وعصر"، وفاقًا للمحرر في قوله: وإن اجتمعت جنازة ومكتوبة قدمت المكتوبة إلَّا أن تكون فجرًا أو عصرًا. (1/ 201).
(3)
قوله: "التربيع"، وهو أن يحمل الإنسان بقوائمها الأربع يبدأ مما يلي: يمين الميت على كتفه اليمنى بالقائمة المقدمة، ثم المؤخرة، ثم من الجانب الآخر. قال في حاشية شرح الروض لابن قاسم: وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي وأصحاب مالك، وقال مالك: هو وبين العمودين سواء (3/ 108). وفي المحرر قال بعد أن ذكر التربيع: ولو حمل على كاهله بين العمودين جاز (1/ 202). وقال في حاشية شرح الروض لابن قاسم أيضًا: يسن لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه، قال: "من اتبع جنازة فليحمل بجوانب =
وجلوس تابعها عند وضعها، وترك القيام لها، وتعميق القبر وتسجيته للمرأة، ودخوله من شرقيه إن سهل، وقول مُدْخِلهِ: بسم اللَّه، وعلى ملَّة رسول اللَّه. ويوجّه على جنبه الأيمن، ويوسّد لَبِنًا ويُشرَّج (1) عليه.
ويكره أن يدخل القبر آجرًا، وخشبًا، أو ممسوس نار، أو فراش، ومخدة، أو اثنان إلَّا لحاجة.
ويقدم أفضلهما قبلة، ويحجزان بتراب.
ثم يهال عليه باليد ثلاثًا، ثم يسنم قدر شبر (2). ويرش بالماء، ويجلل بالحصباء.
ويكره البناء، والكتابة عليه، وتجصيصه دون تطيينه، والجلوس عليه، ووطئه، ونقله بلا حاجة.
= السرير كلها فإنه من السنة، ثم إن شاء فليطوع وإن شاء فليدع" إسناده ثقات إلَّا أنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ولابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي الدرداء بنحوه (1/ 108)، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/ 283).
(1)
قوله: "ويشرج عليه"، قال في المحرر: ثم يشرج عليه لبن أو قصب (1/ 204). قال في المصباح: شَرَّجت اللبن -بالتشديد- نضدته، وهو ضم بعضه إلى بعض، ص 308. وفي المخطوط:"لبناء"؛ وفي المحرر: لبنة (1/ 203).
(2)
القبر المشروع، قال شيخنا محمد الجرَّاح رحمه الله في رسائله العلمية (مخطوطة):"فالسنة أن يرفع القبر قدر شبر حتى يعرف أنه قبر فيتوق ويترحَّم على صاحبه، لأنه عليه الصلاة والسلام رفع قبره قدر شبر، ويكره فوق شبر لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي: "لا تدع تمثالًا إلَّا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلَّا سويته"، رواه مسلم وغيره. ولا يزاد عليه من غير ترابه؛ لحديث جابر مرفوعًا "نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه"، رواه النسائي: النسائي بحاشية السندي (3 - 4/ 86)، وقال عقبة بن عامر: "لا تجعلوا على القبر أكثر مما أخرج منه"، ويكون القبر مسنمًا ويرش بماء بعد وضع حصى صغار يجلله به ليحفظ ترابه.
ويسن تلقينه (1) بعد دفنه، فإن جهل اسم أمه نسبه إلى حوى (2).
(1) قوله: "ويسن تلقينه"، لم يذكر في المحرر "التلقين"، فدل على أنه من زيادات الأدمي رحمه الله، وهو زد (28)؛ وهو المذهب ودليلهم حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال وهو في النزع: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان بن فلانه، فإنه يسمع ولا يجيب ثم يقولى: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا رحمك اللَّه، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت باللَّه ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، فإنَّ منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عن من لُقِّن حجته، فيكون اللَّه حجيجه دونهما، قال رجل: يا رسول اللَّه، فإن لم يعرف أمه، قال: فينسبه إلى حواء: يا فلان ابن حواء، أخرجه الطبراني في الكبير وقد اختلف في درجة الحديث، فقد صحح إسناده ابن حجر، وقال: إسناده صالح، وله شواهد، منها: ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد، وحمزة ابن حبيب، وغيرهما. التلخيص الحبير (2/ 143)، وقال النووي في المجموع: إسناده ضعيف (5/ 304)، والعراقي في تخريج الإحياء (4/ 420)، وقال في حاشية "التوضيح": اختلف الفقهاء في حكم تلقين الميت بعد موته إلى ثلاثة أقوال:
1 -
أنه مستحب عند الشافعية والحنابلة.
2 -
أنه مكروه وهو قول أكثر المحدّثين.
3 -
أنه مباح عند الحنفية والمالكية (1/ 390) تحقيق ناصر الميمان.
وقال ابن قاسم في حاشية الروض: استحبه الأكثر وكرهه جماعة من العلماء وأنكره آخرون؛ لاعتقاد أنه بدعة مكروهة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلقين الميت الأظهر أنه مكروه؛ لأنه لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل المستحب الدعاء له. وقال ابن القيم: لم يكن صلى الله عليه وسلم يقرأ عند قبر الميت ولا يلقن الميت، وحديث التلقين لا يصح (3/ 123 - 124).
(2)
قوله: "حوى"، أي: حواء.
وإن ماتت ذمية حامل لمسلم دفنت وحدها، وظهرها قبلة. ويعالج جنين الميتة المتحرك، ولا يشق جوفها. ومن دفن إلى غير القبلة، أو لم يصل عليه أو في كفن غصب، أو بلع مالًا بلا حق ولا تركة نبش لذلك إن أمن تفسخه. ومن مات في بحر ثُقِّل وألقي فيه. وإن مات في بئر (1) لا نفع فيه، وخيف بإخراجه المثلة، طمت عليه. وإن أراد دفن أبيه في ملكه فلأخيه منعه. وإن وصى بشراء للدفن فمن ثلثه. ويباع ما لم يصر مقبرة.
ويسن تعزية المصاب المسلم، وإصلاح الطعام له. ويكره منه للناس، وجلوسه للتعزية، وبكاؤه مع نَوْح، ومن كان عادة أهله ولم يوص بتركه عُذِّب، وخَمش وجه وشق ثوب، والمشي في المقبرة إن خلت من مضر بنعل لا خف، وزيارته للنِّساء. وتباح القراءة (2) عندها، وينتفع الميت بهدية القُرَب (3).
(1) فىِ الأصل: "بير".
(2)
قوله: وتباح القراءة عندها وفافًا للمحرر (1/ 212)، وفي المغني: روي عن أحمد روايتان، وقال: روي عنه أنه قال: "القراءة عند القبر بدعة وروي ذلك عن هشيم. . . "، وقد توسع في المسألة فلتراجع (3/ 518 - 519) ط 1412 هـ/ 1992 م.
(3)
قوله: "وينتفع الميت بهدية القرب"، وفي المحرر: ومن تطوَّع بقربة وأهدى ثوابها لميت نفعه ذلك، (1/ 209)، وفي الغاية: وكل قربة فعلها مسلم وجعل بالنية، فلا اعتبار باللفظ ثوابها أو بعضه لمسلم حيّ أو ميت جاز ونفعه ذلك بحصول الثواب له (1/ 280)، وكذا في التنقيح بقوله: وإهداء القرب كلها من مسلم ينفع الميت (ص 104)، وقال في حاشية "العاصمي على شرح الزاد": قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أئمة الإِسلام متفقون على انتفاع الميت بدعاء الخلف وبما يعمل عنه من البر، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإِسلام وقد دلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع، فمن خالف ذلك كان من أهل البدع، وذكر استغفار الملائكة والرسل والمسلمين للمؤمنين وما تواتر من صلاة الميت والدعاء له وما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن توفِّيت أمه وقال: أينفعها إن تَصدَّقْتُ عنها؟ قال: نعم، وتصدق لها ببستان، وقال لعمرو بن العاص:"لو أقرَّ أبوك بالتوحيد فصمت عنه أو تصدَّقت عنه نفعه ذلك"، وذكر اتفاقهم على وصول الصدقة ونحوها وتنازعهم في العبادات البدنية كالصلاة والصوم والحج والقراءة، وذكر ما في الصحيحين من حديث عائشة:"من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، ثم قال: فهذا الذي ثبتت بالكتاب والسنة والإِجماع. ورد ابن القيم قول من يقول بعدم وصولها للميت بناء على ما جاء في قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} ، فقال: إن الإِنسان يصل إليه الثواب من غير عمله كالهدية، والميراث، والهبة، والدعاء فكل ذلك من غير سعيه وعدد عشرة وجوه، وفي الفروع: كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسلم نفعه ذلك كالدماء، والاستغفار، وواجب تدخله النيابة، وصدقة تطوع، والعتق، وحج التطوع، وتوسع في ذلك بما لا غنى عنه، ونقل أقوال العلماء في ذلك، منهم قول شيخه شيخ الإسلام، انظر:(2/ 307 - 311).