الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القذف
(1)
إذا قَذف مسلمًا مكلفًا حرًّا عفيفًا مكلف غيرُ والد جُلد ثمانين، والعبد نصفها، وذو الحرية بقسِطها. إلَّا أن يتأوَّل ممكنًا (2) كما لو قذف أَمة لها ابن حُرّ أو ذميّة لها زوج مسلم. ولا يسقط بزوال إحصان المقذوف. ومن تحقق زنا زوجته وجب قذفها ونفي الولد. فإن تردد أبيح، وطلاقها أستر. وإن ولدت أسود وهما أبيضان أو عكسه حرم قذفها.
وقوله: يا زاني، يا عاهر، يا مسفوح، يا لوطي، يا أزنى الناس، ولرجل: يا زانية، ولامرأة: يا زاني، ويا لهمز، وهو جاهل، صريح لا يؤول. وقوله: أزنى من فلان، صريح فيهما. وقوله: يا زاني اليد،
(1) قوله: "كتاب القذف"، في المحرر:"كتاب القذف واللعان"(2/ 94)، وجعلهما في فصلين، الأول "كتاب القذف واللعان"، والثاني:"فصل في اللعان"، وهو زد (66).
(2)
قوله "إلَّا أن يتأول ممكنًا"، قال في المحرر: فإن قال لمحصنة زنيت وأنت صغيرة، فإن فسره لدون تسع لم يحد، وإن قال: زنيت مكرهة لم يحد، أو زنيت وأنت كافرة أو أمة. . إلخ (2/ 94). وفي المفردات يحد، قال (ص 272):
لأم حر مسلم من قذفا .... يحد إن شاء وعنه ما عفا
حتى ولو ذمية قد كانت
…
أو مسها الإرقاق أو قد ماتت
أو لزوجته: نكّستِ رأسي، أو يا قحبة، أو يا فاجرة، أو لمخاصمِه: يا حلال يا ابن الحلال، أو: ما يعرفك الناسُ بالزنا. أو لعربي: يا نبطي (1)، أو أخبرت أنك زنيت، فكناية. وقوله لقاذف: صدقت، كناية، وفيما قلت، صريح.
وقوله: لست بولد فلان، قذف لأمه. وإن قال: ما أنت ابن فلانة، أو قَذَفَ جماعة لا يُتصور زناهم، أو قذَفَه بإذنه، أو أعاد القذف وقد حُدّ، أو قذف من ثبت زناها: عُزّر.
وإن قذف مجبوبًا حُدّ، أو أمَّ النبي صلى الله عليه وسلم قُتل، وإن تاب. أو لزوجته: يا زانية، فقالت: بك زنيت، سقط حقها، وليست قاذفة.
وللوارث المحصن حد قاذف موروثه مطلقًا. وإن عفى بعض الورثة استوفى الباقي. ولا يُشترط لتوبة القاذف إعلام المقذوف. وإن قذفها بكلمة فَحَدٌّ، وإن كانت إحداهما زوجته فحدَّان.
فصل
ويُحد قاذف زوجته ويُعزّر مع عدم إحصانها ما لم يلاعن (2).
(1) قوله: "يا نبطي"، النبطي منسوب إلى النبط والنبيط، وهم قوم ينزلون بالبطائح بين العراقيين، والجمع أنباط. "المطلع"(ص 372)، و"أساس البلاغة"(ص 443)، وهم شعب كانت لهم دولة في شمالي شبه الجزيرة العربية وعاصمتهم سلع، وتُعرف اليوم بالبتراء، ثم أطلق الاسم على المشتغلين بالزراعة، ثم استعمل أخيرًا في أخلاط الناس من غير العرب، انظر: التوضيح (3/ 1212) بتحقيق ناصر الميمان.
(2)
قوله: "ما لم يلاعن"، اللعان مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذبًا، وقال القاضي: سُمِّي بذلك لأنَّ الزوجين =
ويصح من زوجين مكلفين حتى مع رق وفسق وكفر. وصفته كما وصف اللَّه تعالى (1).
وإن قذفها بمعين برئ منهما بلعانه. وبدأ الزوج باللعان بألفاظه وحضرة الحاكم. والعربية والكناية والإِشارة مع العجز شرط. وتعظيم المكان والوقت والقيام والوعظ عند الخامسة سُنَّة (2)، ويشير إليها. ويسمِّي الغائبة وينسبها ويبعث إلى الخفرة (3) ملاعن. وإن قذفهن فلكل لعان.
ومتى تمَّ اللعان انتفى الولد وحرمت أبدًا إلَّا أن يقع بعد بينونة أو نكاح فاسد، فإن نكلت حُبست حتى تقرّ أو تلاعن. ومن مات قبله أو قبل تمامه لزم الإِرث، ونسب الولد، وعليه اللعاد بعد موتها والحد وإن أكذَب نفسه. ويُحد قاذف الملاعِنة.
= لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذبًا فتحصل اللعنة عليه، وهي الطرد والإبعاد. انظر: شرح المفردات للبهوتي (ص 270)، وانظر: الغاية (3/ 191).
(1)
قوله: "كما وصف اللَّه تعالى"، أي: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 6 - 9].
(2)
قوله: "والوعظ عند الخامسة، من قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7). . .} [النور: 7] الآية، فيقال له عندها: "اتق اللَّه فإنها الموجبة".
(3)
قوله: "الخفرة"، المرأة الخفرة التي لا تبرز للرجال. "معجم لغة الفقهاء"(ص 198)، ولها معانِ أُخرى، انظر:"المطلع"(ص 162)، والصحاح (ص 182)، ومنها: خفر الرجل، أي: أجاره، وأخفره، أي: نقض عهده، فهو من الأضداد، والمراد المعنى الأول الخاص بالمرأة.