الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الفرائض
(1)
أسباب الإِرث ثلاثة (2): نكاح، ورحم، وولاء.
والوارث إجماعًا: الابن وإن نزل، والأب وإن علا، والأخ مطلقًا وابنه إلَّا من الأم، والعم وابنه إلَّا من الأم، والزوج، والمعتِق، والبنت،
(1) قوله: "الفرائض"، هي العلم بقسمة المواريث، والفريضة نصيب مقدَّر شرعًا لمستحقّه، وموضوعه التركات لا العدد، الغاية (2/ 368).
(2)
وهو مصداق قوله في الرحبية:
أسباب ميراث الورى ثلاثة
…
كل يفيد ربه الوراثة
وهو نكاح وولاء ونسب
…
ما بعدهن للمواريث سبب
وقال في التنقيح: إلَّا النبي صلى الله عليه وسلم: فكانت تركته صدقة ولم تورث (ص 269)، وقال في الغاية: أساب إرثٍ ثلاثة فقط: رحم: وهو القرابة، ونكاح: وهو عقد الزوجية الصحيح فلا إرث في فاسد، وولاء عتق: ولو في شراء فاسد؛ وموانعه ثلاثة: رق، وقتل، واختلاف الدين؛ وأركانه ثلاثة: مورِّث، وارث، حق موروث. وتركة الأنبياء صدقة لا إرث (2/ 269). وقوله:"أسباب الإرث ثلاثة. . . " في المنور، قال في "حاشية الرحبية" للعلَّامة عبد الرحمن بن قاسم: أي ما بعد هذه الأسباب الثلاثة للمواريث سبب يحصل به الإرث متفق عليه وإلَّا فهنا سبب رابع مختلف فيه وهو جهة الإسلام، فيرث به بيت المال عند المالكية، ومنتظمًا عند الشافعية وعندنا وعند الحنفية: ليس بيت المال وارثًا وإنما هو مصرف للأموال التي جهل مستحقها (ص 14).
وبنت الابن، والأم، والجدة، والأخت، والزوجة، والمعتِقة.
وهم أربعة أقسام:
وارث بالفرض (1)، وهم الزوجان، والأم، والجدة، وولد الأم. فللزوج النصف، ومع الولد، أو ولد الابن الربع. وللزوجة، أو الزوجات الربع، ومع الولد، أو ولد الابن الثمن. وللأم الثلث، ومع الولد، أو ولد الابن، أو الاثنين فصاعدًا من الإِخوة والأخوات السدس. ولها مع الأب ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين. وللجدة أو الجدات السدس مع عدم الأم. والوارث منهن أم أم، وأم أبي، وأم جد وإن علون أمومة إن تحاذين وإلَّا سقطت البُعدى. والمتحاذيات أم أم أم أم، وأم أم أم أبي، وأم أم أبي أبي. ولا يرث منهن جملة فوق ثلاث وترث مع ابنها أبي الميت أو جده وبقرابيتها. ولولد الأم السدس ذكرًا كان أو أنثى. وللاثنين فصاعدًا الثلث بالسوية مع عدم الولد، وولد الابن والأب والجد.
الثّاني وارث بالفرض وله تعصيب (2) بغيره، وهو أربعة: البنات، وبنات الابن، والأخوات من الأبوين أو الأب. فلا فرض لهن مع إخوتهن،
(1) قوله: "بالفرض"، الفرض في اللغة يطلق على معانٍ، منها: الحز، والقطع، والتقدير. وفي الاصطلاح: نصيب مقدَّر شرعًا لوارث مخصوص لا يزيد إلَّا بالردّ ولا ينقص إلَّا بالعول. انظر: حاشية ابن قاسم على الرحبية (ص 20)؛ وانظر: "المطلع"(ص 299).
(2)
قوله: "تعصيب"، التعصيب مصدر عصب يعصب تعصيبًا فهو عاصب ويجمع على عصبة، وتجمع العصبة على عصبات، والعصبة لغة بنو الرجل وقرابة ابنه، سمُّوا بذلك لأنهم عصبوا به، أي: أحاطوا به. واصطلاحًا: من يرث بلا تقدير، والتعصُّب هو النوع الثاني من نوعي الإِرث. والعصبة ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير، في "حاشية ابن قاسم على الرحبية"(ص 36).
ولا لبنات (1) الابن أيضًا مع ابن عمّهن، بل يقسم للذكر مثل حظّ الأُنثيين. فإن عدمهم فللبنت النصف وللبنتين (2) فصاعدًا الثلثان وبنات الابن مع عدمهن بمنزلتهن، فإن كانت بنت وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن وإن كثرن السدس تكملة الثلثين. ومتى استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن إلَّا أن يكون معهن ذكر فيعصب من بإزائه (3) وأعلا منه ما لم يفرض لها. ويسقط الأنزل. والأخوات للأبوين كالبنات، والأخوات من الأب مع الأخوات من الأبوين كبنات الابن مع البنات لكن لا يعصبهن من أنزل منهن. والأخوات مع البنات عصبة. ولا يرث ولد الابن مع الابن، ولا ولد الأبوين أو الأب مع الأب، ولا مع ابن وابن ابن وإن نزل، ولا ولد الأب مع الأخ للأبوين.
الثالث: ذو فرض هو عصبة، وهما: الأب والجد. فللأب مع ذكور الولد أو إناثه سدس فرضًا والفاضل عن الفروض بالتعصيب، وهو مع عدم الولد وولد الابن عصبة.
وللجد مع عدم الأب أحواله الثلاثة، وحال رابع مع الإِخوة والأخوات للأبوين أو الأب يقاسمهم كأخ إلَّا أن يكون الثلث أحظ فيأخذه والباقي لهم. فإن كان معهم ذو فرض أخذه ثم للجد الأحظ من المقاسمة، أو ثلث الباقي، أو سدس جميع المال. فإن لم يفضل سوى السدس أخذه وسقط من معه،
(1) قوله: "ولا لبنات الابن. . . " إلى قوله: "عمهن"، من الحاشية وليست في الصلب (ورقة 94 - 95).
(2)
العبارة من قوله: وللبنين فصاعدًا. . . إلى قوله: فللبنت النصف، من الحاشية وليست من الصلب (ورقة 94 - 95).
(3)
قوله: "فيعصب من بإزائه وأعلا منه. . . " إلخ، وهو "الأخ المبارك" كما يسمَّى عند علماء الفرائض.
إلَّا في الأكدرية (1)، وهي: زوج وأم وأخت وجد، فللزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد على ثلاثة فيصح من سبعة وعشرين، للزوج تسعة، وللأم ستة، وللأخت أربعة، وللجد ثمانية. ولا يفرض ابتداء للأخت مع الجد، ولا عول في مسائلهم إلَّا في هذه. وإن كان أم وأخت وجد فللأم الثلث وللأخت ثلث الباقي وتسمَّى الخرقاء (2). وولد الأب مع الجد كولد الأبوين إن انفردوا. فإن اجتمعوا عاد ولد الأبوين الجد بولد الأب ثم أخذ سهمه إلَّا أن يكون ولد الأبوين أختًا واحدة فيتمم لها النصف ولهم ما فضل. ولا يقع ذلك في مسألة فيها فرض غير السدس. فلو كان جد وأختان من جهتين فللجد سهمان، ولكلٍّ سهم، ثم تأخذ العليا سهم أختها. فإن كان معهم أخ لأب فللجد الثلث وللعليا النصف، يبقى سهم، فتصح من ثمانية عشر، وإن كان معهم أم، فلها السدس وللجد ثلث الباقي وللعليا النصف، يبقى نصف تسع فتصح من أربعة وخمسين، وتسمَّى مختصرة زيد (3). فإن كان معهم أخ آخر لأب صحت من
(1) قوله: "الأكدرية"، سُمِّيت بذلك لأوجه، منها: أنها كدرت على زيد أصوله، وقيل: لأنه سأل عنها رجل من أكدر، وقيل غير ذلك؛ وذلك لأن الأصل عنده في باب الجد والإخوة أن لا يفرض للأخوات معه ولا يرث الإِخوة شيئًا إذا لم يبق إلَّا السدس لكنهم استثنوا هذه الصورة، انظرت ابن قاسم "حاشية الرحبية"(ص 53)، وحاشية ابن مانع على "دليل الطالب"، (ص 193).
(2)
قوله: "الخرفاء"، قال في المحرر: تسمَّى الخرقاء لكثرة أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها (1/ 396).
(3)
مختصرة زيد: وهي أم وجد وشقيقة وأخ وأخت لأب، وينسب إلى زيد بن ثابت الضحاك الخزرجي رضي الله عنه زيديات أربع: العشرية بفتح العين والشين وهي جد وشقيقة وأخ لأب؛ والعشرينية وهي جد وشقيقة وأختان لأب؛ ومختصرة زيد وهي أم وجد وشقيقة وأخ وأخت لأب؛ وتسعينية زيد وهي أم وجد وشقيقة =
تسعين وتسمَّى تسعينية زيد.
الرابع: عصبة بنفسه لا يرث بفرض بحال، وهم سوى من ذكر، ويسقط الأبعد بالأقرب. فأقربهم الابن وإن نزل، ثم الأب، ثم الجد وإن علا، ثم الأخ إلَّا من الأم، ثم بنوه وإن نزلوا، ثم العم إلَّا من الأم ثم بنوه كذلك. ثم على هذا لا يرث بنوا أبي أبعد مع بني أبي أقرب. وأولى ولد كل أب أقربهم إليه، فإن استووا، فمن كان لأبوين، فلو كان بنت وأخت لأبوين وأخ لأب سقط.
فإن لم تكن عصبة نسب ورث المعتق (1) ثم عصبته من النسب، ثم من الولاء (2)، ثم أهل الرد، ثم ذو الأرحام، ثم بيت المال.
= وأخوان وأخت لأب. انظر: "دليل الطالب مع حاشية العلامة ابن مانع"(ص 194 - 196)، وقد صور مسائلها بتمامها. وانظر:"نيل المآرب بشرح دليل الطالب"(2/ 65 - 66).
(1)
المعتق: العتق من أعظم القرب فمن أعتق رقيقًا أو بعضه فسرى إلى الباقي أو عتق عليه برحم أو فعل أو عوض أو كتابة أو تدبير أو إيلاد أو وصية أو أعتقه في زكاته فله عليه الولاء وعلى أولاده بشرط كونهم من زوجة عتيقة أو أمة، ولا يرث صاحب الولاء إلَّا عند عدم عصبات النسب وبعد أن يأخذ أصحاب الفروض فروضهم، فبعد ذلك يرث المعتق ولو أنثى ثم عصبته الأقرب فالأقرب، انظر:"دليل الطالب بحاشية ابن مانع"(ص 209 - 210)، وقال ابن قاسم في "حاشية الرحبية" بعد أن ذكر الأبيات في باب التعصيب ومنها:"والسيد المعتق ذي الإِنعام"، قال ابن قاسم: أي بالعتق وكذا المعتقة (ص 37).
(2)
قوله: "الولاء"، قال في "معجم لغة الفقهاء" بفتح الواو ولى وليًّا، رابطة بين شخصين كرابطة النسب، وقرابة حكمية تعود إلى سببين، الأوَّل: اليد أو الإِحسان، ومن ذلك العتق ويسمَّى المعتِقْ (بكسر التاء) مولى العتاقة حيث يثبت للمعتق (بكسر التاء) الولاء على العبد الذي أعتقه. الثاني: العقد، حيث يقول لآخر: أنت وليّي ترثني إذا مت، وتعقل عنِّي إذا جنيت (ص 509).
ولا شيء لعصبتة إلَّا ما فضل عن الفروض. فلو كان زوج وأم وإخوة لأم وأخ لأب أو لأبوين سقط، وتسمَّى الحِمَارِيَّة (1). وإن كان مكان الأخ أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة وتسمَّى ذات الفروخ (2).
(1) قوله: "الحمارية"، من الحاشية وليست من الصلب، (ورقة 94 - 95): إشارة لما روى الشافعي من أنَّ الأشقاء قالوا لعمر رضي الله عنه لما أراد إسقاطهم: يا أمير المؤمنين، هب أنَّ أبانا كان حجرًا ملقى في اليم -وفي رواية: كان حمارًا-، أليست أُمّنا واحدة؟ فاستحسن ذلك وقضى بينهم بالتشريك، ولذلك تلقّب باليمّية وبالحجرية وبالحمارية أيضًا، ولهذا يقول في الرحبية:
وإن تجد زوجًا وأمًّا ورثا
…
وإخوةً للأم حازوا الثلثا
وأخوةً أيضًا لأم وأب
…
واستغرقوا المال بفرض النُّصُبِ
فاجعلهُمُ كلهم لأم
…
واجعل أباهم حجرًا في اليمّ
واقسم على الإِخوة ثلث التركة
…
فهذه المسألة المشتركة
وتُعرف أيضًا بالمشركة بتشديد الراء وفتحها أو بفتحها كما ضبطها ابن الصلاح والنووي رحمهما اللَّه، أي: المشرك فيها، وبكسرها على نسبة التشريك إليها مجازًا، الرحبية بحاشية البقري (ص 92). ولا تتمشّى على قواعدنا -أي: الحنابلة- المسألة المشركة، قال في "نيل المآرب": ولا تتمشى على قواعدنا المشركة وهي زوج وأم وإخوة لأم اثنان فأكثر وإخوة أشقاء، ولا يشترط عند من قال بها تعدُّد الشقيق فإنها تقسم عندنا من ستة، للزوج النصف: ثلاثة، وللأم السدس: سهم واحد، وللإخوة للأم الثلث، ولا شي للأشقاء. وعن الإِمام الشافعي رحمه الله يقسم الثلث الذي أخذه الإخوة للأم على رؤوسهم ورؤوس الإخوة الأشقاء، للذكر مثل الأنثى من غير تفضيل. اهـ. (2/ 73)، وانظر: كذلك حاشية ابن القاسم على الرحبية، قال: وهو أصح؛ لقوله تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"، ولم يبق للأشقاء شيء فيسقطون، (ص 46).
(2)
قوله: "تسمى ذات الفروخ"، وقال في منار السبيل:"وتسمى أم الفروخ"؛ لكثرة عولها، شبهوا أصلها بالأم وعولها بفروخها (2/ 84)، وتسمَّى أيضًا أم الفروج =