الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان الأخير يحتمل لفائدته في المعنى، واللَّه أعلم.
وبالمثل، فإن اسم المؤلف الأخير غير متفق على ضبطه، فالبعض يكتبه الآدمي بالمد، والبعض الآخر يكتبه الأَدَمي بالهمز، وهل يكون النطق بفتح الدال أم بسكونها أم بكسرها، كل ذلك غير ظاهر. وسيظهر لنا لاحقًا رسم اسمه وضبطه عند الحديث عن مكانته العلمية. والذي يراه الباحث أن نطقه بتحريك الهمزة والدال أنسب كما في "الدر المنضد"، وقد تأكد لنا ذلك فيما تم مناقشته آنفًا في هذه المسألة فيما ذكر في تاريخ ابن قاضي شهبة (1) وغيره.
وقال السمعاني في الأنساب: "الأَدَمي، نسبة إلى بيع الأَدَم وهو باطن الجلد"(2).
وبالمثل فإن نطق اسمه بسكون الدال مع فتح الهمزة وارد ومناسب أيضًا لورود ذلك في تراجم لأسماء تتشابه معه، وقرأه العلَّامة ابن عقيل (3) -حفظه اللَّه- بضمّ الهمزة.
مكانة صاحب المنوَّر في المذهب:
للعلامة أحمد بن محمد الأدمي مكانة جليلة بين علماء المذهب، ويكفيه جلالة وقدرًا أنه لا تكاد تخلو صفحة من صفحات "الإِنصاف" من ذكر أحد كتابيه:"المنوَّر" أو "المنتخب" أو هما معًا، حيث يرجع إليهما كثيرًا في ترجيحات المذهب.
(1) انظر: "تاريخ ابن قاضي شهبة"، المجلد الثاني، الجزء الأول، ص 659، تحقيق: عدنان درويش.
(2)
انظر: السمعاني "الأنساب"، ص 23، واللباب (1/ 29).
(3)
هو العلّامة الفقيه القاضي شيخنا عبد اللَّه بن عبد العزيز العقيل، من أبرز تلاميذ العلّامة عبد الرحمن السعدي، وُلد في عنيزة عام 1335 هـ، وكان رئيسًا للهيئة الدائمة في مجلس القضاء الذي رأسه العلامة عبد اللَّه بن حميد في السعودية.
يقول في "كتاب الصلاة" في "الإِنصاف"(1) مثلًا:
". . . وإن تركها تهاونًا لا جحودًا دعي إلى فعلها، فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله، هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب، قال في الفروع: اختاره الأكثر، قال الزركشي: وهو المشهور، انتهى. واختاره ابن عيدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنوَّر والمنتخب وغيرهم. . . ".
وفي باب "الهبة والعطية" يقول المرداوي في "الإِنصاف" قوله (2):
". . . وتحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة من الإِيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها، هذا المذهب، اختاره ابن عقيل والمجد في شرح الهداية وجزم به في المحرّر والوجيز والحاوي الصغير والمنوَّر وغيرهم".
وبالمثل يكثر ذكره في كتاب المفردات لـ: محمد بن علي العمري الذي شرحه العلامة البهوتي بعنوان: "منح الشفا الشافيات في شرح المفردات". ففي كتاب الطهارة يقول:
ويكره التطهيرُ بالمسخَّنِ
…
بنجِسٍ في أشهرٍ مُعَنْعَنِ
قال الشارح -أي البهوتي (3) -: أي يكره استعمال المسخن بنجس في طهارة إن لم يحتج إليه في أشهر الروايتين عن أحمد وهو الصحيح، جزم به في المجرد والوجيز والمنوَّر ومنتخب الآدمي.
(1) العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، "الإِنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، تحقيق: عبد اللَّه التركي، 1995 م، هجر - السعودية (5/ 28).
(2)
المصدر السابق (17/ 11).
(3)
العلامة منصور البهوتي، "منح الشفا الشافيات في شرح المفردات" مطبعة المقهوي - الكويت، ص 22.
وكذا قول ناظم المفردات في كتاب الصلاة:
وتاركُ الصلاة حتى كَسَلا
…
يُقتل كُفرًا إن دُعِي وقالَ لَا
وما له فَيْءٌ ولا يُغَسَّلُ
…
وصحَّح الشيخانُ حَدًّا يُقتَلُ
قال البهوتي (1): من يجحد وجوب الصلاة عالمًا أو جاهلًا وعُرَّف وأصرَّ كَفَرَ، قال الموفق: لا أعلم في هذا خلافًا
…
وإن تركها تهاونًا وكسلًا لا جحودًا دعاه الإِمام أو نائبه إلى فعلها وهدده، فقيل له: صل وإلَّا قتلناك، فإن لم يصل حتى تضايق وقت الذي بعدها وجب أن يستتاب فإن تاب بفعلها وإلَّا وجب قتله كفرًا في إحدى الروايتين، قال في الإِنصاف وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب، انتهى. . . واختار الموفق لا يكفر، وقال هو أصوب القولين، ومال إليه الشارح، واختاره ابن عبدوس، وصححه المجد وصاحب المذهب، ومسبوك الذهب، وابن رزين، والناظم، ومجمع البحرين، وجزم به في الوجيز والمنوَّر وقدمه في المحرر.
يلاحظ في هذه الفقرة ذكر المجد مرتين الأولى بقوله: "وصحح الشيخان حدًّا يقتل"، والشيخان الموفق والمجد كما أسلفنا، والثانية قوله في نهاية الفقرة: وجزم به في الوجيز والمنوَّر وقدمه في المحرّر حيث جمع بين الأدمي والمجد في الجزم والتقديم لما اختاره الموفق.
وجاء ذكر صاحب المنوَّر أيضًا في أحد أهم مصنفات متأخري المذهب وذلك في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" للرحيباني (2)، وغاية المنتهى هو جمع بين الإِقناع ومنتهى الإِرادات للعلامة
(1) المصدر السابق، ص 57.
(2)
العلامة مصطفى السيوطي الرحيباني، "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى"، وعليه تجريد زوائد الغاية والشرح للعلامة حسن الشطي، المكتب الإسلامي (1413 هـ - 1993 م).
مرعي الكرمي (ت 1033) كما هو معلوم، كما في قوله في باب الحجر:
"ولا يمنعه زيادة منفصلة وكسب وولد نقص بها المبيع أو لم ينقص إن كان نقص صفة لأنه وجد عين ماله لم تنقص ولم يتغير اسمها، وهي أي الزيادة لراجع وهو البائع نص عليه الإِمام أحمد في ولد الجارية ونتاج الدابة، وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي في الجامع، والخلاف، وجزم به في المنوَّر ومنتخب الأدمي.
وجاء ذكره في أحد أهم الكتب عند متأخري المذهب وهو العلامة الشويكي في كتابه "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح" في مسألة هي: "هل يملك السيد إقامة الحد على مكاتبه"(1).
والخلاصة: أن العلامة الأدمي من كبار علماء المذهب، وقد قدمنا ما ذكر المرداوي في "تصحيح الفروع" في قوله عن المنوَّر، والعلماء الذين في درجته من المكانة العلمية أن مرجع معرفة الصحيح والترجيح إليهم لما قد حرره الأئمة المتأخرون بالاعتماد في معرفة الصحيح من المذهب على ما قالوه، منهم الموفق وابن تيمية وابن رجب وغيرهم كالأدمي في المنوَّر والمنتخب، أي أن الأدمي من أصحاب الترجيح وهي درجة تعادل درجة الاجتهاد في المذهب.
ومن جهة أخرى ظهر لنا أيضًا الاختلاف في ضبط المنوَّر والأدمي كما قدمنا، فمنهم من يقول هو المنوَّر كما في "الدر المنضد"، ومنهم يقول هو المنوَّر كما في "الإِنصاف" في طبعته الأخيرة؛ وكذا نسبته للعلامة الأدمي فمنهم من يقول هو الأَدَمي كما في "الدر المنضد" للعليمي، ومنهم من يقول
(1) انظر: الشويكي، العلامة أحمد بن محمد "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح"، تحقيق: ناصر الميمان (1/ 159).