الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجراح
(1)
القتل ثلاثة أضرب:
عمد، ولا قَود إلَّا به. وهو أن يقصد مَنْ يعلمه آدميًّا معصومًا فيقتله بما يقتل غالبًا. أو بشهادةٍ زورًا، أو يغرزه بإبرة في مقتل فيموت في الحال، أو في غيره فيبقى ضِمْنًا (2) حتى يموت. أو يقتله بجوع، أو عطش، أو سحر.
فأما إن سم طعامه فأكله بالغ عاقل، [أو خلطه](3) بلا إذنه أو عالمًا به فلا قَوَد. وإن قطع حشوته (4) وضرب الآخرُ عنقه قُتِل الأول وعُزِّر الثّاني. وإن قطع يده، وضرب الآخر عنقه، قتل الثّاني، وعلى الأول دية يده. وإن رماه من شاهق فالتقاه آخر بسيف فقده (5) قتل الثّاني. وإن قتله المأمور
(1) قوله: "كتاب الجراح"، كما في المحرر (2/ 122)، والجناية هي العدوان على نفس أو مال لكنها في العرف مخصوصة بما يحصل فيه التعدِّي على بدن بما يوجب قصاصًا أو مالًا (ص 285).
(2)
قوله: "ضمنًا"، أي: لزم مكانه، انظر:"أساس البلاغة"(ص 272).
(3)
ما بين المعكوفتين غير ظاهر في الأصل وغير مقروء، وما أثبتناه من المحرر وبه يتم المعنى، انظر: المخطوط (صحيفة 129، ورقة 128 - 129)، وانظر: المحرر (2/ 122).
(4)
قوله: "حشوته"، أي: أمعاؤه، المطلع (ص 358).
(5)
قوله: "فقده"، بفتح الدال وشدها، القد: الشق طولًا، صحاح (ص 522)، ومنه قوله تعالى:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 25].
المكلف عالمًا حظر القتل قُتل، وأُدِّب الآمرُ، وإلَّا قُتل. ويقتل المباشرُ ويحبس الردء (1) حتى يموت. وإن عفى عن أحد جارحيه، ثم مات قتل الآخر. وإن اشتركا وأحدهما لا يقاد منفردًا قتل شريكه.
ولا يقتل شريك سبع، ونفسه، ومقتص، ومعالج جرح، ومخطئ وعليه نصف الدية.
وشبه العمد، وهو أن يقصده بما لا يقتل غالبًا من نعل، وسحر، وصيحة غفلة، فلا قود، والدية على العاقلة.
وخطأ (2) وهو ضربان: أن يقتل برمي صيد أو حفر بئرٍ (3)، أو انقلاب نوم، أو نحوه، أو حال صغر، أو جنون، فلا قود، والدية على العاقلة، والكفارة عليه. الثّاني: أن يقتل مسلمًا بدار الحرب يظنه حربيًّا، أو يرمي صف الكفار، فلا قود ولا دية، والكفارة عليه.
فصل (4)
ومن قتل حربيًّا أو زانيًا محصنًا فلا قود (5). والاعتبار بحالة الجناية. فلو رمى كافر مسلمًا فلم يصبه حتى ارتد قتل، ولا عكس. وإن قطع مسلم
(1) الردء: هو المعاون الذي أعان المباشر للقتل. صحاح (ص 231)، والمطلع (ص 376).
(2)
قوله: "وخطأ" أي: وقتل خطأ.
(3)
قوله: "أو حفر بئر"، هذا ما ظهر من قراءة الأصل، انظر: المخطوط، (صحيفة 129، ورقة 128 - 129)، وفي المحرر "كحفر بئر" وألحقه بالقتل الخطأ (2/ 124).
(4)
قوله: "فصل"، يقابله:"باب ما يشرط لوجوب القود" في المحرر، انظر:(2/ 125)، وهو زد (71).
(5)
القود: بفتح المثناة والواو، القصاص.
مسلمًا فارتد ثم مات فلا قود، لكن يجب الأقل من دية النفس أو الطرف. فإن عاد إلى الإِسلام ثم مات، فالقود مع العمد، والدية مع الخطأ. وقتل المكلف بإذنه هدر، ومع الرق قيمته.
ويقتل العبد بالعبد، والمرتد بالذمي، والذمي بالمستأمن، والكتابي بالمجوسي.
ومن قتل مجهولًا فادَّعى رقّه أو كفره أو موته ولا بيّنة قُبِل. ولا يقتل مكاتب بعبده، وإن كان ذا رحم، ولا والد وإن علا بولده. ويقتل الولد به، ومتى ورث القاتل أو ولده شيئًا من الدم فلا قود. فلو قتل زوجته وله منها ولد فمات، أو أحد ابنين أباه والآخر أمه فلا قود على الزوج وقاتل الأب. ويقتل المكلف بضده ولا عكس، والذكر بالأنثى وتسقط باقي الدية.
فصل (1)
وشروط القود فيما دون النفس: العمد المحض، والمساواة في الاسم والموضع، ومراعاة الصحة والكمال، وإمكان الاستيفاء بلا حيف (2).
فأما المعيب فيؤخذ بمثله وبالصحيح مع الأمن وله الأرش. ودعو الجاني (3) نقص العوض لغو. فيوضح من الجاني بقدر ما يوضح مع كبر العضو وصغره في الجهة، ويأخذ أرش الزائد. وفى بعض الأذن،
(1) قوله: "فصل"، يقابله في المحرر:"باب القود فيما دون النفس"(2/ 126) وهو زد (72).
(2)
انظر: الغاية (3/ 263)، وانظر: الشرح الكبير (25/ 232)، والإقناع (4/ 193).
(3)
قوله: "ودعو الجاني. . . " إلخ، هكذا في الأصل، وفي المحرر:"وإن ادَّعى الجاني نقص العضو"(2/ 127).
والمارن (1)، والشفة، والذكر، مثله إلَّا اللسان. ويُبرد من السن مع الأمن. وإن شجّه مأمومة (2) أو مُنَقِّلة أو هاشمة أوضحه، وله أرش الزائد. فإن أوضحه فذهب بصره أو سمعه (3) أو شمه أوضح. فإن ذهب بذلك، وإلَّا فبدواء، فإن خيف تلف العضو فالدية كَمُتلف جناية لا قَود فيها. ولا قود ولا دية فيما يُرجى عودُه أو عود نفعِه. فإن مات فيها فديةُ السن والظفر. والقود أو الدية فيما سواهما، حيث شرع وإن عاد ناقصًا فحكومة. وللجاني ما غرم أو أرش مقتصه، فإن عاد رد ما أخذ وللمجني إزالته. ودعوى الجاني عود ذاهب الميت لغو. وإن جهلت أفعال الشركاء أقيدوا، وفى تالف سراية الجناية القود [أو الدية](4)، وفي الشلل الأرش. وسراية (5) القود هدر، إلَّا قهرًا مع خوف، أو برد، أو حر، أو بألة كالّة (6)، فيضمن
(1) قوله: "المارن"، أي: مارن الأنف وهو ما لان من طرفه. المطلع (ص 362)، "معجم لغة الفقهاء"(ص 396).
(2)
قوله: "مأمومة أو مُنقّلة أو هاشمة"، المأمومة: الجرح في الرأس إذا وصلت أم الدماغ أو جلدة الدماغ، المنقلة: هي التي توضح العظم وتهشم العظم وتنقله، والهاشمة: التي تهشم العظم تصيبه وتكسره وتبرزه. انظر: المطلع (367)، ونيل المآرب (2/ 343).
(3)
قوله: "أو سمعه أو بصره"، ليست في الصلب بل في هامش المخطوط، انظر:(صفحة 130، ورقة 130، 131).
(4)
ما بين المعقوفتين غير مقروء في الأصل، ومفهوم العبارة في المحرر كما أثبتناه (2/ 130)؛ وعبارة الوجيز:"وسراية الجناية تضمن في النفس فما دونها بقود أو دية"(5/ 524).
(5)
قوله: "وسراية"، تجاوز العطب عما هو مقرر في الحد إلى غيره، كمن اقتص فيه بقطع إصبعه فالتهب وسرى إلى جميع البدن فمات الإنسان منه. "معجم لغة الفقهاء"(ص 243)، والمطلع (ص 315).
(6)
وقوله: "بآله كالة"، أي: غير حادَّة.