الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث أبرز مميزات عصر الأدمي السياسية والعلمية وأبرز الماجريات
ذكرنا آنفًا أن العلامة الإِمام أحمد بن محمد الأدمي البغدادي قد عاش في الفترة التي قلت فترة الإِمام المجد ابن تيمية (590 - 652 هـ)، وأنه قد توفي ما بين 740 - 749 هـ كما قرره ابن قاضي شهبة تحت عنوان "عام" هو "سنة تسع وأربعين وسبعمائة"، ثم "خصصه" بعنوان آخر هو:"وممن توفي بعد الأربعين ولم يذكروا سنة وفاته"(1).
امتاز عصر الأدمي -إذا سلمنا أنه عاش حتى السنوات التسع عقب عام 740 هـ وما سبقها- بخصائص سياسية وعلمية، وكذلك حوادث مما يلقي شيئًا من الضوء على مسألة غموض معرفة سنوات حياته ووفاته، وكذلك على مكانته العلمية والبيئة التي عاش فيها في ذلك العصر الوفير.
ظهور المغول وسقوط بغداد سنة 656 ه
ـ
عاش الأدمي بناء على ما ذكرنا آنفًا في فترة المماليك التي تعرف بـ "المماليك البحرية" التي حكمت بلاد الشام ومصر منذ عام 648 هـ إلى عام 784 هـ سموا بذلك لنزولهم في ثكنات عسكرية في جزيرة الروضة على
(1) انظر: تاريخ ابن قاضي شهبة، ص 657.
بحر النيل. أما بغداد مقر الخلافة، فقد سقطت في أيدي المغول التتار على يد الطاغية هولاكو في سنة 656 هـ، فدمروا البلاد وقتلوا العباد واستباحوا المحرمات وصارت بغداد تحت دولتهم المسماة:"الدولة المغولية الإِيلخانية".
قال ابن العماد في حوادث سنة 656 هـ:
"ففي هذه السنة 656 هـ قتل الخليفة المستعصم باللَّه أبو أحمد عبد اللَّه ابن المستنصر باللَّه أبي جعفر المنصور آخر الخلفاء، وكانت دولتهم خمسمائة سنة وأربعًا وعشرين سنة (1). وكان قتله على يد الطاغية هولاكو وذلك بتواطؤ وخيانة الوزير ابن العلقمي، وفي ذلك يقول الشاعر:
يا عصبةَ الِإسلامِ نُوحي وانْدُبي
…
حزنًا على مأتم للمستعصم
دَسْت الوزارة كان قبلَ زمانهِ
…
لابن الفُرات فصار لابن العلقمِي
ويضيف: "ولما فرغ هولاكو من قتل الخليفة وأهل بغداد أقام على العراق نوابه، وكان ابن العلقمي حسَّن لهم أن يقيموا خليفة علويًا فلم يوافقوه واطرحوه وصار معهم في صورة بعض الغلمان ومات كمدًا لا رحمه الله"(2).
وقال ابن العماد رحمه الله أيضًا:
"وفي عام 664 هـ هلك هولاكو بن قولي قان بن جنكز خان المغولي مقدم التتار وقائدهم إلى النار الذي أباد البلاد والعباد. . . مات على كفره في هذه السنة بعلة الصرع، فإنه اعتراه منذ مقتل الشهيد صاحب ميافارقين الملك
(1) ابن العماد، "شذرات الذهب في أخبار من ذهب"(5 - 6/ 270)، دار الآفاق العربي - بيروت.
(2)
ابن العماد، "شذرات الذهب"(5 - 6/ 272).
الكامل غازي حتى كان يصرع في اليوم مرتين. . . خلَّف 17 ابنًا، تملك بعده ابنه أبغا (1).
واستمر العداء مع التتار، ولم تتعدل الأوضاع إلَّا بدءًا من عام 694 هـ، وذلك عندما أعلن السلطان الخاني غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو إسلامه وتسمى باسم محمود، وتلقب بـ السلطان معز الدين، فدخل بسبب إسلامه كثير من الأمراء ورجالات الدولة المغولية وانتشر الإِسلام في أوساط التتار، ورغم ذلك فإن العداوة بين المغول في بغداد ودولة المماليك في مصر والشام ظلت باقية وتعرضت كثير من مدن الشام للخراب على أيدي التتاريين، وكانت الحروب بين التتار والمماليك سجالًا. فقد هجم التتار على حمص والبقاع ودمشق؛ يقول الذهبي في "دول الإِسلام": ثم دخلت التتار دمشق وشرعوا في المصادرة والعسف ونهبوا الصالحية وسبوا أهلها وأتعبوا الخلق. . . ثم إن اللَّه لطف وألقى في قلب قازان فأمر الأمراء بالكف عن دمشق. . . " (2).
ثم جاء بعد ذلك السلطان خدا بنده بن أرغون بن أبغا بن هولاكو (703 - 716 هـ)، وكان حسن السيرة لكنه تبنى المذهب الشيعي وعادى أهل السنَّة، وشهدت البلاد رغم ذلك رخاء، كما أنه استمر على عداء المماليك في مصر والشام.
ثم حكم السلطان بوسعيد بن محمد خدا بنده (716 - 736 هـ) وكان صغير السن في بداية حكمه واستمر إلى أن تولى الأمور بنفسه ثم تحسنت
(1) ابن العماد، "شذرات الذهب"(5 - 6/ 317).
(2)
الإِمام الذهبي، "كتاب دول الإسلام"(1/ 182 - 183) و (1/ 208 - 209) وغير ذلك.