الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التدبير
(1)
من صحَّت وصيته فقال لرقيقه: أنت مُدَبّر (2) عتقَ لموته من ثلثه. وإن علَّقه بشرط ومات قبل وجوده بطل. وإن قال: إن شئت خص بالمجلس، وإن قال: إذا، أو متى شئت، لزم متى شاء. وإن علقه على موته، أو خدمة زيد سنةً صح. فإن أبرأه زيد من الخدمة عتق في الحال. فإن كانت الخدمة الموصى بها لكنيسة وهما كافران فأسلم العبد قبل تمامها عتق مجانًا.
ويصح بيع المدبر (3)، فإن عاد فاشتراه عاد تدبيره. وإن أسلم مدبر لكافر أزيل ملكه عنه. وإن دبر موسر شركًا (4) لم يَسْرِ. وله وطء مدبرته، وأم ولده، وولدهما من غيره بمنزلتهما.
باب الكتابة
(5)
من صح بيعه استحب له كتابة مكتسِب أمين، ويعتبر في المرض من رأس المال. وتنعقد بقوله: كاتبتك على كذا. ولا تصح إلَّا على عوض مباح
(1) قوله: "باب التدبير"، كما في المحرر (2/ 6).
(2)
قوله: "أنت مُدبّر"، من التدبير، والمدبر بتشديد الموحدة وفتحها هو تعليق العتق بالموت كقوله لرقيقه:"إن مت فأنت حرٌّ بعد موتي"، سُمِّي بذلك لأنَّ الموت دبر الحياة. "هداية الراغب"(2/ 447).
(3)
قوله: "ويصح بيع المدبر"، قال في "مغني ذوي الأفهام": وفاقًا للشافعي (ص 350)، خلافًا للحنفية والمالكية.
(4)
قوله: "شركًا"، الشرك: الحصة والنصيب، "المطلع"(ص 315)، "الصحاح"(ص 336).
(5)
قوله: "باب الكتابة"، وفاقًا للمحرر (2/ 7)، وهو بيع سيد رقيق نفسه بمال في ذمته مباح معلوم يصح فيه السلم منجم نجمين فصاعدًا يعلم قدر كل نجم، الغاية (2/ 433).
معلوم، منجّم (1) بنجمين فأكثر، يعلم لكل نجم قسطه. فمتى أدى عتق. ولا تفسخ بموت السيد وجنونه. وله فسخها بالعجز عن أداء نجم حل. وللعبد تعجيز نفسه مع قدرته على الكسب ما لم يملك الوفاء.
وإِن شرط الخيار للسيد أو الولاء لغيره لغا الشرط. وإن فسدت لجهل العوض صارت جائزة من الطرفين فيحصل العتق فيها بالأداء دون الإِبراء. ويملك في الصحيحة التصرف فيحرم الربا بينهما. ويتبعه ولده من أمته وتصير أم ولده. ولا يتبعه من أمة سيده إلَّا بالشرط، وإن كان ولد أمته تبعها ولدها قنًّا كان أو مكاتبًا.
وله السفر وأخذ الصدقة ما لم يشترط تركها. ويمنع من زواج وقرض وتكفير بمال إلَّا بإذن. وولاء مكاتبه وعتيقه لسيده. وله قَبول ذوي رحمه بهبة ولا يبيعهم وكسبهم له، وحكمهم حكمه.
وإِن وطئ مكاتبه بلا شرط أُدب وعليه مهرها إن أكرهها وأجرة مدة حبلها. وله ربع كتابته (2) إذا أدى. ويصح وضع الربع عنه. وإذا أدى ثلاثة
(1) قوله: "منجم"، أي: مؤقت، وتطلق على القسط أيضًا من الدين يؤديه المدين للدائن، والمراد بالنجم هنا الوقت لأنَّ العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجوم، ولا يشترط التساوي، فلو جعل أحد النجمين شهرًا والآخر سنة، أو جعل قسط أحد النجمين عشرة والآخر خمسة جاز، انظر:"المطلع"(ص 316)، "معجم لغة الفقهاء"(ص 476)، و"نيل المآرب بشرح دليل الطالب"(2/ 122).
(2)
قوله: "وله ربع كتابته إذا أدى. . . "، قال في نظم المفردات:
وواجب إيتاء ربع المال
…
. . . . . . . . . . . . . . . .
قال البهوتي: أي على السيِّد أن يعطي المكاتب ربع المال إذا أدَّى إليه مال الكتابة (ص 226)، وقال في نيل المآرب بشرح دليل الطالب: ويجب على السيد بعد =
أرباع وعجز عنه فلسيده الفسخ وله أرش عيب العوض أو عوضه. وله كتابة شركة بلا إذن شريكه. وله من كسبه بقدر ما كاتب.
وإن كاتباه متفاضلين أدى بقدر ملكيهما. فإن خص أحدهما لم يعتق نصيبه إلَّا بإذن الآخر. وإن كاتب عبيده بعوض واحد قسم بقدر قيمهم يوم العقد. فمن أدى عتق وإن عجز الباقون. وإن ادَّعى الأداء إلى مكاتبيه الثلاثة فأنكر أحدهم شارك المقرِّين فيما قبضا، وقبلت شهادتهما عليه بعتق نصيبه. وإن اختلفا في قدر مال الكتابة حلف السيد.
وإن جنى فدا نفسه قبل نجم كتابته. فإن أعتقه سيده فله تعجيزه، وإن كانت على غيره فداه السيد بالأقل من الأرش أو القيمة، وإلَّا بيع فيها قنًّا (1)، وديونه تلزم ذمته. ومشتريه كسيده في الكتابه، وله الفسخ إن جهل كتابته. وإن اشترى كل من المكاتبين صاحبه صح الأول. فإن جهل بطلا. ومن مات وفي ورثته زوجة لمكاتبه انفسخ نكاحها. ومتى أسلم عبد كافر أزيل ملكه عنه، وليس له كتابته. وإن أولدها ثم كاتبها أو عكسه فأدَّت عتقت وكسبها لها. وإن مات ولم تؤد عتقت وكسبها للورثة.
= قبض جميع مال الكتابة أن يدفع للمكاتب ربع مال الكتابة؛ لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ، وظاهر الأمر الوجوب، قال الشافعي: وأما كونه ربع مال الكتابه فلما روى أبو بكر باسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ، قال: ربع الكتابه وروي مرفوعًا عن عليّ حديث علي رواه الحاكم عنه مرفوعًا بلفظ يترك للمكاتب الربع ورواه عنه مرفوعًا عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والنسائي. (كنز العمال 10/ 329، 356). اهـ (2/ 137 - 138).
(1)
قوله: "قنًّا"، القن هو العبد المملوك هو وأبواه، وفي اصطلاح الفقهاء الرقيق الكامل رقّه "المطلع"(ص 311).