الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[26]: قال ابنُ عطية في معرض حديثه عن القراءات الواردة في {كَلاَّ}
(1)
من قوله - تعالى-: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 81 - 82]: "وقرأ أبو نَهيك (كَلاً) بفتح الكاف والتنوين، حكاه عنه أبو الفتح
(2)
، وهو نعت لـ (آلِهَةً) ". اهـ
(3)
قال السمين الحلبي في أوجه قراءة أبي نهيك: "الرابع: أنه نعتٌ لـ (آلهة) قاله ابن عطية، وفيه نظرٌ؛ إذ ليس المعنى على ذلك، وقد يظهر له وجهٌ: أن يكونَ قد وَصَفَ الآلهة بالكَلِّ الذي هو المصدرُ بمعنى الإِعياءُ والعَجْز، كأنه قيل: آلهةً كالَّيْنَ، أي: عاجِزين منقطعين، ولمَّا وَصَفهم بالمصدر وَحَّده". اهـ
(4)
دراسة الاستدراك:
للعلماء في توجيه قراءة أبي نهيك بفتح الكاف والتنوين (كَلاًّ) أربعة أقوال:
1 -
أنّ (كَلاًّ) مصدر (كَلَّ)
(5)
وهو مفعول مطلق لفعل محذوف، والتقدير: كلَّ هذا الرأي والاعتقاد كلاًّ.
(1)
قراءة العامة: (كلاّ) بفتح الكاف، من غير تنوين، على أنه حرف ردع وزجر عن قول منكر، وقرأ أبو نهيك:(كُلاًّ) بضم الكاف بمعنى جميعاً، فهو حال، أي: سيكفرون جميعاً، وقرأ أبو نهيك أيضاً:(كَلاً) بفتح الكاف والتنوين. ينظر: تفسير الطبري (18: 251)، مختصر شواذ القرآن، لابن خالويه (ص: 89)، المحتسب، لابن جني (2: 45)، تفسير الزمخشري (3: 41)، تفسير ابن عطية (4: 31)، تفسير القرطبي (11: 149)، تفسير أبي حيان (7: 296)، فتح القدير، للشوكاني (3: 413).
(2)
ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (2: 45).
(3)
المحرر الوجيز (4: 31).
(4)
الدر المصون (7: 639).
(5)
كَلَّ كَلاًّ، وكَلالاً، وكَلالةً، أي: أعيا. ينظر: الصحاح، للجوهري، مادة: كلل (5: 1811)، المحكم، لابن سيده، مادة: كلل (6: 657).
قاله: ابن جنّي
(1)
، وأبو البقاء
(2)
، والمُنْتَجَب
(3)
الهمذاني
(4)
، والقرطبي
(5)
، وأبو
حيان
(6)
، والسمين
(7)
، وابن هشام
(8)
وغيرهم
(9)
.
قال ابن جنّي: "ينبغي أن تكون (كلاًّ) هذه مصدر كقولك: كلَّ السيف كلاًّ
(10)
، فهو إذًا منصوب بفعل مضمر، فكأنه لما قال- سبحانه-:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم: 81] قال الله -سبحانه- راداً عليهم: (كلاًّ)، أي: كَلَّ الرأي والاعتقاد كلاًّ". اهـ
(11)
(1)
ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (2: 45).
(2)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (2: 881).
(3)
مُنْتَجَبُ الدِّيْنِ بنُ أبي العِزِّ بنِ رَشِيد الهَمَذَانِيّ، أبو يوسف، المقرئ النحويّ، شيخُ القراء، قال عنه الذهبي:"كان رأسا في القراءات والعربية"اهـ، من مصنفاته: شرح المفصل، والفريد في إعراب القرآن المجيد، وشرح الشاطبية، توفي سنة 643 هـ. ينظر: معرفة القراء الكبار، للذهبي (ص: 343)، غاية النهاية، لابن الجزري (2: 310)، بغية الوعاة، للسيوطي (2: 300).
(4)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (4: 389).
(5)
ينظر: تفسير القرطبي (11: 149).
(6)
ينظر: تفسير أبي حيان (7: 295).
(7)
ينظر: الدر المصون (7: 638).
(8)
ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 251).
(9)
ينظر: تفسير البيضاوي (4: 19)، فتح القدير، للشوكاني (3: 413)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (3: 387).
(10)
ينظر: الصحاح، للجوهري، مادة: كلل (5: 1811)، المحكم، لابن سيده، مادة: كلل (6: 657).
(11)
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (2: 45).::
2 -
أنّ (كَلاًّ) بمعنى الردع، غير أن الواقف عليها قلب ألفها نوناً كما في:{قواريرًا}
(1)
.
قاله: الزمخشري
(2)
، وذكره المنتجب وجهاً محتملاً
(3)
، وضعّفه أبو حيان؛ لأن (كلاّ) التي للردع حرف، ولا وجه لقلب ألفها نوناً، وتشبيهه بـ {قواريرًا} ليس بجيّد؛ لأن {قواريرًا} اسم رجعَ به إلى أصله، فالتنوين فيه ليس بدلاً من ألف
(4)
.
3 -
أنّ (كَلاًّ) بمعنى الثقل
(5)
، كقوله:{وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} [النحل: 76]، وهو مفعول به لفعل محذوف، والتقدير: حملوا كلاًّ.
ذكره كلٌ من: المنتجب
(6)
، وأبو البقاء
(7)
، والسمين
(8)
، وابن هشام
(9)
وجهاً محتملاً.
(1)
من قوله - تعالى-: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)} [الإنسان: 15 - 16]، وفيها قراءات:
1 -
أ. في الوصل: قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم والكسائي وأبو جعفر وخلف والحسن والأعمش والأعرج (قواريراً، قواريراً) بتنوينهما معاً. ب. في الوقف: بالألف من غير تنوين (قواريرا، قواريرا).
2 -
أ. في الوصل: قرأ خلف وابن كثير وابن محيصن (قواريراً، قواريرَ) الأولى بالتنوين؛ لأنها رأس آية، والثانية بدون تنوين؛ لأنها ليست رأس آية. ب. في الوقف:(قواريرا، قواريرَ) بالألف في الأولى، وبدونها في الثانية.
3 -
أ. في الوصل: قرأ أبو عمرو وابن عامر وحفص واليزيدي وابن ذكوان: (قواريرَ، قواريرَ) بغير تنوين فيهما. ب. في الوقف: (قواريرا، قوارير) بالألف على الأولى لكونها رأس آية، وبدونها على الثانية.
4 -
قرأ حمزة ورويس في الوصل: بغير تنوين فيهما (قواريرَ، قواريرَ)، وفي الوقف:(قواريرْ، قواريرْ). ينظر: تفسير الطبري (24: 105)، السبعة، لابن مجاهد (ص: 663)، الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها، لمكي بن أبي طالب (2: 354)، المقنع، لأبي عمرو الداني (ص: 46)، تفسير أبي حيان (10: 363)، النشر في القراءات العشر، لابن الجزري (2: 395).
(2)
ينظر: تفسير الزمخشري (3: 41)، تفسير البيضاوي (4: 19).
(3)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (4: 389).
(4)
ينظر: تفسير أبي حيان (7: 296).
(5)
ينظر: تهذيب اللغة، للأزهري، مادة: كلّ (9: 330)، الصحاح، للجوهري، مادة: كلل (5: 1811).
(6)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (4: 389).
(7)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (2: 881).
(8)
ينظر: الدر المصون (7: 638).
(9)
ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 251).
4 -
أنّ (كَلاًّ) نعت لـ (آلهة)، وهو قول ابن عطية
(1)
، وقد تعقَّبه السمين ثم التمس له توجيهاً حيث قال:"وفيه نظرٌ، إذ ليس المعنى على ذلك، وقد يظهر له وجهٌ: أن يكونَ قد وَصَفَ الآلهة بالكَلِّ الذي هو المصدرُ بمعنى الإِعياءُ والعَجْز، كأنه قيل: آلهةً كالَّيْنَ، أي: عاجِزين منقطعين، ولمَّا وَصَفهم بالمصدر وَحَّده". اهـ
(2)
.
والقول الأول هو أقرب الأقوال للصواب، وقد قال به الجمهور، أما قول ابن عطية ففيه بُعد، وحاول السمين أن يقربه من القول الأول في توجيهه له، إلا أن هذا التوجيه لا يقويه، وقد ذكر السمين بأن فيه نظر؛ إذ ليس المعنى على ذلك، وهذا صحيح، فيبقى قول ابن عطية على ضعفه؛ لاسيما وأن ابن عطية قد تفرّد به، ولم يقل به أحدٌ من العلماء غيره.
* * *
(1)
ينظر: المحرر الوجيز (4: 31).
(2)
الدر المصون (7: 639).