‌ثانيا: التعريف بتفسير ابن عطية - استدراكات السمين الحلبي على ابن عطية

-‌

‌ مذهبه النحوي:

كان ابن عطية متبعاً للمذهب البصري في النحو، معجباً بآراء سيبويه

(1)

، وقد درس كتب البصريين وشروحها على أكثر من شيخ لا سيما كتاب سيبويه وكتاب الجمل في النحو

(2)

.

‌

‌ثانياً: التعريف بتفسير ابن عطية

.

اسم هذا التفسير: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

قال ابن عطية عن تفسيره: " قصدت فيه أن يكون جامعاً وجيزاً محرراً، لا أذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به، وأثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح رضي الله عنهم كتابَ الله

…

وسردت التفسير في هذا التعليق بحسب رتبة ألفاظ الآية من حكم، أو نحو، أو لغة، أو معنى، أو قراءة

…

وقصدت إيراد جميع القراءات: مستعملها وشاذها، واعتمدت تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ، كل ذلك بحسب جهدي وما انتهى إليه علمي، وعلى غاية من الإيجاز وحذف فضول القول".اهـ

(3)

ويعتبر تفسير ابن عطية من أحسن التفاسير وأعدلها، وقد اطلع على تصانيف مَن كان قبله فهذبها ولخصها، وهو مع ذلك حسن العبارة

(4)

.

قال أبو حيان

(1)

- مقارناً بين تفسير ابن عطية والزمخشري-: "كتاب ابن عطية أنقَل وأجمع وأخلص، والزمخشري ألخص وأغوص". اهـ

(2)

وقال ابن خلدون

(3)

: "فلمّا رجع النّاس إلى التّحقيق والتّمحيص، وجاء أبو محمّد بن عطيّة من المتأخرين بالمغرب فلخّص تلك التّفاسير كلّها، وتحرّى ما هو أقرب إلى الصّحّة منها، ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى". اهـ

(4)

فتفسير ابن عطية من التفاسير الجامعة المحررة، فاستحق أن يوصف بأنه (محرَّر)؛ فقد حرر ما هو محتاج إلى التحرير، وهو (وجيز) بالنسبة إلى التفاسير التي سبقته

(5)

.

وقد أضفى ابن عطية على تفسيره من روحه العلمية الفيّاضة ما أكسبه دقة، ورواجاً، وقبولاً، وصار أصدق شاهد لمؤلفه بإمامته في العربية وغيرها من النواحي العلمية المختلفة.

وهو في تفسيره يذكر الآية ثم يفسِّرها بعبارة سهلة، ويورد من التفسير المأثور، ويناقش المنقول أحياناً، وهو كثير الاستشهاد بالشعر العربي، ويحتكم إلى اللغة العربية عندما يُوجه بعض المعاني، وهو كثير الاهتمام بالصناعة النحوية، كما أنه يتعرض كثيراً للقراءات ويُنزل عليها المعاني المختلفة

(1)

.

ولكن يؤخذ على تفسير ابن عطية تأويل بعض آيات الصفات على مذهب الأشاعرة.

قال شيخ الإسلام: "وتفسير ابن عطية أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيرًا ما يدع ما يُنقل عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة، لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويُعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب". اهـ

(2)