الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}
[البقرة: 34]: " {إِذْ} من قوله: {وَإِذْ قُلْنَا} معطوف على {إِذْ} المتقدمة". اهـ
(1)
وقال السمينُ الحلبي: "العاملُ في {إذ} محذوفٌ دلَّ عليه قولُه: {فَسَجَدُوا} تقديرُه: أطاعوا وانقادُوا فسجدوا؛ لأنَّ السجودَ ناشئٌ عن الانقياد، وقيل: العاملُ (اذكُرْ) مقدرةً، وقيل:{إذ} زائدةٌ، وقد تقدَّم ضَعفُ هذين القولين.
وقال ابنُ عطية: " {وَإِذْ قُلْنَا} معطوفٌ على {إذ} المتقدمةِ" اهـ، ولا يَصِحُّ هذا؛ لاختلاف الوقتين". اهـ
(2)
دراسة الاستدراك:
(1)
المحرر الوجيز (1: 116).
(2)
الدر المصون (1: 271).::
في قوله -تعالى-: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} تحدث معربو القرآن عن {إذ} والعامل فيها، وموضعها الإعرابي، والحديث عن ذلك ينقسم إلى قسمين:
أولاً: قولهم في (إذ) والعامل فيها:
1 -
أنّ (إذ) زائدة، والمعنى: وقلنا للملائكة.
قاله: أبو عبيدة
(1)
، والحارث
(2)
المحاسبي
(3)
.
وضعّفه الجمهور
(4)
؛ لأن الزيادة إنما تكون في الحروف، أما الأسماء فلا تُزاد
(5)
.
2 -
أنّها ليست زائدة، والعامل فيها محذوف، والتقدير: واذكر إذ قلنا.
قاله: الباقولي
(6)
، والقرطبي
(7)
، وابن هشام
(8)
، والشوكاني
(9)
، وغيرهم
(10)
.
(1)
ينظر: مجاز القرآن (1: 36).
(2)
الحارِث بن أسَد المُحَاسِبيّ البغداديّ، أبو عبد الله، الزاهد، شيخ الصوفية، كان عالمًا بأصول الدين والمعاملات، من مصنفاته:(آداب النفوس) و (فهم القرآن) وهو من أقدم الكتب المصنفة في علوم القرآن، توفي سنة 243 هـ. ينظر: طبقات الصوفية، للسلمي (ص: 58)، حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصبهاني (10: 73 - 110)، سير أعلام النبلاء، للذهبي (12: 110).
(3)
ينظر: فهم القرآن (ص: 489).
(4)
ينظر: المحرر الوجيز (1: 116)، تفسير القرطبي (1: 291)، تفسير أبي حيان (1: 245)، الدر المصون (1: 271)، فتح القدير، للشوكاني (1: 78).
(5)
ينظر: تفسير أبي حيان (1: 245)، الدر المصون (1: 271).
(6)
ينظر: إعراب القرآن للباقولي المنسوب خطأً للزجاج (1: 13).
(7)
ينظر: تفسير القرطبي (1: 291).
(8)
ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (1: 111).
(9)
ينظر: فتح القدير (1: 78).
(10)
ينظر: الفواتح الإلهية، للنخجواني (1: 28)، السراج المنير، للخطيب الشربيني (1: 48)، روح البيان، لإسماعيل حقي (1: 103)، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، لابن عجيبة (1: 95)، تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (1: 125)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (1: 19).::
3 -
أن العامل فيها محذوف دلَّ عليه قوله: {فَسَجَدُوا} ، تقديره: انقادوا وأطاعوا؛ لأنّ السجودَ كان ناشئاً عن الانقياد للأمر.
قاله: أبو حيان
(1)
، ووافقه السمين الحلبي
(2)
.
ثانيًا: قولهم في العطف:
1 -
أنّ قوله: {وَإِذْ قُلْنَا} معطوف على {إذ} المتقدمة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 30].
قاله: الطبري
(3)
، والزجاج
(4)
، والواحدي
(5)
، وابن عطية
(6)
، وغيرهم
(7)
.
وضُعِّف بأنه لا يصح عطف الظرف في {وَإِذْ قُلْنَا} على الظرف في {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} ؛ لاختلاف الوقتين
(8)
.
(1)
ينظر: تفسير أبي حيان (1: 245).
(2)
ينظر: الدر المصون (1: 271).
(3)
ينظر: تفسير الطبري (1: 501).
(4)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه (1: 112).
(5)
ينظر: التفسير الوسيط (1: 119).
(6)
ينظر: المحرر الوجيز (1: 116).
(7)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (1: 226)، تفسير أبي السعود (1: 87)، التفسير المنير، للزحيلي (1: 132)، المجتبى، لأحمد الخراط (1: 16)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 6).
(8)
ينظر: تفسير أبي حيان (1: 245)، الدر المصون (1: 271).::
2 -
أنّ قوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ} معطوف على قوله: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}
…
[البقرة: 29]، أي: خلقَ لكم ما في الأرض وقال للملائكة اسجدوا لآدم.
قاله: الطاهر بن عاشور
(1)
.
3 -
أن ما جاء في هذه الآية هو مِن عطف القصة على القصة.
قاله: البيضاوي
(2)
، والآلوسي
(3)
، وغيرهما
(4)
.
والراجح: أن {إذ} مفعول به لفعل محذوف، والتقدير: واذكر إذ، ولا يجوز أن نجعلها ظرفًا لـ (أذكر) محذوف.
قال ابنُ هشام عن جعْلها ظرفًا لـ (أذكر): "وهذا وهم فاحش، لاقتِضائه حينئذٍ الأمر بالذكر في ذلِك الوقت مع أن الأمر للاستقبال وذلك الوقت قد مضى قبل تعلق الخطاب بالمكلفين منا، وإنَّما المراد ذِكر الوقت نفسه لا الذِّكر فيه". اهـ
(5)
(1)
ينظر: التحرير والتنوير (1: 396).
(2)
ينظر: تفسير البيضاوي (1: 70).
(3)
ينظر: تفسير الآلوسي (1: 230).
(4)
ينظر: تفسير أبي السعود (1: 87)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (1: 397).
(5)
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (1: 111).::
وفي القرآن تُذكر (إذ) كثيرًا مقرونة بواو العطف مِن غير ذكر العامل فيها إذا كان الكلام في معرض تعداد النعم، وتكرار القصص، فيشير بالواو العاطفة إليه، كأنه مذكور في اللفظ؛ لعلم المخاطب بالمراد
(1)
.
والراجح: أن العطف هنا هو عطْف القصة على القصة، لا مِن عطْفِ الظرفِ على الظرف -كما قال ابنُ عطية-، ولا هو مِن عطْفِ الجملة على الجملة، فالسياق يدل على عطف القصة على القصة، وهي نعمة أخرى جليلة عدّها عز وجل على عباده
(2)
، حَقيقةٌ بالذكر والتذكيرِ على حِيالها
(3)
، وسياق الآيات عبارة عن قصص متتالية.
قال ابن عاشور عن عطف القصة على القصة هنا: "ويؤيده أنها تُبتَدأ بها القصص العجيبة الدالة على قدرة اللَّهِ - تعالى-، ألا ترى أنها ذُكرت في قوله - تعالى-: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ولم تُذكَر فيما بينهما، وتكون (إِذْ) اسم زمانٍ مفعولاً به بتقدير: اذكر، ونظيره كثيرٌ في القرآن، والمقصود مِن تعليق الذِّكر والقصة بالزمان إنَّما هو ما حصل في ذلك الزمان من الأحوال". اهـ
(4)
* * *
(1)
ينظر: نتائج الفكر في النحو، للسُهَيلي (ص: 206).
(2)
ينظر: تفسير البيضاوي (1: 70)، تفسير الآلوسي (1: 230).
(3)
ينظر: تفسير أبي السعود (1: 87).
(4)
التحرير والتنوير (1: 397).