الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[4]: قال ابنُ عطية عند إعرابه لقوله - تعالى-: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
[البقرة: 42]: " {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملة في موضع الحال، ولم يشهد لهم -تعالى- بعلم وإنما نهاهم عن كتمان ما علموا، ويحتمل أن تكون شهادة عليهم بعلم حق مخصوص في أمر محمد عليه السلام، ولم يشهد لهم بالعلم على الإطلاق، ولا تكون الجملة على هذا في موضع الحال". اهـ
(1)
وقال السمين الحلبي: "قولُه: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ في محلِّ نصب على الحال".
وتحدث السمينُ بالتفصيلِ عن عامِلِها، ثم قال:"وأجاز ابنُ عطية ألاَّ تكونَ هذه الجملةُ حالاً فإنه قال: "ويُحْتمل أن تكونَ شهادةً عليهم بعِلم حقٍّ مخصوصٍ في أمرِ محمدٍ عليه السلام، ولم يَشْهَدْ لهم بالعلمِ على الإِطلاق، فعلى هذا لا تكونُ الجملةُ في موضعِ الحال" اهـ، وفيما قاله نظرٌ ". اهـ
(2)
دراسة الاستدراك:
أجمعَ معربو القرآن على أن قوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملة في موضع نصب على الحال
(3)
.
(1)
المحرر الوجيز (1: 136).
(2)
الدر المصون (1: 323).
(3)
ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (1: 50)، مشكل إعراب القرآن، لمكي بن أبي طالب (1: 92)، المحرر الوجيز (1: 136)، البيان في إعراب غريب القرآن، للأنباري (1: 80)، التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء (1: 58)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (1: 245)، تفسير القرطبي (1: 342)، تفسير أبي حيان (1: 291)، الدر المصون (1: 323)، فتح القدير، للشوكاني (1: 89)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (1: 472)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (1: 116)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (1: 93)، تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (1: 152)، التفسير المنير، للزحيلي (1: 95)، المجتبى، لأحمد الخراط (1: 19)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (1: 23)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 46)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 7)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 12).
قال أبو جعفر النحّاس: " {وَأَنْتُمْ}: مبتدأ، {تَعْلَمُونَ}: فعل مستقبل في موضع الخبر، والجملة في موضع الحال". اهـ
(1)
وقال عبد الرحمن الأنباري: " {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملة اسمية في موضع نصب على الحال مِن المضمر في (تَكْتُموا) ". اهـ
(2)
وأجاز ابنُ عطية وجهًا آخر حيث قال: "ويحتمل أن تكون شهادة عليهم بعلم حق مخصوص في أمر محمد عليه السلام، ولم يشهد لهم بالعلم على الإطلاق، ولا تكون الجملة على هذا في موضع الحال" اهـ
(3)
، يعني أن الجملة معطوفة، وليست حالية
(4)
.
وهذا الوجه الذي أجازه ابنُ عطية لا حاجة إليه، فعطْفُ الجُملة الخبرية الثبوتية {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} على ما قبلها مِن جملة النهي {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} وإن كان جائزًا من الناحية النحوية، إلاّ أن معنى الآية وتفسيرها لا يدل على ذلك، وليس كل ما جاز في النحو جاز في إعراب القرآن، بل لابد مِن اختيار الوجه الإعرابي الموافق لتفسير الآية.
(1)
إعراب القرآن (1: 50).
(2)
البيان في إعراب غريب القرآن (1: 80).
(3)
المحرر الوجيز (1: 136).
(4)
ينظر: تفسير أبي حيان (1: 291).
قال ابن القيّم: "لا يجوز أن يحمل كلام الله عز وجل ويفسر بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام ويكون الكلام به له معنى ما، فإن هذا مقام غلط فيه أكثر المعربين للقرآن". اهـ
(1)
وظاهر كلام المفسرين يدل على أن قوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملة حالية مرتبطة بما قبلها في المعنى، أي: ولا تكتموا الحق أي: أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم تعلمون أنه حق ونبيٌ مرسل في الكتب التي بأيديكم
(2)
.
قال ابنُ عباس رضي الله عنه في تفسيره لهذه الآية: "لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وما جاء به، وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم".
(3)
وقال مجاهد: "يكتم أهل الكتاب محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل".
(4)
وقال الزجاج: " {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: تأتون لبسكم الحق وكتمانه على علمٍ منكم وبصيرة". اهـ
(5)
ونظير هذه الآية قوله - تعالى-: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146]
* * *
(1)
بدائع الفوائد (3: 27).
(2)
ينظر: تفسير السمرقندي (1: 48)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (1: 252)، تفسير الماوردي (1: 113)، تفسير السمعاني (1: 72)، تفسير البغوي (1: 110)، تفسير ابن كثير (1: 245).
(3)
تفسير الطبري (1: 571)، تفسير ابن أبي حاتم (1: 98).
(4)
تفسير الطبري (1: 571).
(5)
معاني القرآن وإعرابه (1: 124).