الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السمين الحلبي: "وقرأ طلحة أيضاً (أَفْلَحُ) بفتح الهمزة واللام وضمِّ الحاء، وتخريجُها على أنَّ الأصلَ (أَفْلحوا المؤمنون) بلحاقِ علامةِ جمعٍ قبل الفاعلِ كلغة «أكلوني البراغيث» ، فيجيءُ فيها ما قَدَّمْتَه في قوله:{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}
(1)
[المائدة: 71]، {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3]
(2)
".
ثم قال: "وقال ابن عطية: "وهي قراءةٌ مردودةٌ".
قلت: ولا أدري كيف يَرُدُّونها مع ثبوتِ مِثْلِها في القرآن بإجماع وهما الآيتان المتقدمتان؟ ".اهـ
(3)
دراسة الاستدراك:
ردّ ابنُ عطية قراءة طلحة بن مصرّف: (أَفْلَحُ) بفتح الهمزة واللام وضمِّ الحاء، وأصلها:(أفلحوا)، وتعقبه السمين في ذلك، ودافع عن هذه القراءة بقياسها على قراءتين متواترتين، وهما قوله -تعالى-:{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: 71]
(4)
، وقوله: {
…
وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3].
(1)
ينظر: الدر المصون (4: 371).
(2)
ينظر: المصدر السابق (8: 132).
(3)
المصدر السابق (8: 314).
(4)
قيل في إعراب (كثيرٌ) ثلاثة أوجه:
1 -
مرفوع على البدل من الضمير - الواو-.
2 -
مرفوع على أنه فاعل، والواو للجمعية لا للفاعل، هذا على لغة من قال: أكلوني البراغيث.
3 -
خبر مبتدأ محذوف، أي: العُمْي والصُّمُ كثير منهم. ينظر: معانى القرآن، للأخفش (1: 286)، البيان في إعراب غريب القرآن، للأنباري (1: 257)، تفسير الفخر الرازي (12: 407)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (2: 477)، تفسير القرطبي (6: 248).::
وما جاء في الآيتين وفي قراءة طلحة هو على لغة «أكلوني البراغيث» ؛ بمجيء علامة جمع أو تثنية في الفعل قبل الفاعل
(1)
.
قال ابنُ مالك: "وقد تكلم بهذه اللغة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار)
(2)
". اهـ
(3)
وقال ابنُ رجب
(4)
: "قوله: (يتعاقبون فيكم ملائكة) جمع فيه الفعل مع إسناده إلى ظاهر، وهو مُخَرّج على اللغة المعروفة بلغة «أكلوني البراغيث»، وقد عرّفها بعض متأخري النحاة بهذا الحديث، فقال: هي لغة يتعاقبون فيكم ملائكة". اهـ
(5)
(1)
ينظر: تفسير الزمخشري (3: 174)، كشف المشكلات، للباقولي (ص: 225)، تفسير الفخر الرازي (23: 258)، إعراب القراءات الشواذ، لأبي البقاء (2: 153)، فتح القدير، للشوكاني (3: 560).
(2)
متفق عليه: رواه البخاري في صحيحه (1: 115) كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، ح (555)،، وفي كتاب التوحيد، باب قول اللَّه -تعالى-:{تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، ح (7429)، (ج 9: ص 126)، ورواه مسلم في صحيحه (ج 1: ص 439) كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، ح (632).
(3)
شرح الكافية الشافية (2: 581).
(4)
عبد الرحمن بن أحمد بن رَجَب البغداديّ ثم الدمشقيّ، الحنبليّ، زينُ الدينِ، أبو الفَرَج، الإمام، الحافظ، الفقيه، الواعظ، من مصنفاته:(شرح علل الترمذي) و (فتح الباري) في شرح صحيح البخاري، و (جامع العلوم والحكم) و (طبقات الحنابلة)، توفي سنة 795 هـ. ينظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر (3: 108)، ذيل طبقات الحفاظ، للسيوطي (1: 243).
(5)
فتح الباري، لابن رجب (4: 326).::
وقال ابن حجر: "وقد تكلف بعضُ النُّحاةِ ردَّ هذه اللُّغةِ إلى اللُّغةِ المشهورة وهي أن لا يُلحقَ علامة الجمع ولا التثنية ولا التأنيث في الفعل إذا تقدم على الأسماء، وخَرَّجَ لها وجوهًا
وتقديرات في غالبها نظرٌ، ولا يُحتاجُ إلى ذلك بعدَ ثبوتها نقلاً، وصحتها استعمالاً". اهـ
(1)
فالراجح أن قراءة طلحة صحيحة من الناحية اللغوية، واستدراك السمين على ابن عطية وارد؛ وفي مجيء هذه اللغة في القرآن والسنة - وهما أفصح الكلام- دليل على صحتها.
* * *
(1)
فتح الباري، لابن حجر (9: 257).::