الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: موقف السمين مما ينقله عن ابن عطية:
1 - النقل دون تعقيب
.
فكثيرًا ما يذكر أقوال ابن عطية دون استحسان أو مناقشة.
مثال ذلك: عند حديثه عن (مِن) الثانية في قوله - تعالى-: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر: 79] قال
(1)
: " قال ابنُ عطية: "هي لبيانِ الجنسِ".اهـ
(2)
ولم يعقّب على هذا القول.
2 - استحسان قوله، والدفاع عنه
.
فهو أحياناً يستحسن ما يقوله ابن عطية ويوافقه.
مثال ذلك: عند كلامه عن معنى قوله (أصبحتم) في قوله - تعالى-: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] قال: قال ابن عطية: " {فأصبحتم} عبارةٌ عن الاستمرار، وإن كانت اللفظة مخصوصةً بوقت ما، وإنما خُصَّتْ هذه اللفظةُ بهذا المعنى من حيث هي مبدأُ النهار، وفيها مبدأُ الأعمالِ، فالحالُ التي يُحِسُّها المرءُ مِنْ نفسه فيها هي حاله التي يستمر عليها يومُه في الأغلب"
(3)
، ثم قال السمين: "وهذا
(1)
الدر المصون (9: 501).
(2)
المحرر الوجيز (4: 571).
(3)
المحرر الوجيز (1: 484).
الذي ذكره ابنُ عطية معنىً حسن، وإذا لم ينصّ عليه النحويون لا يُدفَع؛ لأَنَّ النحاةَ غالِباً إنما يتحدثون بِما يتعلَّقُ بالألفاظ، وأمَّا المعاني المفهومةُ من فحوى الكلامِ فلا حاجةَ لهم بالكلامِ عليها غالباً".
…
اهـ
(1)
وتارة نجده يقف موقف المدافع عن أقوال ابن عطية والموضح لها أمام مَن ينتقدها، لاسيما صاحب البحر المحيط الذي اعترض على ابن عطية كثيرًا في كتابه.
مثال ذلك: في كلامه عن تصريف كلمة {أسرع} في قوله - تعالى-: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} [يونس: 21] قال: " جعله ابن عطية
(2)
- أعني كونَ أسرع للتفضيل - نظيرَ قوله: "لهي أسودُ مِنَ القار"
(3)
، قال الشيخ: وأما تنظيره "أسود من القار" بـ (أسرع) ففاسد؛ لأن (أسود) ليس فعلُه على وزِن أَفْعَل، وإنما هو على وزن فَعِل
…
ولم يمتنع التعجب ولا بناء أفعل التفضيل عند البصريين مِنْ سَوِدَ وحَمِرَ إلا لكونه لوناً".اهـ
(4)
ثم قال السمين ردًا على أبي حيان: "تنظيره به ليس بفاسد، لأنَّ مرادَه بناءُ أفعل مما زاد على ثلاثة أحرف وإن لم يكن على وزن أَفْعَل، وسَوِد وإن كان على ثلاثةٍ لكنه في معنى الزائد على ثلاثة، إذ هو في معنى اسود
…
نصَّ على ذلك النحويون، وجعلوه هو العلةَ المانعةَ من التعجب في الألوان". اهـ
(5)
(1)
الدر المصون (3: 335).
(2)
ينظر: المحرر الوجيز (3: 112).
(3)
رواه مالك في الموطأ (2: 994) عن أبي هريرة موقوفاً، باب ما جاء في صفة جهنم، ح (2)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. قال ابنُ عبد البَرّ في الاستذكار (8: 593): "ومعناه مرفوعٌ لأنه لا يُدرَكُ مِثلهُ بالرأي ولا يكونُ إلا توقيفاً" اهـ.
(4)
ينظر: تفسير أبي حيان (6: 31).
(5)
الدر المصون (6: 167).