الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسة الاستدراك:
أولاً: أقوال العلماء في إعراب (غير) من قوله -تعالى-: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا} :
لهم في ذلك أربعة أقوال:
1 -
أنّ قوله: {غيْرَ} منصوب على الحال؛ لأنّ الصفة إذا تقدمت على الموصوف انتصبت على الحال، فقوله:{غيْرَ} صفة تقدمت على الموصوف {إلهاً} فانتصبت على الحال.
قاله: عبد الرحمن الأنباري
(1)
، وذكره عددٌ من العلماء وجهًا محتمَلاً، منهم: ابن عطية
(2)
،
والباقولي
(3)
، والفخر الرازي
(4)
، والمنتجب الهمذاني
(5)
، وغيرهم
(6)
.
قال عبد الرحمن الأنباري: " {غيْرَ اللهِ} منصوب على الحال؛ لأن صفة النكرة إذا تقدمت عليها انتصبت على الحال". اهـ
(7)
وقال الباقولي: "ولا يجوز أن يكون {غَيْر} صفة لـ {إِلَهًا}؛ لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف". اهـ
(8)
(1)
ينظر: البيان في إعراب غريب القرآن (1: 315).
(2)
ينظر: المحرر الوجيز (2: 448).
(3)
ينظر: كشف المشكلات في إعراب القرآن وعلل القراءات (ص: 291).
(4)
ينظر: تفسير الفخر الرازي (14: 351).
(5)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (3: 121).
(6)
ينظر: تفسير النيسابوري (3: 310)، التفسير المنير، للزحيلي (9: 74).
(7)
البيان في إعراب غريب القرآن (1: 315).
(8)
كشف المشكلات في إعراب القرآن وعلل القراءات (ص: 291).
2 -
أنّ قوله: {غَيْرَ} منصوب على الاستثناء، وقد تقدم هنا على المستثنى منه {إِلَهًا} .
ذكره: الكرماني
(1)
، والباقولي
(2)
وجهًا محتَمَلاً.
قال الكرماني في أحد أوجه نصب {غيْرَ} : "أنه نصب على الاستثناء تقدم على المستثنى منه، وهو قليل". اهـ
(3)
3 -
أنّ قوله: {غَيْرَ} منصوب على أنه مفعول به لفعل مضمر.
قاله: ابنُ عطية
(4)
، ولم يُبيّن الفعل المضمر.
وقدّره البعض: أأطلب لكم معبودًا غير المستحق للعبادة؟
(5)
.
وضعّف هذا الوجه: أبو حيان
(6)
، والسمين الحلبي
(7)
.
قال أبو حيان: " لا يظهر نصبُه بفعلٍ مُضمَر؛ لأنَّ (أَبْغِي) مُفَرّغٌ لهُ، أو لقوله:{إِلَهًا} ، فإن تخيّل أنه منصوب بـ (أبغي) مضمَرَةً يُفسِّرُها هذا الظاهر فلا يصحُّ؛ لأنَّ الجملة
(1)
ينظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل (1: 421).
(2)
ينظر: كشف المشكلات في إعراب القرآن وعلل القراءات (ص: 291).
(3)
غرائب التفسير وعجائب التأويل (1: 421).
(4)
ينظر: المحرر الوجيز (2: 448).
(5)
ينظر: إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (3: 447).
(6)
ينظر: تفسير أبي حيان (5: 159).
(7)
ينظر: الدر المصون (5: 445).
المفَسِّرَةَ لا رابط فيها لا مِن ضميرٍ ولا مِن مُلابِس يربطها بـ {غَيْر} ، فلو كان التركيب: أغير اللهِ أبغيكموه؛ لصحَّ". اهـ
(1)
وقال السمين معلقاً على قول ابن عطية: "وهذا الذي ذكره من إضمار الفعل لا حاجةَ إليه، فإن أراد أنه على الاشتغال فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ شرطَه أن يعمل المفسِّر في ضمير الأول أو سببيِّه". اهـ
(2)
وما قاله السمينُ قد نصَّ عليه النحويون في كلامهم عن الاشتغال
(3)
، ويعني بذلك أنّ الضمير في {أَبْغِيكُمْ} ليس هو الأول الذي قدّره ابن عطية منصوبًا بفعل يفسره ما بعده.
ولو كان المفسّر: أبغيكموه؛ لصحّ ذلك؛ لاشتماله على الرابط الذي يربطه بـ {غَيْر} .
4 -
أنّ قوله: {غَيْرَ} مفعول به مُقدّم للفعل (أَبْغِي)، أي: أبغي لكم غيرَ الله؟
قاله: أبو البقاء
(4)
، والسمين الحلبي
(5)
، وأبو السعود
(6)
، والشوكاني
(7)
، وغيرهم
(8)
.
(1)
تفسير أبي حيان (5: 159).
(2)
الدر المصون (5: 445).
(3)
ينظر: ينظر: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، لابن هشام (2: 139 - 141)
(4)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 593).
(5)
ينظر: الدر المصون (5: 445).
(6)
ينظر: تفسير أبي السعود (3: 268).
(7)
ينظر: فتح القدير (2: 275).
(8)
ينظر: إعراب القرآن، لزكريا الأنصاري (ص: 287)، حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي (4: 211)، تفسير الآلوسي (5: 40)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (9: 84)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (9: 64)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (2: 96)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 175)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 167)، المجتبى، لأحمد الخراط (1: 341)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (1: 392).
قال أبو السعود: "وانتصابُ {غَيْر} على أنه مفعولُ (أبغي)، بحذف اللام أي: أبغي لكم، أي: أطلب لكم غيرَ الله -تعالى-". اهـ
(1)
ثانيًا: الترجيح:
القولُ الرابع وهو أن يكون قوله: {غَيْرَ} مفعولاً به للفعل به المذكور بعده {أَبْغِيكُمْ} هو أوضح الأقوال وأقربها لظاهر الآية ولا إضمار فيه.
أمّا جعْل {غَيْر} حالاً فليس بممتنع، إلا أنّ تقدم الصفة على الموصوف وانتصابها على الحال خلاف الأصل وهو قليل
(2)
.
أمّا نصب {غَيْر} على الاستثناء فليس له ما يقويه، ولذلك أعرض جمهور المعربين عن ذكره.
أمّا نصب {غَيْر} على أنه مفعول به لفعل مضمر - وهو القول الذي بدأ به ابن عطية- فهو أضعف الأقوال؛ إذ أن الإضمار والتقدير خلاف الأصل ولا حاجة إليه هنا، ثم
(1)
تفسير أبي السعود (3: 268).
(2)
ينظر: كشف المشكلات في إعراب القرآن وعلل القراءات، للباقولي (ص: 291).
إنّ الاشتغال هنا لم يتحقق شرطه؛ لخلو الفعل {أَبْغِيكُمْ} من رابط يربطه بـ {غَيْر}
(1)
.
وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية في محله، لاسيما وأنه قد بدأ بأضعف الأقوال، حتى إن جمهور المعربين الذين ذكروا أكثر من وجه في إعراب {غَيْر} لم يشيروا إلى هذا القول.
* * *
(1)
ينظر: تفسير أبي حيان (5: 159)، الدر المصون (5: 445).