الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السمين الحلبي: "وقرأ عبد الله أيضاً: (والأرحامُ) رفعاً وهو على الابتداء، والخبر محذوفٌ فقدَّره ابن عطية: "أهلٌ أَنْ توصل"، وقَدَّره الزمخشري: "والأرحامُ مِمَّا يُتقى"، أو "والأرحام مما يُتَساءل به"، وهذا أحسنُ للدلالة اللفظية والمعنوية، بخلاف الأول، فإنه للدلالة المعنوية فقط". اهـ
(1)
دراسة الاستدراك:
للعلماء في توجيه القراءة بالرفع (والأرحامُ) قولان:
الأول: أن الرفع على الإغراء؛ لأن مِن العرب مَن يرفع المغرى، ذكره بعض العلماء وجهاً محتملاً
(2)
.
الثاني: أن الرفع على الابتداء، وهو قول الجمهور، واختلفوا في تقدير الخبر: فقدره ابن جني: "والأرحام مما يجب أن تتقوه، وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه"
(3)
، وقدره الزمخشري:"والأرحام مما يُتَّقى، أو والأرحام مما يُتَساءل به"
(4)
، وقدره ابن عطية:"والأرحام أهلٌ أن تُوصَل"
(5)
.
(1)
الدر المصون (3: 555).
(2)
ينظر: تفسير الثعلبي (3: 242)، تفسير القرطبي (5: 2)، فتح القدير، للشوكاني (1: 481).
(3)
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (1: 179).
(4)
تفسير الزمخشري (1: 462).
(5)
المحرر الوجيز (2: 4).
ورجح السمين الحلبي تقديرَ الزمخشري؛ قال: "وهذا أحسنُ للدلالة اللفظية والمعنوية"، بخلاف تقدير ابن عطية؛ قال:"فإنه للدلالة المعنوية فقط".
(1)
وقدره أبو البقاء: "والأرحامُ واجبة الوصل"
(2)
.
ولا تعارض بين هذه التقديرات، ولكل منها ما يؤيده من القراءات المتواترة وتفسير الصحابة والتابعين.
فتقدير الزمخشري يؤيده القراءة بالجر (والأرحامِ)، والتفسير الوارد في الآية بأن معناها قولهم
(3)
: أسألك بالله وبالرحم
(4)
.
وتقدير ابن جني وابن عطية وأبي البقاء يؤيده القراءة بالنصب (والأرحامَ)، والتفسير الوارد في الآية بأن معناها: اتقوا الله وصلوا الأرحام، أو اتقوا الأرحام أن تقطعوها
(5)
.
* * *
(1)
الدر المصون (3: 554).
(2)
إعراب القراءات الشواذ (1: 364)
(3)
ذهب بعض العلماء إلى أن قولهم: "أسألك بالله وبالرحم" لا يدخل في الحلف بغير الله إنما هو توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهي فيه، وذهب آخرون إلى أن هذا حكاية عما كانوا عليه في الجاهلية، فحضهم على صلة الرحم ونهاهم عن قطعها، ونبههم على أنها بلغ من حرمتها عندهم أنهم يتساءلون بها، ثم لم يقرهم الشرع على ذلك التساؤل بل نهاهم عنه، وحرمتها باقية وصلتها مطلوبة وقطعها محرم، فمجيء هذا الفعل عنهم في الماضي لا ينافي ورود النهي عنه في المستقبل. ينظر: تفسير القرطبي (5: 4)، إبراز المعاني من حرز الأماني، لأبي شامة الدمشقي (1: 410)، اللباب في علوم الكتاب، لابن عادل الحنبلي (6: 146).
(4)
وهو تفسير مجاهد والحسن وإبراهيم النخعي. ينظر: تفسير سفيان الثوري (ص: 85)، تفسير الطبري (7: 519)، تفسير الماوردي (1: 447)، تفسير السمعاني (1: 394)، الدر المنثور، للسيوطي (2: 424).
(5)
وهو تفسير ابن عباس وعكرمة وقتادة والسدي. ينظر: تفسير سفيان الثوري (ص: 85)، تفسير الطبري (7: 521)، تفسير الماوردي (1: 447)، الدر المنثور، للسيوطي (2: 424).