الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[11]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
[آل عمران: 169]: "وقوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيه حذف مضاف، تقديره: عند كرامة ربهم، لأن {عِنْدَ} تقتضي غاية القرب". اهـ
(1)
وقال السمين الحلبي: "قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيه خمسةُ أوجهٍ، أحدُها: أنْ يكونَ خبرًا ثانياً لـ {أَحْيَاءٌ} على قراءة الجمهور.
وذكر السمين باقي الأوجه الخمسة، إلى أن قال:"قال ابن عطية: "هو على حذفِ مضاف أي: عند كرامةِ ربهم" اهـ، ولا حاجةَ إليه؛ لأنَّ الأولَ أليق". اهـ
(2)
دراسة الاستدراك:
تعددت أقوال المعربين في إعراب قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، حتى إن الجمهور ذكروا عدة أوجه في إعرابه دون ترجيح.
ومجموع الأقوال في ذلك ستة، وهي على النحو التالي:
(1)
المحرر الوجيز (1: 540).
(2)
الدر المصون (3: 483).
1 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيه حذف مضاف، تقديره: عند كرامة ربهم.
قاله: ابن عطية
(1)
، وأشار إليه أبو حيان
(2)
والشوكاني
(3)
دون تعقيب.
أمّا السمين الحلبي فقد ذكر قول ابن عطية ولم يرجحه، وقال بأنه لا حاجة إلى هذا التقدير
(4)
.
وقد اكتفى ابن عطية بتقدير ذلك المضاف المحذوف، ولم يبيّن الموضع الإعرابي لقوله:{عِنْدَ رَبِّهِمْ} .
2 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} خبر ثانٍ، فقوله:{أَحْيَاءٌ} خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هم أحياء، و {عِنْدَ رَبِّهِمْ} هو الخبر الثاني.
قاله: المنتَجَب الهمذاني
(5)
، وأبو حيان
(6)
، والسمين الحلبي
(7)
، والشوكاني
(8)
، وغيرهم
(9)
.
قال المنتَجَب: "يحتمل أن يكون محله رفعًا؛ لكونه خبرًا بعد خبر، أي: هم أحياء مقربون عنده ذوو زلفى". اهـ
(10)
(1)
ينظر: المحرر الوجيز (1: 540).
(2)
ينظر: تفسير أبي حيان (3: 429).
(3)
ينظر: فتح القدير (1: 457).
(4)
ينظر: الدر المصون (3: 483).
(5)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (2: 168).
(6)
ينظر: تفسير أبي حيان (3: 429).
(7)
ينظر: الدر المصون (3: 483).
(8)
ينظر: فتح القدير (1: 457).
(9)
ينظر: تفسير أبي السعود (2: 112)، تفسير الآلوسي (2: 334)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (2: 107).
(10)
الفريد في إعراب القرآن المجيد (2: 168).
وفي هذا الوجه والأوجه التي تليه ليس هناك مضاف محذوف في قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} .
3 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} ظرف لـ {أَحْيَاءٌ} .
جوّزه: أبو البقاء
(1)
، والسمين الحلبي
(2)
، وغيرهما
(3)
.
قال أبو البقاء: "ويجوز أن يكون ظرفًا لـ {أَحْيَاءٌ}؛ لأنّ المعنى يحيَونَ عند الله". اهـ
(4)
4 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} ظرف لـ {يُرْزَقُونَ} .
جوّزه: أبو البقاء
(5)
، والمنتجب الهمذاني
(6)
، والسمين الحلبي
(7)
، وغيرهم
(8)
.
قال السمين في أحد الأوجه التي ذكرها: " أن يكونَ ظرفاً لـ {يُرْزَقُونَ} أي: يقعُ رِزْقُهم في هذا المكانِ الشريف". اهـ
(9)
(1)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
(2)
ينظر: الدر المصون (3: 483).
(3)
ينظر: تفسير أبي السعود (2: 112)، المجتبى، لأحمد الخراط (1: 152)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 80)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 331).
(4)
التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
(5)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
(6)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (2: 168).
(7)
ينظر: الدر المصون (3: 483).
(8)
ينظر: تفسير أبي السعود (2: 112)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (2: 107)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 331)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (1: 172).
(9)
الدر المصون (3: 483).
5 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} صفة لـ {أَحْيَاءٌ} ؛ لأن أشباه الجُمل بعد النكراتِ صفات
(1)
.
جوّزه: أبو البقاء
(2)
، والمنتجب الهمذاني
(3)
، والشوكاني
(4)
، وغيرهم
(5)
.
6 -
أنّ قوله: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} حال من الضمير المستتر في {أَحْيَاءٌ} .
جوّزه: أبو البقاء
(6)
، والسمين الحلبي
(7)
، والشوكاني
(8)
، وغيرهم
(9)
.
قال أبو البقاء: "ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في {أَحْيَاءٌ}، أي: يحيَون مرزوقين". اهـ
(10)
وجميعَ هذا الأوجه الإعرابية صحيحة ويحتملها المعنى باستثناء قول ابن عطية؛ فيبعد أن يكون التقدير: أحياء عند كرامة ربهم يرزقون.
(1)
ينظر: معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 331).
(2)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
(3)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (2: 168).
(4)
ينظر: فتح القدير (1: 457).
(5)
ينظر: الدر المصون (3: 483)، تفسير أبي السعود (2: 112)، تفسير الآلوسي (2: 334)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (4: 371)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 331)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (1: 172).
(6)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
(7)
ينظر: الدر المصون (3: 483).
(8)
ينظر: فتح القدير (1: 457).
(9)
ينظر: تفسير أبي السعود (2: 112)، تفسير الآلوسي (2: 334)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (1: 331).
(10)
التبيان في إعراب القرآن (1: 309).
والحذف خلاف الأصل
(1)
؛ فلا حاجة للقول بأنه هناك مضافًا محذوفًا طالما كانت العبارة صحيحة بدون تقدير مضاف.
والعِنْدِيّة كما في قوله: (عِنْدَ رَبِّهِمْ) المراد بها القُرب
(2)
، فهي متضمنة لمعنى الكرامة دون الحاجة لتقدير مضاف.
وقد وردت العِنْدِيّة كثيرًا في القرآن وفي موضوعات مختلفة، كما في قوله عن الملائكة:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعراف: 206]، وقوله:{وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأنبياء: 19]، وقوله:{فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [فصلت: 38]، وهذا كله في قُرب الملائكة مِن الله عز وجل.
وقد ذكر الفخر الرازي فائدة في عندية الشهداء وعندية الملائكة، فقال:" (عِنْدَ) فكما أنه مذكور هاهنا فَكَذَا في صفة الملائكة مذكورٌ، وهو قوله: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأنبياء: 19]، فإذا فهمت السعادة الحاصلة للملائكة بكونهم عند الله، فهمت السعادة الحاصلة للشهداء بكونهم عند الله، وهذه كلمات تفتح على العقلِ أبوابَ معارفِ الآخرة". اهـ
(3)
* * *
(1)
ينظر: مغني اللبيب، لابن هشام (1: 802)، البرهان، للزركشي (3: 104)، الإتقان، للسيوطي (3: 200).
(2)
ينظر: التفسير الوسيط، للواحدي (1: 521)، تفسير أبي السعود (2: 112)، تفسير السعدي (1: 157).
(3)
تفسير الفخر الرازي (9: 428).