الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2]: قال ابنُ عطية في تفسيره لقوله - تعالى-: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20]: " (يكاد) فعل ينفي المعنى مع إيجابه، ويوجبه مع النفي، فهنا لم يخطف البرقُ الأبصارَ". اهـ
(1)
وقال السمين الحلبي في حديثه عن (كاد): "واعلم أنَّ خبرَها إذا كانت هي مثبتةً منفيٌّ في المعنى لأنها للمقاربة، فإذا قلت:«كاد زيدٌ يفعلُ» كان معناه قارَبَ الفعلَ، إلا أنه لم يَفْعَل، فإذا نُفِيَتْ انتفَى خبرُها بطريقِ الأَوْلى؛ لأنه إذا انتفت مقاربةُ الفعل انتفى هو من باب أَوْلَى، ولهذا كان قولُه- تعالى-:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] أبلغَ مِن أَنْ لو قيل: لم يَرَها، لأنه لم يقارب الرؤيةَ فكيف له بها؟ وزعم جماعةٌ منهم ابن جني
(2)
وأبو البقاء
(3)
وابنُ عطية أنَّ نفيَها إثباتٌ وإثباتَها نفيٌ.
(1)
المحرر الوجيز (1: 103).
(2)
نسبه أبو حيان والسمين لابن جني، ولم أجده في كتبه المطبوعة، وقد نُسب له قول آخر وهو أنّ نَفْيَها نفيٌ إلا أنه قد يستعمل للدلالة على وقوع الفعل بعد إبطاء. ينظر: تفسير أبي حيان (1: 144)، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، للسيوطي (1: 483)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (1: 558).
(3)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1: 36).::
وَحَكَوْا عن ذي الرُّمَّة
(1)
أنه لمَّا أَنْشَدَ قولَه
(2)
:
إذا غَيّر النأيُ
(3)
المحبينَ لم يكدْ
…
رَسِيسُ
(4)
الهوى مِن حبِّ مَيّة
(5)
يبرحُ
عِيبَ عليه؛ لأنه قال: لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ فيكون قد بَرِحَ، فغيَّره إلى قوله:(لم يَزَلْ) أو ما هو بمعناه
(6)
.
والذي غَرَّ هؤلاء قوله- تعالى-: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] قالوا: فهي هنا منفيَّةٌ وخبرُها مُثْبَتٌ في المعنى، لأن الذبْحَ وقع؛ لقوله:{فَذَبَحُوهَا} .
والجوابُ عن هذهِ الآية من وَجْهَين، أحدُهما: أنه يُحْمَلُ على اختلافِ وقتين، أي: ذبحوها في وقتٍ، وما كادوا يفعلونَ في وقتٍ آخرَ، والثاني: أنه عبَّر بنفي مقاربةِ الفعل عن شدَّةِ تعنُّتهم وعُسرِهم في الفعل.
وأمَّا ما حَكَوهُ عن ذي الرُّمَّة فقد غلَّط الجمهورُ ذا الرُّمة في رجوعه عن قولِه، وقالوا: هو أبلغ
(7)
وأحسنُ مِمَّا غيَّره إليه". اهـ
(8)
(1)
غَيْلان بن عُقْبَة المُضَرِيّ، أبو الحارث، المعروف بذي الرُّمَّة، من فحول الشعراء، عَشِقَ مَيَّة المِنْقَرِيّة واشتُهر بذلك، قال أبو عمرو ابن العلاء:"افتتح الشعر بامرئ القيس، وخُتم بذي الرمة"اهـ، له ديوان شعر مشهور، توفي سنة 117 هـ. ينظر: طبقات فحول الشعراء، للجمحي (2: 534)، البداية والنهاية، لابن كثير (13: 78).
(2)
البيت في ديوان ذي الرمة (ص: 43)، وهو أيضاً في العين، للخليل بن أحمد، مادة: رس (7: 191)، وفي تهذيب اللغة، للأزهري، مادة: رس (12: 205)، وفي مصادر أخرى.
(3)
النَّأْيُ: البُعدُ. ينظر: العين، للخليل بن أحمد، مادة: ناء (8: 392)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: نأي (15: 300).
(4)
الرَّسيس: الشيء الثابتُ اللازمُ مكانَه، ورسيس الهوى: بقيته وأثره، وقيل: ابتداءه وأصله. ينظر: العين، للخليل بن أحمد، مادة: رس (7: 191)، تهذيب اللغة، للأزهري، مادة: رس (12: 205)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: رس (6: 97)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: رس (16: 123).
(5)
مَيَّة بِنْت مُقَاتِل بن طَلَبَة بن قَيْس الْمِنْقَرِيّ التَمِيمِيّ، عشقها ذو الرُّمة، وله فيها أشعار، توفيت نحو 150 هـ. ينظر: وفيات الأعيان، لابن خلكان (4: 11)، البداية والنهاية، لابن كثير (13: 78).
(6)
ينظر: دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني (1: 274).
(7)
ينظر: دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني (1: 274)، شرح الكافية الشافية، لابن مالك (1: 468).
(8)
الدر المصون (1: 176).::