الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم تحدث السمين عن تصريف هذه الكلمة، ونقل بعض الأقوال في ذلك، إلى أن قال:"ولا أدري ما حملَ مَنْ قال: إنه معرَّب مع وجودِ معناه في لغة العربِ كما عَرَفْتَه مِمَّا تقدم؟ ". اهـ
(1)
دراسة الاستدراك:
موضوع هذا الاستدراك هو لفظة (قِس) و (قسيس): هل هي عربية أم أعجمية عُربت؟
للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
1 -
أنها لفظة أعجمية؛ بلغة الروم، ومعناها: العالِم، ثم عُرّبت.
قاله: قطرب
(2)
، وابن عطية
(3)
، والسيوطي
(4)
.
وقال الحكيم الترمذي
(5)
: "والقسيس هو الذي يقتص أثر الرسول، ويصدقه فيما جاء به، وهذا في لغة بني إسرائيل، وفي لغة العرب: الصدّيق". اهـ
(6)
(1)
الدر المصون (4: 389 - 391).
(2)
ينظر: تفسير الثعلبي (4: 99)، التفسير الوسيط، للواحدي (2: 217)، تفسير السمعاني (2: 58)، تفسير البغوي (2: 75)، زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي (1: 575)، تفسير القرطبي (6: 257)، تفسير أبي السعود (3: 71).
(3)
ينظر: المحرر الوجيز (2: 226).
(4)
ينظر: المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب (ص: 127).
(5)
محمد بن علي التِّرْمِذِيّ، أبو عبد الله، المعروف بالحكيم الترمذيّ، الحافظ، الزاهد، أوذي بسبب أقوال شاذة نُسبت إليه، له عدة مصنفات، منها:(نوادر الأصول في أحاديث الرسول) و (الصلاة ومقاصدها)، توفي نحو 320 هـ. ينظر: طبقات الصوفية، للسلمي (ص: 175)، حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصبهاني (13: 233)، سير أعلام النبلاء، للذهبي (13: 439).
(6)
نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول (1: 37).::
2 -
أنها عربية تكلم العرب بها، ولذلك شواهد من أشعارهم، وهذا يفهم من كلام أهل اللغة؛ فقد تحدثوا عن هذه اللفظة وأصلها واشتقاقها، ولم يصرحوا بأنها كلمة أعجمية
(1)
.
قال الزجّاج: "والقُسُّ والقِسِّيس من رؤساءِ النصارى". اهـ
(2)
وقال الراغب: "القِسُّ والْقِسِّيسُ: العالم العابد من رؤوس النصارى". اهـ
(3)
قالوا: وأصل القس في لغة العرب: تتبع الشيء وطلبه؛ فالقسيس سمي بذلك؛ لتتبعه أثر الرسول، ولتتبعه كتابه، وآثار معانيه
(4)
.
قال المنتجَب الهمذاني: "قَسّ الشيءَ قَساً إذا تتبعه وطلبه، ثم صار كالعَلَم على رئيس من رؤساء النصارى في العبادة والطاعة". اهـ
(5)
قالوا: والقِسّيسُ صيغةُ مبالغةٍ، وجمعُ قِسّيس وقِسّ: قِسّيسون، وقَساوِسَة
(6)
.
(1)
ينظر: العين، للخليل بن أحمد، مادة: قس (5: 12)، الصحاح، للجوهري، مادة: قسس (3: 963)، مقاييس اللغة، لابن فارس، مادة: قس (5: 9)، المحكم، لابن سيده، مادة: قس (6: 105)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: قس (6: 174)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: قسس (16: 370).
(2)
معاني القرآن (2: 200).
(3)
المفردات (1: 670).
(4)
ينظر: غريب القرآن، لابن عزير السجستاني (ص: 385)، الصحاح، للجوهري، مادة: قسس (3: 963)، مقاييس اللغة، لابن فارس، مادة: قس (5: 9)، تفسير أبي السعود (3: 71)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: قسس (16: 370).
(5)
الفريد في إعراب القرآن المجيد (2: 482).
(6)
ينظر: العين، للخليل بن أحمد، مادة: قس (5: 12)، إعراب القرآن، للنحاس (1: 279)، المحكم، لابن سيده، مادة: قس (6: 105)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: قس (6: 174)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: قسس (16: 370).::
واستشهد أهل اللغة على معنى القس بالأبيات
(1)
السابق ذكرها، وهي التي ساقها الواحديّ في (البسيط) ونقلها عنه السمين الحلبيّ
(2)
.
3 -
أنها مما وقع الوفاق فيه بين اللغتين
(3)
، وهو قول الواحديّ
(4)
.
وقال القرطبي: "ولفظ القِسِّيسِ إمَّا أن يكونَ عربياً، وإما أن يكون بلغة الرُّوم ولكن خَلَطَتْهُ العرب بكلامهم فصار مِن لغتهم؛ إذ ليس في الكتاب ما ليس مِن لغة العرب". اهـ
(5)
والراجح أنها موجودة في اللغتين، قد تكلم بها العرب والروم؛ وليس في القرآن ما ليس من لغة العرب على القول الراجح، ويكفي ما ورد في القرآن دليلاً على ذلك؛ فقد جاء في مواضع كثيرة من القرآن إثبات عربيته، منها قوله تعالى:
…
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28]، وقوله:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195].
* * *
(1)
ينظر: العين، للخليل بن أحمد، مادة: قس (5: 12)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: قس (6: 174)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: قسس (16: 370).
(2)
ينظر: ص: 166 من الرسالة.
(3)
ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (7: 7).
(4)
ينظر: التفسير البسيط (7: 494).
(5)
تفسير القرطبي (6: 257).