الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أن {لِلْفُقَرَاءِ} خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، أي: ولكنَّ الفَيْءَ للفقراء، وقيل: تقديرُه: ولكن يكونُ للفقراء، وقيل: تقديرُه: اعجَبوا للفقراء". اهـ
(1)
دراسة الاستدراك:
أولاً: أقوال العلماء في إعراب قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} :
لهم في ذلك أربعة أقوال رئيسة:
1 -
أنّ قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} بدل مِن {ذي القُربَى} وما عُطف عليه، ولا يصح أن يكون بدلاً مِن الرسول؛ لئلا يستلزم وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر.
قاله: النحّاس
(2)
، والزمخشري
(3)
، والفخر الرازي
(4)
، وأبو البقاء
(5)
، والبيضاوي
(6)
، وغيرهم
(7)
.
(1)
الدر المصون (10: 284).
(2)
ينظر: إعراب القرآن (4: 262).
(3)
ينظر: تفسير الزمخشري (4: 503).
(4)
ينظر: تفسير الفخر الرازي (29: 507).
(5)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (2: 1215).
(6)
ينظر: تفسير البيضاوي (5: 200).
(7)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (6: 125)، الدر المصون (10: 283)، تفسير أبي السعود (8: 228)، روح البيان، لإسماعيل حقي (9: 430)، تفسير المظهري (9: 239)، فتح القدير، للشوكاني (5: 238)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (28: 87)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (28: 197)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (10: 43)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (5: 550)، المجتبى، لأحمد الخراط (4: 1304)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 554)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 546)، المفيد في إعراب القرآن المجيد، لعمر خطيب (ص: 332)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (3: 326).
قال الفخر الرازي: "هذا بَدَلٌ مِن قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، كأنه قيل: أعني بأولئك الأربعة هؤلاء الفقراء والمهاجرين الذين مِن صِفتهم كَذا وكذا". اهـ
(1)
وقال البيضاوي: " {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} بدل من {لِذِي القُرْبَى} وما عطف عليه؛ فإن الرَّسول لا يسمى فقيراً". اهـ
(2)
ومُقتضى البدلية اشتراط الفقر في الأقرباء
(3)
والأصناف المذكورة، أي أنّ الفقر شرط في كل الأصناف الأربعة
(4)
.
2 -
أنّ قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} بيانٌ لقوله: {وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} .
قاله ابن عطية
(5)
، ووافقه الثعالبي
(6)
.
قال ابنُ عطية: " {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} بيان لقوله: {وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} فكرر لام الجر لَمّا كانت الأولى مجرورة باللام؛ ليبين أن البدل إنما هو منها". اهـ
(7)
وضعّف السمينُ ما قاله ابنُ عطية قائلاً: "وهي عبارةٌ قَلِقَةٌ جداً". اهـ
(8)
(1)
تفسير الفخر الرازي (29: 507).
(2)
تفسير البيضاوي (5: 200).
(3)
ينظر: معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (5: 550).
(4)
ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (28: 88).
(5)
ينظر: المحرر الوجيز (5: 286).
(6)
ينظر: تفسير الثعالبي (5: 408).
(7)
المحرر الوجيز (5: 287).
(8)
الدر المصون (10: 284).
3 -
أنّ قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} متعلق بمحذوف يدل عليه قوله: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ، والتقدير: ولكن يكون للفقراء، وما بينهما اعتراض، وقيل: هو متعلق بفعل محذوف تقديره: اعجَبوا للفقراء.
ذكره بعض العلماء وجهًا محتملاً، منهم: المنتجب الهمذاني
(1)
، والقرطبي
(2)
، والسمين
(3)
، والشوكاني
(4)
.
قال القرطبي: "قيل: كي لا يكونَ دُولَةً بين الأغنياء ولكن يكونُ للفقراء". اهـ
(5)
وقال الشوكاني: "قيل: التقدير: كيْ لا يكونَ دُولَةً ولكن يكونُ للفقراء، وقيل: التقدير: اعجَبُوا للفقراء". اهـ
(6)
ومقتضى هذا التوجيه عدم اشتراط الفقر في الأقرباء، والمعنى: اعجبوا لهؤلاء الفقراء المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم
(7)
.
4 -
أنّ قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} عطف على ما مضى، ولم يأتِ بواو العطف، كقول القائل: المال لزيد لعمرو لبكر.
(1)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (6: 125).
(2)
ينظر: تفسير القرطبي (18: 19).
(3)
ينظر: الدر المصون (10: 284).
(4)
ينظر: فتح القدير (5: 238).
(5)
تفسير القرطبي (18: 19).
(6)
فتح القدير (5: 238).
(7)
ينظر: إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (10: 43)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (5: 550).
ذكره: القرطبي
(1)
والشوكاني
(2)
وجهًا محتملاً.
قال القرطبي: "قيل: هو عطفٌ على ما مضى، ولم يَأْتِ بواو العطف، كقولك: هذا المالُ لزيدٍ لِبَكْرٍ لفلان لفلان". اهـ
(3)
ثانيًا: الترجيح:
الراجح أن قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} بدل مما يصلح أن يكون بدلاً منه مِن أسماء الأصناف المتقدمة
(4)
: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ، والذي منع الإبدال من (للهِ وللرسولِ) أنّ الواجب تعظيمهما
(5)
.
وأعيد اللام مع البدل لربطه بالْمُبْدَلِ منه لانفصال ما بينهما بطول الكلام مِن تعليل وتحذير، ولإفادة التأكيد
(6)
.
وهو قول أكثر المعربين
(7)
.
(1)
ينظر: تفسير القرطبي (18: 19).
(2)
ينظر: فتح القدير (5: 239).
(3)
تفسير القرطبي (18: 19).
(4)
ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (28: 87).
(5)
ينظر: المجتبى، لأحمد الخراط (4: 1304).
(6)
ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (28: 88).
(7)
ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (4: 262)، تفسير الزمخشري (4: 503)، تفسير الفخر الرازي (29: 507)، التبيان في إعراب القرآن (2: 1215)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (6: 125)، تفسير البيضاوي (5: 200)، الدر المصون (10: 283)، تفسير أبي السعود (8: 228)، روح البيان، لإسماعيل حقي (9: 430)، تفسير المظهري (9: 239)، فتح القدير، للشوكاني (5: 238)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (28: 87)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (28: 197)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (10: 43)، معرض الإبريز، لعبد الكريم الأسعد (5: 550)، المجتبى، لأحمد الخراط (4: 1304)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 554)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 546)، المفيد في إعراب القرآن المجيد، لعمر خطيب (ص: 332)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (3: 326).
ويصحّ أيضاً أن يكون قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} عطف على ما مضى مِن الأصناف المتقدمة: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} بحذف حرف العطف، فقوله:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} هؤلاء صنف آخر مِن المستحقين لمال الفيء
(1)
.
وهذا قول قويٌ مع قلة مَن قال به من المعربين.
أمّا قول ابنُ عطية: أنّ قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} بيانٌ لقوله: {وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} : فهذا تخصيص لا وجه له.
أمّا مَن قالوا: التقدير: ولكن يكون للفقراء، أو: اعجبوا للفقراء: فقولهم وإن كان جائزاً من حيث المعنى، إلا أنه بعيد من ناحية الصناعة؛ فلا حاجة لادعاء الحذف والتقدير.
وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية وارد؛ فقول ابن عطية فيه ضعف، حتى إنّ جمهور العلماء لم يذكروه ضمن الأعاريب المحتملة؛ ممّا يدل على بُعدِه.
* * *
(1)
ينظر: تفسير ابن كثير (8: 68).