الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسة الاستدراك:
ذهب ابنُ عطية إلى جواز عَوْد الضمير في {عَلَيْهِ} على المأكول وعلى الأكل، بينما استبعد السمين عَوْدَه على الأكل، ففي مرجع الضمير هنا قولان رئيسان:
أولهما: أنّ الضمير في {عَلَيْهِ} عائد على الأكل أو على الملئ، فالأكل مستفاد مِن قوله:{لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} ، والمَلء مأخوذ مِن قوله:{فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} .
وهذا القول ذكره عددٌ مِن العلماء وجهاً محتملاً وجوّزوه، منهم: الفراء
(1)
، وابنُ عطية
(2)
، والبقاعي
(3)
، والشوكاني
(4)
.
قال الفراء: "إن شئت كان على الشجر، وإن شئت فعلى الأكل". اهـ
(5)
وقال البقاعي: " {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ} أي على هذا الملء أو الأكل". اهـ
(6)
واستبعد السمينُ الحلبي عَودَه على الأكل، ولم يوضح سبب بُعده
(7)
.
(1)
ينظر: معاني القرآن (3: 127).
(2)
ينظر: المحرر الوجيز (5: 247).
(3)
ينظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (19: 217).
(4)
ينظر: فتح القدير (5: 185).
(5)
معاني القرآن (3: 127).
(6)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (19: 217).
(7)
ينظر: الدر المصون (10: 210).
وقد تعددت التوجيهات لهذا القول؛ فقال بعضهم: هو الأُكُل -بضم الهمزة والكاف، وليس الأَكْل - المصدر-.
(1)
وهذا التوجيه وإن كان واردًا فهو ممتنع بإجازة وجهين: الأكل والمأكول، فذلك يعني بالضرورة أنّ الأكل هو المصدر وليس الأُكُل، وإلا كان قولاً واحدًا؛ فالأُكُل هو المأكول.
وصرّح ابنُ عاشور بأن الضمير عائد على الأَكْل بتأويل المصدر باسم المفعول، أي: أنّ الأكل بمعنى المأكول
(2)
.
الثاني: أنّ الضمير في {عَلَيْهِ} عائد على المأكول، وهو شجر الزقوم.
قاله: الأخفش
(3)
، والطبري
(4)
، والنحاس
(5)
، ومكي بن أبي طالب
(6)
، والزمخشري
(7)
، والفخر الرازي
(8)
، والسمين
(9)
، وغيرهم
(10)
.
(1)
ينظر: حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي (8: 144).
(2)
ينظر: التحرير والتنوير (27: 310).
(3)
ينظر: معانى القرآن (2: 532).
(4)
ينظر: تفسير الطبري (23: 133).
(5)
ينظر: إعراب القرآن (4: 225).
(6)
ينظر: الهداية إلى بلوغ النهاية (11: 7281).
(7)
ينظر: تفسير الزمخشري (4: 463).
(8)
ينظر: تفسير الفخر الرازي (29: 415).
(9)
ينظر: الدر المصون (10: 210).
(10)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء (2: 1205)، تفسير القرطبي (17: 214)، تفسير ابن جزي (2: 337)، تفسير الجلالين (1: 716)، تفسير الثعالبي (5: 368)، معترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي (3: 108)، الفواتح الإلهية، للنخجواني (2: 382)، تفسير أبي السعود (8: 196)، روح البيان، لإسماعيل حقي (9: 330)، فتح القدير، للشوكاني (5: 185)، تفسير الآلوسي (14: 145)، التفسير المنير، للزحيلي (27: 259).
أمّا تأنيث الضمير في قوله: {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} ثم تذكيره في قوله: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ}
…
فذلك لأنه عائد على الشجر وهو اسم جنس؛ يجوز تذكيره وتأنيثه، وقيل: التأنيث أولاً باعتبار المعنى، والتذكير ثانيًا باعتبار اللفظ
(1)
.
قال الطبري: "والصواب من القول في ذلك عندنا القول الثاني، وهو أن قوله: {فَمَالِئُونَ مِنْهَا} مراد به من الشجر؛ أنّث للمعنى، وقال: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ} مذكرًا؛ للفظ الشجر". اهـ
(2)
وقال الزمخشري: "وأنّث ضمير الشجر على المعنى، وذكّره على اللفظ في قوله: {مِنْهَا} و {عَلَيْهِ}، وإنما ذكّر الثاني على تأويل الزقوم، لأنه تفسيرها وهي في معناه". اهـ
(3)
والراجح: عوْدُ الضمير على شجر الزقوم؛ لأنّ ذلك مأخوذ مِن ظاهر اللفظ كما هو: {مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} ، بخلاف عوده على الأكل؛ فذلك مستفاد من قوله:{لَآكِلُونَ} ، ولأنَّ الشرب على المأكول لا على تناوله
(4)
، وجعْل الشرب على الأكل - المصدر- هو مِن باب المجاز
(5)
.
ومما يُضعف عَوْده على الأَكْل: تصريحُ البعض بأنّ ذلك على تأويل المصدر باسم المفعول، فهو بذلك يدخل في القول الراجح وهو عوده على شجر الزقوم - المأكول-.
(1)
ينظر: معانى القرآن للأخفش (2: 532)، تفسير الطبري (23: 134)، تفسير الزمخشري (4: 463)، تفسير القرطبي (17: 214)، الدر المصون (10: 210)، روح البيان، لإسماعيل حقي (9: 330).
(2)
تفسير الطبري (23: 134).
(3)
تفسير الزمخشري (4: 463).
(4)
ينظر: تفسير الآلوسي (14: 145).
(5)
ينظر: حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي (8: 144).