الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسة الاستدراك:
اختلف العلماء في توجيه (يُرَؤُّون) ومقارنتها بالقراءة المتواترة {يُرَاءُونَ} ، ولهم في ذلك قولان رئيسان:
القول الأول: أنها تعدية (رأَّى) بالتضعيف، وهي أقوى في المعنى مِن القراءة المتواترة {يُرَاءُونَ}؛ لأن معناها: يحملون على الرياء
(1)
، أو يحملون الناس على أن يروهم، ويتظاهرون لهم بالصلاة وهم يبطنون النفاق، وهو قول ابن جني
(2)
وابن عطية
(3)
.
قال ابن جني: "معناه: يُبصِّرون الناس، ويحملونهم على أن يروهم يفعلون ما يتعاطونه، وهي أقوى معنى من {يُرَاءُونَ} بالمد على يفاعِلون؛ لأن معنى يراؤونهم يتعرضون لأن يروهم، و (يُرَءُّونهم) يحملونهم على أن يروهم"
(4)
.
القول الثاني: أن (يُرَؤُّون) قريبة من معنى القراءة المتواترة {يُرَاءُونَ} وليست أقوى منها، وأن {يُرَاءُونَ} مفاعلة بمعنى التفعيل، كما يُقال: راءى؛ بمعنى: رأّى، ونعَّمه وناعمه، وأن القراءة المتواترة {يُرَاءُونَ} أقوى وأولى.
قاله: النحاس
(5)
، والزمخشري
(6)
، والسمين الحلبي
(7)
.
وذهب الفراء إلى أن (فعّل) و (فاعَل) -كما في رأّى وراءى- متقاربة في المعنى
(8)
.
(1)
ينظر: إعراب القراءات الشواذ، لأبي البقاء (1: 415).
(2)
ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (1: 202).
(3)
ينظر: المحرر الوجيز (2: 127).
(4)
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (1: 202).
(5)
ينظر: إعراب القرآن (1: 245).
(6)
ينظر: تفسير الزمخشري (1: 580).
(7)
ينظر: الدر المصون (4: 126).
(8)
ينظر: معاني القرآن، للفراء (2: 334).
والقول الثاني هو الراجح لأسباب، منها:
1 -
لأن {يُرَاءُونَ} هي القراءة المتواترة والتي أجمع عليها القراء العشرة
(1)
.
2 -
لأن اتحاد معنى القراءتين أولى من اختلافه
(2)
.
3 -
لأن المفاعلة -فاعَل: راءى- تأتي لمعانٍ منها: التفعيل - فَعّل: رأّى-
(3)
.
وعليه: فاستدراك السمين الحلبيّ وارد على ابن عطية.
* * *
(1)
ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (1: 245).
(2)
قرر هذه القاعدة غير واحد من العلماء، منهم مكي بن أبي طالب. ينظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها (1: 227).
(3)
ينظر: شرح شافية ابن الحاجب، لركن الدين الإستراباذي (1: 253)، تفسير الآلوسي (3: 168).
(4)
قراءة الجمهور بالنصب في الموضعين، وقرأ أبيّ بن كعب بالرفع فيهما. ينظر: معاني القرآن، للفراء (1: 295)، تفسير الطبري (9: 403)، إعراب القرآن، للنحاس (1: 251)، تفسير البغوي (1: 723)، تفسير الزمخشري (1: 590)، تفسير ابن عطية (2: 137)، الفريد، للمنتجب الهمذاني (2: 381)، تفسير القرطبي (6: 18)، تفسير أبي حيان (4: 138)، فتح القدير، للشوكاني (1: 620).