الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهمَّ إلاَّ أنْ يعنيَ أنَّ {نَاظِرَةٌ} خبرٌ لمبتدأ مضمرٍ، أي: هي ناظرةٌ إلى ربِّها، وهذه الجملةُ خبرٌ ثانٍ، وفيه تَعَسُّفٌ ". اهـ
(1)
دراسة الاستدراك:
أولاً: أقوال المعربين في إعراب قوله - تعالى-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة]:
لهم في ذلك خمسة أقوال رئيسة:
1 -
أنّ قوله: {وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} نعت للوجوه، و {إِلَى رَبِّهَا} متعلق بـ {نَاظِرَةٌ} ، و {نَاظِرَةٌ} هو خبر المبتدأ.
والمعنى: الوجوه الحسنة يومَ القيامة ناظرة إلى ربها.
قاله: النحّاس
(2)
، ومكي بن أبي طالب
(3)
، وغيرهما
(4)
.
وهو اختيار السمين الحلبي
(5)
.
قال النحّاس: " {وُجُوهٌ} رفع بالابتداء، {نَاضِرَةٌ} نعت لها، و {نَاظِرَةٌ} خبر الابتداء".
…
اهـ
(6)
(1)
الدر المصون (10: 575).
(2)
ينظر: إعراب القرآن (5: 55).
(3)
ينظر: مشكل إعراب القرآن (2: 778).
(4)
ينظر: الدر المصون (10: 574)، فتح القدير، للشوكاني (5: 407)، مراح لبيد، للجاوي (2: 584)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (29: 174)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (10: 304)، الياقوت والمرجان في إعراب القرآن، لمحمد بارتجي (ص: 586)، إعراب القرآن، لمحمد الطيب (ص: 578)، المجتبى، لأحمد الخراط (4: 1393)، المفيد في إعراب القرآن المجيد، لعمر خطيب (ص: 348).
(5)
ينظر: الدر المصون (10: 574).
(6)
إعراب القرآن (5: 55).
وقال السمين معلقاً على هذا الوجه ومعناه: "هذا معنىً صحيحٌ وتخريجٌ سَهْلٌ". اهـ
(1)
2 -
أنّ {وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} خبره، و {نَاظِرَةٌ} خبر ثان، أو نعت للوجوه، أو خبر لمبتدأ محذوف، و {إِلَى رَبِّهَا} متعلق بـ {نَاظِرَةٌ} .
قاله: الكرماني
(2)
، وأبو السعود
(3)
، وغيرهما
(4)
.
قال الكرماني: " {نَاضِرَةٌ} و {نَاظِرَةٌ} خبران للمبتدأ وهو {وُجُوهٌ} ". اهـ
(5)
وقال أبو السعود: " {وُجُوهٌ) مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} خبرُهُ، و {يَوْمَئِذٍ} منصوبٌ بـ {نَاضِرَةٌ} ، و {نَاظِرَةٌ} في قولِه -تعالَى-:{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} خبرٌ ثانٍ للمبتدأ، أو نعتٌ
…
لـ {نَاضِرَةٌ} ، و {إِلَى رَبِّهَا} متعلقٌ بـ {نَاظِرَةٌ} .
وصحةُ وقوعِ النكرةِ مبتدأ؛ لأنَّ المقامَ مقامُ تفصيلٍ، لا على أنَّ {نَاضِرَةٌ} صفةٌ
…
لـ {وُجُوهٌ} والخبرُ {نَاظِرَةٌ} كمَا قيلَ؛ لِمَا هُو المشهورُ مِنْ أنَّ حق الصفة أن تكون معلومةَ
(1)
الدر المصون (10: 574).
(2)
ينظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل (2: 1282).
(3)
ينظر: تفسير أبي السعود (9: 67).
(4)
ينظر: روح البيان، لإسماعيل حقي (10: 250)، تفسير المظهري (10: 140)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (3: 404).
(5)
غرائب التفسير وعجائب التأويل (2: 1282).
الانتسابِ إلى الموصوف عندَ السامع، وحيثُ لمْ يكُنْ ثبوتُ النضرةِ للوجوهِ كذلكَ فحقُّه أنْ يخبَر به". اهـ
(1)
3 -
أنّ {وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} خبره، و {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} جملة في محل خبرٍ ثانٍ.
قاله: ابنُ عطية
(2)
، والمنتجب الهمذاني
(3)
.
قال ابنُ عطية: " {نَاضِرَةٌ} خبر {وُجُوهٌ}، وقوله -تعالى-: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} جملة هي في موضع خبر بعد خبر". اهـ
(4)
وضعّف هذا القول السمينُ الحلبي قائلاً: "وفيه نظرٌ؛ لأنَّه لا يَنْعَقِدُ منهما كلامٌ، إذ الظاهرُ تعلُّقُ {إِلَى} بـ {نَاظِرَةٌ} ". اهـ
(5)
4 -
أنّ {وُجُوهٌ} مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: وجوهٌ يومئذٍ ثَمَّ، و {نَاضِرَةٌ} صفة، وكذلك {نَاظِرَةٌ} .
(1)
تفسير أبي السعود (9: 67).
(2)
ينظر: المحرر الوجيز (5: 405).
(3)
ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد (6: 279).
(4)
المحرر الوجيز (5: 405).
(5)
الدر المصون (10: 575).
جوّزه أبو البقاء
(1)
، واستبعده السمين الحلبي فقال:"وهو بعيدٌ لعدمِ الحاجةِ إلى ذلك، ولا أدري ما الذي حَمَلهم على هذا مع ظهورِ الوجهِ الأولِ وخُلُوصِه من هذه التعسُّفات؟ وكونُ {إِلَى} حرفَ جرّ، و {رَبِّهَا} مجروراً بها هو المتبادَرُ للذِّهن". اهـ
(2)
5 -
أنّ {وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاظِرَةٌ} نعت لـ {نَاضِرَةٌ} أو نعت للوجوه، و {نَاضِرَةٌ} خبر {وُجُوهٌ} .
جوّزه: النحاس
(3)
، ومكي بن أبي طالب
(4)
.
وليس بظاهر.
ثانيًا: الترجيح:
القول الأول هو الراجح، وهو أنّ قوله:{وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} صفة، و {نَاظِرَةٌ} خبر المبتدأ؛ فهذا أوضح وأصحّ الأوجه من ناحيتي المعنى والصناعة.
ومعنى هذا القول: أنّ الوجوه الحسنة يومَ القيامة ناظرة إلى ربها، وهذا المعنى صحيح وظاهر، وموافق لما جاء عن السلف في تفسير الآية، حيث فسّرها غير واحد من السلف: وجوه حسنة ناظرة إلى ربها
(5)
.
(1)
ينظر: التبيان في إعراب القرآن (2: 1254).
(2)
الدر المصون (10: 576).
(3)
ينظر: إعراب القرآن (5: 55).
(4)
ينظر: مشكل إعراب القرآن (2: 778).
(5)
ممن فسّرها بذلك: الضحاك والحسن. ينظر: تفسير الطبري (24: 72)، الدر المنثور، للسيوطي (8: 349).
ويجوز أنّ يكون قوله: {وُجُوهٌ} مبتدأ، و {نَاضِرَةٌ} خبره، و {نَاظِرَةٌ} نعت للوجوه، أو خبر ثان.
أمّا استدراك السمين على ابن عطية فوارد؛ وذلك لأنّ قول ابن عطية: أنّ {نَاضِرَةٌ} خبر {وُجُوهٌ} و {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} جملة في موضع خبر ثانٍ قولٌ فيه بُعد؛ لأنَّه لا يَنعقدُ منهما كلامٌ، والظاهرُ تعلُّقُ {إِلَى رَبِّهَا} بـ {نَاظِرَةٌ} ، وقد نصّ جمهور المعربين على ذلك
(1)
.
* * *
(1)
ينظر: الدر المصون (10: 575)، تفسير أبي السعود (9: 67)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (29: 174)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (10: 304)، المجتبى، لأحمد الخراط (4: 1393)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (3: 404).