الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[15]: قال ابن عطية عند تفسيره لقوله - تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}
[المائدة: 48]: "وقال مجاهد
(1)
: قوله - تعالى-: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم هو مؤتمن على القرآن. قال القاضي أبو محمد: وغلط الطبري رحمه الله في هذه اللفظة على مجاهد؛ فإنه فسَّر تأويله على قراءة الناس
(2)
{وَمُهَيْمِنًا} بكسر الميم الثانية فبعد التأويل، ومجاهد رحمه الله إنما يقرأ هو وابن محيصن
(3)
(ومهيمَناً عليه) بفتح الميم الثانية، فهو بناء اسم المفعول، وهو حال من الكتاب معطوفة على قوله:{مُصَدِّقًا} ، وعلى هذا يتجه أن المؤتمن عليه هو محمد صلى الله عليه وسلم و {عَلَيْهِ} في موضع رفع على تقدير أنها مفعول لم يسم فاعله.
هذا على قراءة مجاهد وكذلك مشى مكي
(4)
رحمه الله وتوغل في طريق الطبري في هذا الموضع".
ثم ختم ابن عطية حديثه عن الآية بقوله: "ويحتمل أن يكون {مُصَدِّقًا} و {وَمُهَيْمِنًا} حالين من الكاف في {إِلَيْكَ}، ولا يخص ذلك قراءة مجاهد وحده كما زعم مكي". اهـ
(5)
(1)
مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ المَكِّي، أَبُو الحَجَّاج، الإمام، شيخ القراء والمفسرين، أخذ القرآن والتفسير والفقه عن ابن عباس وغيره من الصحابة، توفي سنة 104 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (4: 449)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (2: 41)، طبقات المفسرين، للداودي (2: 305)، طبقات المفسرين للأدنه وي (ص: 11).
(2)
قراءة العامة بكسر الميم الثانية (مهيمِناً) اسم فاعل، وقرأ مجاهد وابن محيصن (ومهيمَناً) بفتح الميم الثانية: اسم مفعول. ينظر: معاني القرآن، للنحاس (2: 318)، مختصر في شواذ القرآن، لابن خالويه (ص: 39)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (3: 1767)، تفسير القرطبي (6: 210)، تفسير أبي حيان (4: 282)، فتح القدير، للشوكاني (2: 55).
(3)
محمد - وقيل: عمر- بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِن السهمي مولاهم، المكي، أبو حفص، مقرئ أهل مكة بعد ابن كثير وأعلم قرائها بالعربية، انفرد بحروف خالف فيها المصحف، فترك الناس قراءته ولم يلحقوها بالقراءات الصحيحة، توفي سنة 123 هـ. ينظر: غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (2: 167)، تهذيب التهذيب، لابن حجر (7: 474).
(4)
ينظر: الهداية إلى بلوغ النهاية (3: 1767).
(5)
المحرر الوجيز (2: 200).
وقال السمين الحلبي: "وقرأ ابن محيصن ومجاهد: (ومُهَيْمَنا) بفتح الميم الثانية على أنه اسمُ مفعول، بمعنى أنه حوفظ عليه من التبديل والتغيير، والفاعل هو الله - تعالى-:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، أو الحافظ له في كل بلد، حتى إنه إذا غُيِرت منه الحركةُ تنبَّه لها الناسُ، ورَدُّوا على قارئِها بالصواب، والضمير في {عَلَيْهِ} على هذه القراءة عائد على الكتاب الأول، وعلى القراءةِ المشهورة عائد على الكتاب الثاني.
وروى ابن أبي نَجيح
(1)
عن مجاهد قراءته بالفتح وقال: "معناه: محمد مُؤْتَمَنٌ على القرآن"، قال الطبري:"فعلى هذا يكون {وَمُهَيْمِنًا} حالاً من الكاف في {إِلَيْكَ} "
(2)
، وطَعَن على هذا القول لوجود الواو في {وَمُهَيْمِنًا}؛ لأنها عطف على {مُصَدِّقًا} و {مُصَدِّقًا} حال من الكتاب لا حال من الكاف؛ إذ لو كان حالاً منها لكان التركيب: لما بين يديك؛ بالكاف".
ثم قال السمين: "وقال ابن عطية هنا بعد أن حكى قراءةَ مجاهد وتفسيرَه محمداً عليه السلام أنه أمين على القرآن: "قال الطبري: وقولُه (ومهيمناً) على هذا حالٌ من الكاف في قوله {إِلَيْكَ} قال: وهذا تأويلٌ بعيدٌ من المفهوم"، قال: "وغَلِط الطبري في هذه اللفظةِ على مجاهد، فإنه فَسَّر تأويلَه على قراءة الناس:{وَمُهَيْمِنًا} بكسر الميم الثانية فَبَعُدَ التأويل، ومجاهد رحمه الله إنما يقرأ هو وابن محيصن:(ومهيمَنا) بفتح الميم الثانية، فهو بناء اسم
(1)
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ المَكِّيُّ، أَبُو يَسَار، الإمام، الثقة، المفسر، روى عن جماعة من التابعين، قال عنه الذهبي:"هو مِن أخص الناس بمجاهد"اهـ، توفي سنة 131 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (6: 125)، طبقات المفسرين، للداوودي (1: 258).
(2)
تفسير الطبري (10: 381).