الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
معنى الاستدراك وأغراضه وأنواعه
المطلب الأول: معنى الاستدراك وأغراضه
.
أولاً: معنى الاستدراك:
الاستدراك لغةً:
الاستدراك: اسْتِفْعَالٌ مِنْ (دَرَكَ) يفيد معنى الطلب واللحاق
(1)
، قال ابن فارس
(2)
: "الدال وَالراء وَالكاف أصلٌ واحدٌ، وهو لُحوقُ الشيءِ بالشيءِ ووصولُه إليه"اهـ
(3)
، يقال:
…
(1)
ينظر: الأصول في النحو، لابن السراج (3: 127)، الخصائص، لابن جني (2: 155)، المفصل، للزمخشري (1: 374)، لسان العرب، لابن منظور، مادة: دَرَكَ (10: 419)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (4: 264)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، للسيوطي (1: 41).
(2)
أحمد بن فارس بن زكريا، أبو الحسين، من كبار أئمة اللغة، من أبرز مصنفاته: الصاحبي في فقه اللغة، ومقاييس اللغة، كان على مذهب أهل السنة والجماعة، توفي بالري سنة 395 هـ. ينظر: نزهة الألباء، للأنباري (ص: 235)، معجم الأدباء، لياقوت الحموي (1: 410)، إنباه الرواة، للقفطي (1: 127).
(3)
مقاييس اللغة، مادة: دَرَكَ، (2: 269).
" أدركتُ الرجلَ إدراكاً: إذا لحقته"
(1)
، وتَدَاركَ القومُ: لَحِق آخرُهم أولَهم
(2)
، و (استدركَ) ما فات و (تدارَكَه) بمعنىً
(3)
.
قال الزمخشري
(4)
: "وتدارك خطأ الرأي بالصواب واستدركه، واستدرك عليه قوله"اهـ
(5)
، وقال الزبيدي
(6)
: "استدركَ عليه قولَه: أصلح خطأه، ومنه المستدرك على الصحيحين"اهـ
(7)
، وفي المعجم الوسيط: استدرك عليه القول: أصلح خطأه أو أكمل نَقصه أو أزال عنهُ لبساً
(8)
.
فيظهر مما ذُكر أن الاستدراك في اللغة له استعمالان:
الأول: أن يستدرك الشَّيءَ بالشَّيءِ، إذا حاولَ اللَّحَاقَ به.
(1)
جمهرة اللغة، لابن دريد، مادة: دَرَكَ، (2: 636).
(2)
ينظر: لسان العرب، لابن منظور، مادة (دَرَكَ)، (10: 419)، القاموس المحيط، للفيروزأبادي، مادة (دَرَك)، (1: 938).
(3)
ينظر: الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري، مادة: دَرَكَ، (4: 1582).
(4)
محمود بن عمر الزمخشري، أبو القاسم، جار الله، إمام في اللغة والنحو والأدب، كان معتزلياً، وله في التفسير: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، توفي بخوارزم سنة 538 هـ. ينظر: نزهة الألباء، للأنباري (ص: 290)، معجم الأدباء، لياقوت الحموي (19: 126)، إنباه الرواة، للقفطي (3: 265)، طبقات المفسرين، للسيوطي (ص: 120).
(5)
أساس البلاغة، مادة: دَرَكَ، (1: 285).
(6)
محمد بن محمد الحسيني الزَّبيدي، أبو الفيض، الملقب بمرتضى، علامة باللغة والأنساب، من أبرز كتبه: تاج العروس في شرح القاموس، وإتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين، توفي بالطاعون في مصر سنة 1205 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (7: 70)، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبدالرزاق الميداني (1: 1492)، طبقات النسابين، لبكر أبو زيد (1: 181).
(7)
تاج العروس، مادة: دَرَكَ (27: 144).
(8)
ينظر: المعجم الوسيط، إعداد: مجمع اللغة العربية، (استدرك)، (1: 281).
والثاني: في مثلِ قولهم: استدركَ الرأي والأمر، إذا تلافى مَا فَرَّطَ فيه مِنَ الخطأِ أو النقص
(1)
.
الاستدراك اصطلاحاً:
الاستدراك في اصطلاح النحويين: رفع توهُّمٍ نشأ من كلام سابق
(2)
.
وفي اصطلاح الفقهاء
(3)
: إصلاحُ ما حصل في القول أو العمل من خللٍ أو قُصورٍ أو فَوات
(4)
.
والمراد بالاستدراك في هذا البحث: التصويب والإكمال والتوضيح، وذلك من خلال إتباعُ القول الأول بقول ثانٍ؛ يصلحُ خطأه، أو يكمل نقصه، أو يزيلُ عنه لَبْساً
(5)
.
وهذا المعنى هو الذي أراده العلماء الذين صنفوا في مجال الاستدراكات في شتى العلوم.
(1)
ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (3: 269).
(2)
ينظر: الجنى الداني في حروف المعاني، لبدر الدين المرادي (ص: 615)، التعريفات، للجرجاني (1: 21)، التوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي (1: 48)، الكليات، للكفوي (1: 115).
(3)
وذلك عن طريق التتبع والاستقراء؛ فالفقهاء قد استخدموا هذا المصطلح في ثنايا كتبهم، ومن الاستدراك عندهم: استدراك نقص لصلاة بسجود السهو، واستدراك الصَّلاةِ إذا بطلت بإعادتها، واستدراك الصلاة المنسية بقضائها. وللاطلاع على بعض المواضع التي استخدموا فيها هذا المصطلح؛ ينظر: البرهان في أصول الفقه، لأبي المعالي الجويني (1: 89)، الفروق، للكرابيسي (1: 95)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، للرملي (2: 431).
(4)
ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (3: 269).
(5)
ينظر: استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى، لنايف الزهراني (ص: 16).
ومن أمثلة ذلك:
في التفسير: جزء فيه استدراك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على الصحابة
(1)
، لأبي منصور الشِّيْحِي البغدادي
(2)
، والاستدراك هنا بمعنى التصويب.
وقد قام بدر الدين الزركشيّ
(3)
بنقل هذه الاستدراكات، وزاد عليها ورتبها في مصنف مستقل، سمّاه: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة
(4)
.
في الحديث: المستدرك على الصحيحين
(5)
، للحاكم
(6)
، والاستدراك هنا بمعنى الإضافة والإكمال.
(1)
ينظر: الأنساب، للسمعاني (3: 487)، فهرسة ابن خير الإشبيلي (1: 146).
(2)
عبد المحسن بن محمد الشِّيحي البغدادي، أبو منصور، المحدث الفقيه، المعروف بابن شُهْدَانْكَه، كتب وحصل الأصول، وكتب بخطه أكثر مسموعاته، توفي سنة 489 هـ. ينظر: الأنساب، للسمعاني (3: 487)، العبر في خبر من غبر، للذهبي (3: 326)، سير أعلام النبلاء للذهبي أيضاً (19: 152)، الوافي بالوفيات، للصفدي (19: 96).
(3)
محمد بن بَهَادِر الزَّرْكَشِيّ، بدر الدين، أبو عبد الله، الفقيه الشافعي، من علماء الحديث والتفسير، وقد برز في علم أصول الفقه، من مصنفاته:(البحر المحيط) في أصول الفقه و (البرهان في علوم القرآن)، توفي سنة 794 هـ. ينظر: طبقات الشافعية، لابن قاضى شهبة (3: 167)، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر (5: 133)، طبقات المفسرين، للأدنه وي (ص: 302).
(4)
ينظر: الجواهر والدرر، للسخاوي (ص: 392)، كشف الظنون، لحاجي خليفة (2: 1384).
(5)
ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة (2: 1672).
(6)
محمد بن عبد الله الضّبّي الطّهماني النيسابوري، أبو عبد الله الحاكم، الحافظ الكبير، قال عنه الذهبي: شيخ المحدثين، صاحب التصانيف. من أشهر مصنفاته:(المستدرك على الصحيحين)، توفي سنة 405 هـ. ينظر: طبقات الفقهاء الشافعية، لابن الصلاح (1: 198)، طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي (4: 155)، الوافي بالوفيات، للصفدي (3: 259)، سير أعلام النبلاء، للذهبي (17: 163)، شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي (3: 176).