الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكر أبو البقاء أنّ المحذوفة هي الثانية، قال:"لضَعْفها بكونِها بدلاً، وحصولِ التكرير بها"
(1)
.
و (مِنْ) هذه التي في (لَمِنْ ما) زائدة في الواجب على رأي أبي الحسن الأخفش، وهذا تخريج أبي الفتح". اهـ
(2)
دراسة الاستدراك:
أولاً: أقوال العلماء في (لَمَّا):
1 -
أن (لَمَّا) ظرفية بمعنى حين.
قاله: ابن السرّاج
(3)
، والفارسي
(4)
، والراغب الأصفهاني
(5)
(6)
، والزمخشري، وابن عطية، وابن الجوزي
(7)
(8)
، وغيرهم
(9)
.
(1)
التبيان في إعراب القرآن (1: 275).
(2)
الدر المصون (3: 292).
(3)
محمد بن السّري البغداديّ النَّحْوِيّ، أبو بكر، المعروف بابن السَرَّاج، إمام النحو، من مصنفاته:(الأصول) في النحو، توفي سنة 316 هـ. ينظر: تاريخ بغداد، للبغدادي (3: 263)، نزهة الألباء، للأنباري (ص: 186)، بغية الوعاة، للسيوطي (1: 109).
(4)
ينظر: الأصول في النحو، لابن السراج (2: 157)، الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي (3: 65).
(5)
الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُفَضَّلِ الأَصْفهَانِيُّ، أَبُو القَاسِمِ، المعروف بالراغب، العلاّمة الماهر، المحقق الباهر، الأديب، من تصانيفه:(مفردات القرآن) و (محاضرات الأدباء)، توفي سنة 502 هـ وقيل غير ذلك. ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (18: 120)، بغية الوعاة، للسيوطي (2: 297)، طبقات المفسرين، للأدنه وي (ص: 168).
(6)
ينظر: تفسير الراغب الأصفهاني (2: 681).
(7)
عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزيّ البَكْريّ القُرَشيّ البغدادي، جمالُ الدين، أبو الفرج، الشيخ، الإمام، العَلاَّمة، الحافظ، المفسّر، شَيْخُ الإسلام، الحنبلي، الواعظ، كثيرُ التصانيف في علوم شتى؛ ومن هذه التصانيف:(زاد المسير في علم التفسير) و (المنتظم في تاريخ الأمم والملوك) و (فنون الأفنان في علوم القرآن) و (المدهش) و (تلبيس إبليس)، توفي سنة 597 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (21: 365)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (1: 375)، طبقات المفسرين، للسيوطي (ص: 61).
(8)
ينظر: زاد المسير في علم التفسير (1: 300).
(9)
ينظر: إعراب القراءات الشواذ، لأبي البقاء (1: 333)، تفسير القرطبي (4: 126).
واختلفوا في تقدير جوابها؛ فذهب الزمخشري إلى أن الجوابَ مقدرٌ من جنس جواب القسم، أي:"حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدِّق وَجَبَ عليكم الإيمانُ به ونصرتُه"
(1)
.
وقدّر ابنُ عطية جوابها من جنس ما سبقها؛ قال: " أي: لَمَّا كنتم بهذه الحالِ رؤساءَ الناس وأماثِلَهم أخذ عليكم الميثاق، إذ على القادة يُؤْخَذ". اهـ
(2)
2 -
أن (لَمَّا) حرفُ وجود لوجود، وهو مذهب سيبويه وجمهور النحاة
(3)
، ورجحه: أبو حيان
(4)
، والسمين الحلبي
(5)
.
وجوابُها كما تقدَّم مِن تقديري ابن عطية والزمخشري.
3 -
أن أصلها (لِمنْ مَا)، وزيدت (مِن) في الواجب على مذهب الأخفش
(6)
، ثم أدغمت، كما يجب في مثل هذا، فجاء (لمما)، فثقل اجتماع ثلاث ميمات، فحذفوا إحداها، وهذا قول ابن جني
(7)
.
قال أبو حيان: " وهذا التوجيه في قراءة التشديد في غاية البعد، ويُنَزّه كلام العرب أن يأتيَ فيه مثلُه، فكيف كلام اللَّهِ -تعالى-؟ ". اهـ
(8)
(1)
تفسير الزمخشري (1: 379).
(2)
المحرر الوجيز (1: 465).
(3)
ينظر: الكتاب، لسيبويه (3: 107)، الجنى الداني في حروف المعاني، للمرادي (ص: 594)، مغني اللبيب، لابن هشام (1: 369)، موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب، للجرجاوي (ص: 101)، همع الهوامع، للسيوطي (2: 222).
(4)
ينظر: تفسير أبي حيان (3: 241).
(5)
ينظر: الدر المصون (3: 291).
(6)
ينظر: معاني القرآن، للأخفش (1: 105).
(7)
ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (1: 164).
(8)
تفسير أبي حيان (3: 242).
4 -
أنَّ الأصل أيضاً: لَمِنْ ما، فَفُعِل به ما تقدم من القلب والإِدغام ثم الحذفِ، إلا أن (مِنْ) ليست زائدةً بل هي تعليليَّةٌ، قال الزمخشري:"ومعناه لمِنْ أجل ما آتيتكم لتؤمنُنَّ به، وهذا نحو من قراءة حمزة في المعنى". اهـ
(1)
.
قال السمين: "وهذا الوجه أوجهُ ممَّا تقدَّمه لسلامته من ادِّعاء زيادة (مِنْ)، ولوضوح معناه". اهـ
(2)
والراجح - والله أعلم- قول سيبويه والجمهور، وهو ما رجحه السمين الحلبي؛ لأسباب، منها:
1 -
أنَّ (لَمَّا) ليس فيها شيء من علامات الأسماء
(3)
.
2 -
أنّها لو كانت ظرفاً لكان جوابها عاملاً فيها، ويلزم من ذلك أن يكون الجواب واقعاً فيها، لأن العامل في الظرف يلزم أن يكون واقعاً فيه، كما في قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [الكهف: 59] المراد: أنهم أهلكوا بسبب ظلمهم، لا أنهم أهلكوا حين ظلمهم، لأن ظلمهم متقدم على إنذارهم، وإنذارهم متقدم على إهلاكهم
(4)
.
3 -
أنَّها تشعر بالتعليل، كما في الآية المذكورة، والظروف لا تشعر بالتعليل
(5)
.
(1)
الكشاف (1: 380).
(2)
الدر المصون (3: 292).
(3)
ينظر: الجنى الداني، للمرادي (ص: 594). والقول بأنها اسم بمعنى حين هو قول الفارسي وابن عطية كما سبق. ومن علامات الأسماء: دخول الألف واللام عليها، والتنوين، وحروف الجر، والنداء. ينظر: أسرار العربية، للأنباري (ص: 39).
(4)
ينظر: رصف المباني في شرح حروف المعاني، لأحمد المالقي (ص: 284)، الجنى الداني، للمرادي (ص: 595).
(5)
ينظر: الجنى الداني في حروف المعاني، للمرادي (ص: 595).
ثانياً: على القول بأن (لَمّا) أصلها (لَمِن ما) فحصل فيها قلب وإدغام وحذف؛ أي الميمات حُذفت؟
قال ابنُ عطية: "حذفت الميم الأولى". اهـ
(1)
قال السمين مستدركاً عليه: "وفيه نظر، لأنَّ الثقلَ إنما حصل بما بعد الأولى، ولذلك كان الصحيح في نظائره إنما هو حَذْفُ الثواني نحو: (تَنَزَّل) ". اهـ
(2)
وقال أبو البقاء: "حذف الثانية لضعفها بكونها بَدَلاً، وحصول التكرير بها". اهـ
(3)
والراجح: أن الميم الثانية هي التي حُذفت؛ لما ذكره أبو البقاء والسمين.
* * *
(1)
المحرر الوجيز (1: 465).
(2)
الدر المصون (3: 291).
(3)
التبيان في إعراب القرآن (1: 275).