الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السمين الحلبي: "والحَرُوْرُ: شدةُ حَرِّ الشمس، وقال الزمخشري: "الحَرورُ: السَّمُوم، إلاَّ أنَّ السَّمومَ بالنهارِ، والحَرورَ فيه وفي الليل" اهـ
(1)
، قلت: وهذا مذهبُ الفراءِ وغيرِه.
وقيل: السَّمومُ بالنهار، والحَرورُ بالليل خاصةً، نقله ابنُ عطية عن رُؤبة، وقال:" ليس بصحيحٍ، بل الصحيحُ ما قاله الفراءُ" اهـ، وهذا عجيبٌ منه كيف يَرُدُّ على أصحاب اللسانِ بقولِ مَنْ يأخذُ عنهم؟ ". اهـ
(2)
دراسة الاستدراك:
انتقد السمينُ الحلبي ابنَ عطية في رده لقول رُؤبة في الحرور والسموم، بحجة أن رُؤبة من أصحاب اللسان وشيوخ العربية الذين تُؤخذ عنهم اللغة؛ فكيف يرد عليه بقول مَن يأخذ عنه؟
وهذا الاستدراك ليس في محله؛ فابن عطية له أن يرجح القول الذي يراه صواباً، لاسيما وأن هذه المسألة ليس متفقًا عليها بين أهل اللغة متقدمهم ومتأخرهم، بل والجمهور على خلاف ما قاله رُؤبَة.
والجمهور أيضاً فرّقوا بين الحرور والسموم مِن ناحية زمنية، وبعضهم فرّق بينهما من جهة الشدة؛ فذهبوا إلى أن الحرور أشد السموم
(3)
.
(1)
تفسير الزمخشري (3: 608).
(2)
الدر المصون (9: 224).
(3)
ينظر: كتاب الجيم، للشيباني (1: 158).
وللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال رئيسة:
1 -
أنّ الحرور يكون بالليل، والسموم بالنهار.
قاله: ابنُ عباس
(1)
رضي الله عنه، ورؤبة
(2)
، وابن قتيبة
(3)
، وغيرهم
(4)
.
2 -
أنّ الحرور في هذا الموضع ما يكون في النهار مع الشمس.
قاله: أبو عُبيدة
(5)
مَعْمَر بن المثنى
(6)
، ورجحه: الطبري
(7)
.
قال الطبري: "والقول في ذلك عندي: أن الحرور يكون بالليل والنهار، غير أنه في هذا الموضع بأن يكون كما قال أبو عبيدة: أشبه مع الشمس؛ لأن الظل إنما يكون في يوم شمس، فذلك يدل على أنه أريد بالحرور: الذي يوجد في حال وجود الظل". اهـ
(8)
(1)
نقله بعض العلماء عنه، ولم أعثر له على سند لا في كتب التفسير المُسْنَدة، ولا في كتب الحديث، وقد ذكره البخاري في صحيحه معلقاً (6: 122) كتاب التفسير، باب قوله:{إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46]، وينظر: تفسير البغوي (3: 692)، تفسير القرطبي (14: 340)، لباب التأويل، للخازن (3: 456).
(2)
ينظر: مجاز القرآن، لأبي عبيدة (2: 154)، تفسير الطبري (20: 457)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (9: 5970)، زاد المسير، لابن الجوزي (3: 509).
(3)
ينظر: غريب الحديث (2: 469).
(4)
ينظر: الصحاح، للجوهري، مادة: حرر (2: 628)، تفسير الثعلبي (8: 105).
(5)
مَعْمَر بنُ المُثَنَّى التَّيْمِيّ مولاهم البَصْرِيّ، أَبُو عُبَيْدَة، العلاّمة، النحوي، كان من أعلم الناس باللغة وأنساب العرب وأخبارها، من تصانيفه:(مجاز القرآن)، و (الخيل)، توفي سنة 209 هـ. ينظر: تاريخ بغداد، للبغدادي (15: 338)، معجم الأدباء، لياقوت الحموي (6: 2704)، سير أعلام النبلاء، للذهبي (9: 445).
(6)
ينظر: مجاز القرآن (2: 154).
(7)
ينظر: تفسير الطبري (20: 457).
(8)
المصدر السابق، الموضع نفسه.
3 -
أنّ الحرور بالليل والنهار.
وهو قول الجمهور
(1)
، ومنهم: قطرب
(2)
، والفراء
(3)
.
ومِن الجمهور مَن خصّ السموم بالنهار
(4)
، ومنهم مَن عمّم فجعله في الليل والنهار مثل الحرور
(5)
.
وهذا هو القول الراجح؛ لأن الحرور فَعولٌ مِن الحر
(6)
، وفيه معنى التكثير، أي: الحر المؤذي
(7)
.
* * *
(1)
ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (3: 251)، تفسير السمرقندي (3: 105)، تفسير ابن أبي زمنين (4: 29)، المحكم، لابن سيده، مادة: حر (2: 517)، تفسير السمعاني (4: 354)، المفردات، للراغب، مادة: حر (1: 224)، تفسير الزمخشري (3: 608)، المحرر الوجيز (4: 435)، تفسير القرطبي (14: 339)، تفسير ابن جزي (2: 174)، القاموس المحيط، للفيروزأبادي، مادة: حر (1: 374).
(2)
ينظر: تفسير الماوردي (4: 469)، فتح القدير، للشوكاني (4: 396).
(3)
ينظر: تفسير الطبري (20: 457)، تفسير ابن فورك (2: 167)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (9: 5969)، تفسير الماوردي (4: 469)، زاد المسير، لابن الجوزي (3: 509).
(4)
ينظر: تفسير الزمخشري (3: 608)، المحرر الوجيز (4: 435)، تفسير ابن جزي (2: 174).
(5)
ينظر: تفسير القرطبي (14: 339).
(6)
ينظر: تفسير البيضاوي (4: 257)، تفسير أبي السعود (7: 149).
(7)
ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (3: 251).