الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله مقلِّب الأبصار البصائر، المنزه عن الأشباه والأمثال والنظائر، الذي كلُّ شيء منه كائن وإليه صائر، الذي أنشأ الأرض مهدًا ورفع السماء بلا قواعد، ووسع كل شيء علمًا، فعنده علم النوازل والصواعد، أحكم الشرع الحنيف وأتم دينه بخير المقاصد، ونصلي ونسلم على من أوتي جوامع الكلم، ومجامع الحكم، وكشف الله بنور هديه الظُّلَم، ورفع بهدي نوره الغُمَم، وأتم ببركة رسالته النِّعَم، وأزال بإرسال بركته النِّقم، وأكمل ببلاغِهِ دين خير الأمم، سيدنا محمد بن عبد الله خاتم المرسلين، ورحمة الله للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن علم قواعد الفقه الإسلامي علمٌ ذو خطر في أهميته ولزومه لعلم الفقه، وهو علم يطلع الناظرين على خطر الفقه الإسلامي ورسوخه وعلو مكانته، فإن الشيء لا يؤسس على قواعد متينة إلا إذا كان راسخًا في ذاته شامخًا في بنيانه؛ من هنا أتى اهتمام محققي المذاهب الأربعة وحرصهم على أن يردوا مذاهبهم إلى قواعد كلية وضوابط عامة تلم شتات الفروع وتضبط منثورها، وتسهل على الفقيه استحضار الحكم الفرعي؛ إذ من الصعب أن يكون حافظًا لكل فروع مذهبه، ولكن استحضاره للقاعدة ييسر له ذلك كثيرًا.
كما أن اطلاع المجتهد والمفتي والمشتغل بالفقه على القواعد الكلية للفقه يعصم أحكامه واستنباطه من الوقوع في التناقض والاضطراب، فإن من سار على
قاعدة فقهية كانت أحكامه سائرة وَفقَ منهج واحد.
وعلم القواعد يجعل المرء مطلعًا على أسرار الشريعة، فاقهًا مقاصدها، قادرًا متمرسًا على استعمال القياس، متمكنًا من معرفة أحكام النوازل الجديدة، فإنه عندما يعرف علل الأحكام والقواعد التي ترد إليها الأحكام يكون بذلك قادرًا على استنباط أحكام النوازل الجديدة.
فعلم القواعد الفقهية علمٌ عظيم القدر، جليل الشأن، عميم نفعه، غزيرة فوائده، غالية نفائسه وفرائده، تعطرت بمداد أقلامه صحائف أولى النُّهى، واكتحلت بإثمده مُقَلُ ذوي النظر، إذ هو قواعد الأحكام، المؤسس لمصالح الأنام، والضابط لموازين الحلال والحرام، لا غناء عنه لكل فقيه، ولا مقنع في غيره لكل مجتهد نبيه.
وكتاب "القواعد" للإمام المحقق المتقن الحافظ سراج الدين بن الملقن لبنة غضَّةٌ يانعة، عَمِلنا في إثمارها حتى أينعت وبرزت للطالب واستوت على سوقها أمام نواضر الراغب، سائلين الحق تعالى أن ينفع به الطالب والراقم والكاتب.
وعلى الله قصد السبيل