الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمكن الخلوص من هذه التعريفات للقاعدة الفقهية بتعريف مناسب على النحو التالي فنقول:
القاعدة الفقهية: "هي أصل فقهي كلي يتضمن أحكامًا تشريعية عامة من أبواب متعددة في القضايا التي تدخل تحت موضوعه"(1).
أما تعريف القواعد الفقهية باعتبار العلمية [أي: باعتبارها لقبًا وعَلَمًا على الفن المخصوص، : فهي العلم بالأحكام الكلية الفقهية التي تنطق على جزئيات تُعرف أحكامها منها (2).
وقيل: هي القضايا الكلية الفقهية التي جزئيات كل قضية فيها تمثل قضايا كلية فقهية.
ثانيًا: أهمية القواعد الفقهية:
إن لدراسة القواعد الفقهية أثرًا عظيمًا نافعًا في بناء الملكات الفقهية وتدعيم شخصية الفقيه، ومن فوائد تعلمها (3):
1 -
أنها تجعل الإنسان لا يضطرب في المسائل الفقهية، فإنه من سار على
(1)"القواعد الفقهية" للشيخ الدكتور / علي بن أحمد الندوي (ص: 45).
وانظر: "شرح القواعد الفقهية" للشيخ أحمد الزرقا (ص: 35 - 36)، "المدخل الفقهي العام" للشيخ مصطفى الزرقا (2/ 941).
(2)
"القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 55)، "المنهاج في علم القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 4).
(3)
"شرح منظومة القواعد الفقهية" للشيخ السعدي، شرحها الشيخ سعد بن ناصر الشتري (ص: 16)، وانظر:"القواعد الفقهية" للندوي (ص: 70)، "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 114)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 29)، "القواعد الفقهية" للزحيلي (ص: 26).
قاعدة فقهية كانت أحكامه الفقهية سائرة على منهج واحد، أما من لم يراع القواعد
الفقهية فإن ترجيحاته تكون مضطربة غير سائرة على منهج واحد.
2 -
أن علم القواعد يجعل المرء يعرف أسرار الشريعة ويفقه المقاصد التي تقصدها من خلال تقرير الأحكام الفقهية.
3 -
أن القواعد الفقهية موجزة الألفاظ سهلة العبارات يمكن للفقيه أن يحيط بها وأن يحفظها بخلاف الفروع الفقهية.
4 -
أن القواعد الفقهية تعطي دارسها القدرة على استعمال القياس، فإنه عندما يعرف العلة التي من أجلها ثبت الحكم الحق بقية المسائل بهذه المسألة؛ كما أنه يكون قادرًا بها على معرفة حكم النوازل الجديدة، فإنه عندما يعرف علل الأحكام والقواعد التي ترد إليها الأحكام يكون بذلك عارفًا بأحكام النوازل الجديدة.
وقد أكد العلماء والمحققون قديمًا وحديثًا على ضرورة الاهتمام بالقواعد الفقهية تصنيفًا وتدريسًا وضبطًا.
يقول الشهاب القرافي: "وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعلو قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طِلْبة مناها، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لإندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض
عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب، وحصل طلبته في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان" (1).
وبقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: "فهذه قواعد مهمة وفوائد جمة تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب، وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد، فلينعم الناظر فيه النظر، وليوسع العذر، إن اللبيب من عذر"(2).
ويقول التاج ابن السبكي: "حق على كل طالب التحقيق ومن يتشوف إلى المقام الأعلى في التصور والتصديق أن يُحْكِم قواعد الأحكام؛ ليرجع إليها عند الغموض، وينهض بعبء الاجتهاد أتم نهوض، ثم يؤكدها بالاستكثار من حفظ الفروع، لترسخ في الذهن مثمرة عليه بفوائد غير مقطوع فضلها ولا ممنوع، أما استخراج القوى وبذل المجهود في الاقتصار على حفظ الفروع من غير معرفة أصولها ونظم الجزئيات بدون فهم مأخذها، فلا يرضاه لنفسه ذو نفس أبية ولا حاملة من أهل العلم بالكلية"(3).
ويقول البدر الزركشي: "إن ضبط الأمور المنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة هو أوعى لحفظها وأدعى لضبطها، وهي إحدى حكم العدد التي وضع لأجلها، والحكيم إذا أراد التعليم لابد له أن يجمع بينن بيانين إجمالي تتشوف إليه النفس، وتفصيلي تسكن إليه"(4).
(1)"الفروق" للإمام العلامة المحقق الفقيه الأصولي شهاب بالدين القرافي المالكي (1/ 70 - 71).
(2)
"تقرير القواعد وتحرير الفوائد" لابن رجب (1/ 3 - 4).
(3)
"قواعد ابن السبكي"(1/ 10).
(4)
"المنثور من القواعد" للزركشي (1/ 65 - 66).