الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (1) وليس ذلك في الصلاة، وهي أفضل منهما.
فإن قلت: "الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر"(2) فإذا كانت الفرائض لا تكفر الكبائر فكيف تُكفرها سُنَّة، وهو موافقة التأمين؟ [25 ق / ب].
قلتُ: المكفِّر إنما هو الموافقة (3)، وليس من صنيعه وإنما [هو](4) تفضل من الله وسعادة لمن وافق.
تنبيهات
أحدها: ما أوجبه الشخص على نفسه بالنذر الظاهر أنه دون ما فرضه (5) الله تعالى ابتداء، ويؤيده اختلاف الأصحاب في إلحاقه بالواجب الأصلي في صور مختلفة الترجيح.
الثاني: إذا تقرر أن الفرض أفضل، فالواجب لا يترك إلا بالواجب (6)، وإن شئت قلت:"ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه"، أو "الواجب لا يترك بسنة"، أو بأن "جواز ما لم يشرع لم يجز دليلًا على وجوبه"، وأصل هذه القاعدة متلقاة من كلام
(1) متفق عليه: من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في "صحيحه"[كتاب الحج -باب فضل الحج المبرور- حديث رقم (1521)]، ومسلم في "صحيحه"[كتاب الحج -باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة- حديث رقم (1350)].
(2)
أخرجه مسلم في "صحيحه"[كتاب الطهارة -باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر- حديث رقم (233)].
(3)
أي أن المكفر ليس التأمين الذي هو فعل المؤمن، بل وفاق الملائكة.
(4)
سقطت من (ن).
(5)
في (ق): "يوجبه".
(6)
"الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 193 - 194)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 329).
ابن سريج (1) في مسألة الختان، وذكرها جماعة منهم الغزالي، وشيخه، وغيرهما (2)، ويظهر أثر ذلك في مسائل:
- منها: قطع اليد في السرقة فإنه لو لم يجب لكان حرامًا، وإليه أشار الرافعي بقوله: بقطع عضو (3).
- ومنها: إقامة الحد في (4) الجرائم، فلا يكون إلا واجبًا؛ كقطع (5) اليد والرجل.
- ومنها: أنه يجب على المضطر أكل الميتة على الأصح.
- ومنها: إذا كان لا يحسن الفاتحة ولا يحسن [إلا آيات](6) فيها سجود تلاوة، قال الإمام في "الأساليب" (7): لا نص فيها، قال: ولا يبعد منعه من سجود
(1) وقعت في (ن): "شريح"، والصواب ما أثبت.
وابن سريج: هو أحمد بن عمر بن سُرَيج، القاضي أبو العباس البغدادي، حامل لواء الشافعية في زمانه، وناشر مذهب الشافعي، قال العبادي في ترجمته: شيخ الأصحاب وسالك سبيل الإنصاف، وصاحب الأصول والفروع الحسان، وناقض قوانين المعترضين على الشافعي، وكان من عظماء الشافعيين وعلماء المسلمين، وكان يقال له: الباز الأشهب، وولي قضاء شيراز، وكان يُفضل على جميع أصحاب الشافعي، حتى على المزني، قيل إن فهرست كتبه يشتمل على أربعمائة مصنف، توفي سنة ست وثلائمائة (306 هـ)، راجح ترجمته في:"طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 59 - رقم 35)
(2)
كأبي إسحاق الشيرازي، وإمام الحرمين، وإلكيا الهراسي، والرافعي.
(3)
أي قطع عضو لا يختلف فلا يكون إلا واجبًا كقطع اليد والرجل.
(4)
في (ق): "مع".
(5)
في (ق): "بقطع".
(6)
في (ق): "الآيات".
(7)
وهو كتاب "الأساليب في الخلاف" وهو كتاب لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني أورد فيه =
التلاوة يعني في الصلاة؛ حتى لا ينقطع القيام المفروض، وهي مسألة غريبة مخرجة على أن ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه.
- ومنها: الختان (1)، قالوا ردّاً على السادة الحنفية حيث نفوا وجوبه ونظموه قياسًا لو لم يكن واجبًا لما كشفت له العورة؛ لأن كشف العورة محرم، فلما كشف لأجله دل على وجوبه، وعبارة الرافعي قطع عضو يخاف منه، فلو لم يجب لم يجز، واعترض بختان الصغير فإنه ليس واجبًا حالًا ويكشف له العورة، وأجيب بجواز التزام النظر إلى فرج الصغير، وهو الأصح، خلافاً لما في "المحرر"(2)؛ ولأنه [29 ن/ ب] قد يراه الولي مصلحة (3)، ويستثنى من طرد هذه القاعدة مسائل:
- منها: سجود التلاوة خلافاً للسادة الحنفية.
- ومنها: سجود السهو، فإنه ممنوع لو لم يشرع؛ إذ لا تجوز زيادة سجودين عمدًا، ومع ذلك هو سنة.
- ومنها: زيادة ركوع ثان فأكثر عند تمادي الكسوف على وجه قوي (4)؛ خلافاً لما صححه الرافعي والنووي.
= الحجج الشرعية لرفع شبه الخصوم وقدح أدلتهم الخلافية على مذهب إمامه الشافعي، راجع:"طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 238)، "كشف الظنون"(1/ 119).
(1)
أي أن الختان: قطع عضو سليم، فلو لم يجب لم يجز، كقطع الأصبع -فإن قطعها إذا كانت سليمة لا يجوز إلا إذا وجب القصاص.
(2)
هو "المحرر في فروع الشافعية" للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت 623 هـ)، وهو كتاب معتبر مشهور بين السادة الشافعية وعليه شروح عدة، واختصره النووي وسماه "المنهاج"، راجع:"كشف الظنون"(2/ 506).
(3)
أي أنه يجب على الولي ختان الصبي إذا رآه مصلحة.
(4)
قواه ورجحه تقي الدين السبكي، كما في "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 195).
- ومنها: النظر إلى المخطوبة لم يقل بوجوبه إلا داود (1).
- ومنها: الكتابة لا تجب وإن طلبها الرقيق الكسوب على المذهب، وقد كانت المعاملة [26 ق/ أ] قبلها ممنوعة؛ لأن السيد لا يعامل عبده.
- ومنها: التنحنح في الصلاة إذا بأن منه حرفان بطلت، فإن تعذر (2) الجهر إلا به [كان](3) عذرًا (4) في وجه؛ إقامةً لشعار الجهر، فإذًا ترك واجبًا وهو ترك التنحنج لأجل [الجهر](5) وهو سنة.
- ومنها: قطع السلعة المخوف (6) بقاؤها جائز غير واجب.
- ومنها: على الجديد يجوز أو يستحب للغاسل حلق عانة الميت، قال أبو شامة (7) في كتاب السواك: وهذا لا يتأتى في الغاسل إلا بنظره إلى العورة أو لمسها
(1) هو داود بن علي بن داود بن خلف أبو سليمان، الكوفي، الأصبهاني، المعروف بالظاهري، ولد سنة (202 هـ)، وهو أول من استعمل قول الظاهر، وأخذ بالكتاب والسنة، وألغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس، وكان فاضلًا ورعاً، من تصانيفه:"إبطال التقليد"، "إبطال القياس""كتاب الإجماع"، "الحجة"، وغيرها، توفي سنة سبعين ومائتين (270 هـ)، راجع ترجمته في:"الفهرست" لابن النديم (1/ 216)، "هدية العارفين"(1/ 294).
(2)
كذا في (ق)، وفي (ن):"قصد".
(3)
استدراك من (س).
(4)
في (ن) و (ق): "عذر".
(5)
سقطت من (ق).
(6)
في (ن) و (ق): "للخوف"، والمثبت هو الصواب.
(7)
هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، شهاب الدين، أبو القاسم المقدسي، ثم الدمشقي، الفقيه المقرئ، النحوي، المحدث، المعروف بأبي شامة لشامة كبيرة فوق حاجبه الأيسر، وكان عالمًا ذا فنون كثيرة، وكتب الكثير من العلوم وأتقن الفقه، درس وأفتى، وبرع في فن العربية حتى قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، من تصانيفه:"شرح الشاطبية"، "نظم المفصل =
وكلاهما يحرم، قال: فقد بطل بهذا قول أصحابنا: لا يترك الواجب إلا لواجب (1).
الثالث: إذا تقرر قصُور (2)[مرتبة](3) النفل عن الفرض بقوله صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة (4) معي"، وظاهره شمول الفرض والنفل، والمكي وغيره فضل عظيم يعدل فضل من حج من الحديبية في ركابه الشريف (5)، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:"من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له [كأجر] (6) حجة وعمرة تامة تامة تامة"(7)، وحديث أوس مرفوعًا:"من غسَّل واغتسل وبكر وابتكر" إلى قوله: "كانت له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها"(8) وهذا فضل جسيم، وفضل الله يؤتيه من يشاء.
= للزمخشري"، "مقدمة في النحو"، "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، وغيرها، توفي سنة خمس وستين وستمائة (665 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 455، رقم 434).
(1)
كذا في (س)، وفي (ن)، (ق):"ألا يترك الواجب إلا الواجب".
(2)
في (ن): "حضور".
(3)
سقطت من (ق).
(4)
متفق عليه: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخاري في "صحيحه"[كتاب العمرة -باب عمرة في رمضان- حديث رقم (1782)]، ومسلم في "صحيحه"[كتاب الحج -باب فضل العمرة في رمضان- حديث رقم (1256)].
(5)
في (ن): "في زكاة التشريف".
(6)
من (ن).
(7)
أخرجه الترمذي في "سننه"[كتاب الصلاة -باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس- حديث (586)، وقال: هذا حديث حسن غريب].
(8)
أخرجه الترمذي في "سننه"[كتاب الصلاة -باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة- حديث (496)]، والدارمي في "سننه"[كتاب الصلاة -باب الاستماع يوم الجمعة عند الخطبة والإنصات -حديث (1547)].