الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال النووي: محل وجهين كنظائره، أحدهما: الإقراع، والثاني: يُقدِّمُ باجتهاده مَنْ يراه، قال: وهذا أرجح.
فائدة: والخلاف الأصولي في الواجب المخَيَّرُ
(1) وأن وصف كل واحد بالوجوب على سبيل المجاز عند الفقهاء (2) خلافًا للمعتزلة، فإنه حقيقةٌ (3) يتخرج عليه إذا تيمم قبل الاستنجاء لا يجزئه على الأصح، لأنه مأمور بأحد أمرين: الحجر، أو الماء، ويجب عليه الطلب فيبطل (4) تيممه؛ إذ لا تيمم بدونه، ويخرج عليه أيضًا ما إذا أوصى أن يُعتَقَ عبدٌ (5) عنه في الكفارة المخيرة، أي وكذا لو أوصى بالكسوة أو الإطعام هل يعتبر (6) من رأس المال نظرًا لوجوبه أو من الثلث لعدم تعينه؟ وجهان، أصحهما: الثاني.
قلت: هذه المسألة فيها أربعة أقوال، أصحها عند الجمهور من أهل السنة والفقهاء: أن الواجب منها واحد لا بعينه، وثانيها: أن الكل واجب، وهو قول المعتزلة، وحكاه القاضي عن بعض المالكية والحنفية، وثالثها:[أن](7) الواجب ما يفعل، ورابعها: أنه واحد معين عند الله ويسقط الوجوب بغيره إذا لم يصادفه المكلَّف، ويتخرج عليه أيضًا مسائل:
- منها: الثواب على الجميع إذا أتى به ثواب الواجب، والعقاب على الجميع
(1)"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 74 - 75).
(2)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"القفال".
(3)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"فإن حقيقته".
(4)
كذا فى (ك)، وفي (ن) و (ق):"فيطلب".
(5)
في (ق): "عبدًا".
(6)
في (ن): "يتعين".
(7)
من (ق).
[25 ن / ب] إذا ترك الكل، قاله ابن فورك (1) والغزالي، والآمدي (2)، وهذا لم يقل به إلا شرذمة من المعتزلة، وقد صرح به أبو هاشم (3) وغيره منهم، فإنه لا يثاب ثواب (4) الواجب إلا على واحد، وكذا العقاب.
- ومنها: إذا مات من له تركة وفي ذمته كفارة مخيرة، قال البغوي: الواجب ما هو أقل الأشياء قيمة من الخصال، وتبعه الرافعي، وقال ابن الرفعة: اتفقوا على أن هنا الوارث إذا كفر بأعلا قيمة جاز، والمراد بهذا الاتفاق ما إذا كان المكفر هو الوارث الجائز، أما إذا كان قيمًا على يتيم في التركة، فيجوز التكفير بالإطعام
(1) هو محمد بن الحسن بن فُوَرك، الأستاذ أبو بكر الأصفهاني المتكلم، الأصولي، الأديب، النحوي، الواعظ، أقام بالعراق مدة يدرس، ثم توجه إلى الريِّ، ثم إلى نيسابور، وبنى له بها مدرسة وأحيا الله به أنواعًا من العلوم، وظهرت بركته على المتفقهة وبلغت مصنفاته قريبًا من المائة، توفي سنة ست وأربعمائة (406 هـ) راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 166 - رقم 150).
(2)
هو علي بن محمد بن سالم التغلبي، سيف الدين، الآمدي، شيخ المتكلمين في زمانه، ولد بآمد بعد الخمسين وخمسمائة، ورحل إلى بغداد، وبدأ الاشتغال على مذهب الإمام أحمد، ثم تحول شافعيًا، واشتغل بالخلاف وبرع فيه، وتفنن في علم النظر والكلام والحكمة، من تصانيفه:"الإحكام في أصول الأحكام"، "أبكار الأفكار في أصول الدين"، "منتهى السول في علم الأصول"، توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة (631 هـ)، راجع ترجمته في:"طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 397 - رقم 379).
(3)
هو عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي بن عبد الوهاب، المعتزلي البغدادي، ولد سنة (247 هـ)، وتوفي سنة (321 هـ)، ومن تصانيفه:"كتاب الاجتهاد"، و"كتاب الإنسان"، "كتاب الطبائع والنقض على القائلين بها"، "كتاب النقض على أرسطا طاليس في الكون والفساد"، راجع ترجمته في:"السير"(15/ 63)، "هدية العارفين"(1/ 460).
(4)
وقعت في (ن): "على ثواب".
والكسوة، وكذا الإعتاق على الصحيح [22 ق/ ب]، وبنى الماوردي الوجهين على الخلاف المذكور إن قلنا: الواجب الجميع جاز بالعتق، وإن قلنا: إنه واحد لا بعينه لم يعدل إلى الأعلى قيمة مع القدرة على التكفير بما دونه، ومقتضى هذا البناء ترجيح منع العتق، والماوردي صرح هنا بأن الجميع واجب، وكأنها نزعة اعتزالية.
- ومنها: إذا حلف لا مال له وقد جني عليه، أو كان وارث قصاص، فإنه يبنى أولًا على أن الواجب في العمد القصاص، والدية تدل عليه (1) أو الواجب أحد الأمرين، فإن قلنا بهذا فينبني على أن الواجب في خصال الكفارة المخير فيها الجميع أو واحد لا بعينه منها، فإن قلنا: الجميع حنث في هذه الصورة وإلا فلا، وهو الأصح عند النووي وغيره.
- ومنها: إذا جنى على المفلس أو على عبده فله القصاص، ولا يلزمه العفو على مال، وذكر بعضهم أنه ينبني على مثل ما ذكرناه آنفًا؛ فإن الواجب أحد الأمرين، وفي الخصال الجميع لم يكن له القصاص لما فيه من تضييع المال على الغرماء، والأصح خلافه.
- ومنها: إذا قتل عمدًا ثم حجر عليه بالفلس ثم عفي عنه على مال، فينبغي تخريج ذلك على هذا، فإن قلنا: الواجب القود، فالدية بدل لا يشارك الجاني (2) الغرماء، وإن قلنا بمقابله، فإن قلنا: الواجب واحد لا بعينه فكذلك، وإن قلنا: بمقابله فينبغي أن يضارب معهم، وهذا كله إذا ثبت القتل بالبينة، فإن كان بإقراره فالأصح [26 ن / أ] قبوله في حق الغرماء أيضًا.
(1) كذا في (ن) و (ق)، ولعل الصواب:"بدل عنه".
(2)
في (ق): "باقي".