الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- ومنها: إذا اجتهد في الوقت هل تجوز الصلاة مع القدرة على يقين الرقت، وجهان؛ أصحهما: نعم.
- ومنها: لو كان في مطمورة قادرًا على الخروج ورؤية الشمس، له (1) الاجتهاد على الأصح.
- ومنها: لو استقبل المصلِّي حِجْر الكعبة وحده هل تصح صلاته؟ فيه وجهان، صحح الروياني (2) المنع بناء على أن القادر في القبلة لا يأخذ بالظن، والمجتهد لا يجتهد مع وجود النص؛ فإن كونه (3) من البيت غير مقطوع به، وإنما هو مجتهد فيه، فلا يجوز (4) العدول عن اليقين إليه.
قاعدة
" إذا تعارض أصل وظاهر
أو أصلان قال القاضي حسين (5)، والهروي،
(1) كذا في (ق)، وفي (ن):"في".
(2)
هو أبو المحاسن، فخر الإسلام، عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد، الروياني، الطبري، قاضي القضاة، ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة، وأخذ الفقه واشتغل به حتى برع في المذهب، حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، وكان يقال له: شافعي زمانه، ولي قضاء طبرستان، وكانت له وجاهة ورياسة وقبول تام عند الملوك، من أعظم تصانيفه:"بحر المذهب" في فروع الشافعية، و"الحلية"، وغيرهما، توفي سنة اثنتين، وقيل: إحدى وخمسمائة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 273 - رقم 256).
(3)
يعني: حِجْرَ الكعبة المشرفة.
(4)
كذا في (ن)، وفي (ق):"يجزئ".
(5)
هو الحسين بن محمد بن أحمد، القاضي، أبو علي، المرُّوذي، صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، أخذ عن القفال، وهو والشيخ أبو علي السنجي أنجب تلامذته وأوسعهم في الفقه =
والمتولي: في كل موضع من التعارض قولان" (1)، وهذا مطرد، وغلطوا في ذلك فقد يجزم بالظاهر كمن أقام بينة على غيره بدين أو أخبر ثقة بنجاسة الماء إذا كان موافقًا في المذهب أو ذكر ماهيَّة تلك النجاسة، وكمسألة الظبية التي ذكرها الإمام الشافعي والأصحاب، وهي أنه إذا رأى حيوانًا يبول في ماء كثير وانتهى إليه فرآه متغيرًا ولا يدري تغير بالمكث أو بالبول، قال الإمام الشافعي: آخذُ بنجاسته إحالةً على السبب الظاهر، واتفق الأصحاب على ذلك، وفي إيراد هذه نظر للأصل الآخر فيها، وهو أن اتصال (2) الماء بالنجس مع الرطوبة سبب للتنجيس سلَّمنا، لكنِ المطردون احترزوا عن ذلك كالإمام الرافعي فإنه قال: والظاهر المعتبر [6 ن /ب] في طرد القولين شرْطُه (3): أن تكون غلبة الظن مستندة إلى الغالب في مسألة النجاسة، أما لو كان سبب الظن غير ذلك لم يلتزم طرد القولين".
واحترزوا عن مسألة الظبية، وهي ليست متفقًا عليها، بل في "الروضة"(4)
= دائرة، كان فقيه خراسان، غواصًا في الدقائق وله الفتاوى المشهورة، توفي سنة ثنتين وستين وأربعمائة (462 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 224 - رقم 206).
(1)
والمراد بالأصل: القاعدة المستمرة، أو الاستصحاب، والظاهر قد يعبر عنه بالغالب أو ما يترجح وقوعه، وراجع هذه القاعدة ونظائرها في:"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (247)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 14)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 173)، "قواعد العز بن عبد السلام"(2/ 103)، "القواعد" لابن رجب (1/ 117)، (3/ 162)، "القواعد" للزركشي (1/ 311).
(2)
كذا في (ق)، وفي (ن):"انغسال".
(3)
في (ن) و (ق): "شرطوا"، والتصويب من "ك".
(4)
أي: "روضة الطالبين وعمدة المفتش" في فروع المذهب الشافعي للإمام الحافظ محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي المحدث الفقيه الشافعي المتوفى سنة (676 هـ).
الخلاف فيها، وترد عليه مسائل منها: تَمَعُّط [شعر الفأرة وستأتي، وقد يجزم بالأصل لمن ظن طهارة أو حدثًا أو أنه، (1) صلى ثلاثًا أو طلق أو أعتق، فإنه يعمل بالأصل بلا خلاف.
[ومن هذه المادة قالوا](1): الصواب [6 ق/ أ] في الضابط ما قاله المحققون: أنه إن ترجح أحدهما بمرجح جزم به، وإلا ففيه قولان، وهذا في ظن الطهارة مخالف (2) لما ذهب إليه الرافعي من أنه إذا تيقن الحدث وظن الطهارة فإنه يعمل بالظن، ولم يحك فيه خلافًا لكنه غير المشهور، وقد جزموا بالأصل فيما إذا مضت مدة على المتبايعين يغلب على الظن منها [أنهما](3) لا يبقيان [فيها](4) مجتمعين ثم ادعى أحدهما التفرق (5)، فإنه لا يسمع منه عملًا بالأصل فأين المرجح؟ وكلام الرافعي فيها يدل (6) على اطراد القولين، وأما الجزم حيث حصل الترجيح، فسأذكر تباعده بمسائل متفرقة حصل الترجيح فيها لأحدهما وجرى فيها الخلاف، وأما عبارة ابن الصلاح فبين ذلك، فإنه قال: الواجب النظر في الترجيح كما في تعارض الدليلين، فأتردد في رجحانه فإن رجح مرة الظاهر، ومرة (7) الأصل جُعل فيه قولان، ومثلَّه: بالمقبرة المَشكوك في نبشها، وإن ترجح الدليل المقتضي للاستصحاب للأصل عمل به قطعًا، ثم الأصح في معظم المسائل الأخذ بالأصل (8)، وعبارة
(1) ما بين المعقوفتين بياض في (ن) و (ق) استدركناه من "ك".
(2)
في (ق): "خلافًا".
(3)
سقطت من (ن).
(4)
سقطت من (ن).
(5)
كذا في (ن)، وفي (ق):"التفريق".
(6)
كذا في (ن)، وفي (ق):"نزل".
(7)
في (ن) و (ق): "ومن".
(8)
"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (248)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 174).
الرافعي تقتضي الترجيح في كل المسائل، واستدل له الرافعي ثم النووي في غير هذا المعرض بأنه عليه السلام حمل أمامة بنت أبي العاص في صلاته (1)، وكان لا يحترز عن النجاسات، وفيه نظر فإن الواقعة وأقعة عين، فلعله عليه السلام علم الطهارة في ذلك الوقت، ومسائل الخلاف كثيرة، ومنها:
- ما لا تتيقن نجاسته لكن يغلب في مثله النجاسة، فهل تستصحب طهارته أم يؤخذ بنجاسته؟ فيه قولان، وجعل الرافعي لها نظائر:
- منها: [ثياب](2) مدمني الخمر وأوانيهم، وثياب القصَّابين (3) والصبيان؛ لاحترازهم [7 ن/ أ] من النجاسة، وطين الشوارع؛ حيث لا يتيقن نجاسته، والمقابر المنبوشة، حيث لا تتيقن نجاستها، وأواني الكفار المتدينين باستعمال النجاسة؛ كالمجوس، ومن لا يتدين منهم لكن ينهمكون في مباشرة النجاسة؛ كالنصارى في الخمر والخنزير، وجعل لهذه المسألة نظائر لما لا يتيقن نجاسته لكن يغلب نجاسته وهو عجيب، فإن هذه كلها أفراد لتلك المسألة وأمثلة، فلا تجعل نظائر لها كما جعله الرافعي.
- ومنها: إذا قذف مجهولًا وادعى رِقَّهُ وأنكر المقذوف، فقولان أحدهما: أن القول قول القاذف؛ إذ الأصل براءة ظهره، والثاني: القول قول المقذوف وهو الأصح (4)؛ لأن الظاهر الحرية.
(1) في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه"[كتاب الصلاة -باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة- حديث رقم 516)]، ومسلم في "صحيحه"[كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب جواز حمل الصبيان في الصلاة- حديث رقم (543)].
(2)
من (ك).
(3)
وقعت في (ن): "القصارين"، والمثبت من (ق) وهو الصواب، والقصَّاب هو الذي يعمل بصناعة القصابة أي الجزارة، من قَصَبْتُ الشاة قَصْبًا من باب ضرب، قطعتها عضوًا عضوًا.
(4)
وصحح ابن الوكيل القول الأول.
- ومنها: إذا أسلم الدار المستأجرة إلى المستأجر ثم ادعى المستأجر أنها غصبت، فالأصح أن القول قول المكري؛ لأن الأصل عدم الغصب، ويعضده أيضا بأن الأصل بعد التسليم وجوب الأجرة عليه إلى أن يتبين [6 ق /ب] ما يسقطه، ووجه الآخر: أن الأصل عدم الانتفاع.
وهاهنا يترجح [الأول](1)؛ وذلك أن كل منفعة إذا تعذرت لا توجب سقوط الأجرة مثلًا فالأصل، وإن [كان](1) عدم المنفعة (2)، لكنه ليس عدم المنفعة الموجبة لسقوط الأجرة.
- ومنها: إذا ارتدت المنكوحة بعد الدخول ثم قالت في مُدَّة العدة:
أسلمت في وقت كذا فلي النفقة وأنكر الزوج، فقولان أحدهما- ورجحه في "الإشراف" (3): أن القول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم الرجوع [إلى](4) الإسلام، ووجه الثاني: أنها أعرف (5) بوقت إسلامها من غيرها.
- ومنها: لو قال صاحب الدابة: أكريتكها، وقال (6): أعرتنيها، فقولان؛ صحح في "الإشراف" أن القول قول الراكب (7)، [إذ المالك يدعي عليه أجرة وهو
(1) سقطت من (ق).
(2)
وقعت في (ن) و (ق)"الشفعة"، والتصويب من "ك".
(3)
واسمه: "الإشراف على غوامض الحكومات" وهو تصنيف أبي سعد الهروي (ت 518 هـ)، وهو شرح لكتاب "أدب القاضي على مذهب الإمام الشافعي" لأبي عاصم محمد بن أحمد العبادي الهروي (ت 458 هـ)، انظر "كشف الظنون"(1/ 100).
(4)
سقطت من (ق).
(5)
وقعت في (ن) و (ق): "اعترفت"، والتصويب من (ك).
(6)
أي: وقال راكبها.
(7)
أي: قوله بيمينه.
منكرها والأصل عدمها، وصحح الجمهور أن القول قول المالك] (1) إذا مضت مدة لمثلها أجرة والدابة باقية؛ لأنه يعتمد على قوله في أصل الإذن، وكذا في صفته، وفي تخريج هذه الصورة والتي قبلها نظر فتأمله.
- ومنها لو تنازعا في تخمير الخمر المشروط رهنًا في بيع، فقال الراهن: تخمر عندك، [وقال] (2) المرتهن: بل عندك فلي فسخ البيع [7 ن/ ب] فقولان ينظر في أحدهما [إلى] أن الأصل بقاء البيع، وهذا هو الأصح، وفي الآخر إلى عدم صحة القبض.
- ومنها: لو كان العصير هو المبيع وتخمر، فقال البائع: عندك صار خمرًا، وقال المشتري: بل كان عندك خمرًا، فقولان: أصحهما: أن القول قول البائع؛ ترجيحًا لأصل استمرار البيع، ويشبه أن [يكون] (3) الأصح في المسألة: القبض الصحيح، وسيأتي أنه إذا باع ما رآه قبل العقد واختلفا في تغيره: أن الصحيح أن القول قول المشتري؛ لأن البائع يدعي الاطلاع على المبيع على هذه الصفة، والمشتري ينكر ذلك، بخلاف ما صححوا فيما لو كان العصير هو المبيع؛ لأنهما لم يتفقا على قبض صحيح، لكن يطلب الفرق بينه وبين ما إذا اختلفا في قدم العيب وحدوثه، والعيب مما يحتمل القدم والحدوث، والفرق أن مسألة الرؤية الأصل عدم لزوم الثمن، والبائع يدعي عليه أنه رآه على تلك الصفة (4)، [والمشتري ينكر ذلك، بخلاف ما صححوا فيما لو كان العصير هو المبيع](5) ورضي به والمشتري ينكره
(1) ما بين المعقوفتين من (ن).
(2)
تكررت في (ق).
(3)
سقطت من (ن).
(4)
أي: ورضي به على تلك الصفة.
(5)
ما بين المعقوفتين من (ن).
ومعه الأصل في ذلك.
- ومنها: لو تلف أحد المبيعين قبل القبض، وقلنا: يجوز رد الباقي واختلفا في القيمة فقولان: أصحهما في "الإشراف": أن القول قول المشتري، لأنه غارم، والأصل العدم، والثاني: القول قول البائع لأنه أبصر بقيمته لتلفه في يده.
قلت: وهو الأصح وهو نصُّه (1) في اختلاف العراقيين.
- ومنها: لو رجع الذمي ثم قال: أسلمت [في](2) وقت [7 ق/ أ] كذا فلا جزية عليَّ، فقولان في بعض التفاصيل؛ لأن الأصل بقاء الدين وعدم الرجعة (3).
- ومنها: لو جنى على عضو واختلفا في سلامتهِ وشلله، فقولان؛ لأن الأصل براءة الذمة، والظاهر سلامة العضو، وفصَّل بعضهم بين العضو الظاهر والباطن، فصدق المجني عليه في الأول لتعذر إقامة البينة، فهو نظير التعليق بالولادة إذا ادعتها احتاجت إلى البينة بخلاف الحيض، والتصوير لا يختص بالشلل بل هو على سبيل المثال، فإن دعوى نقصان الأصبع، والخرس في اللسان، والعمى في الحدقة ونحو ذلك كذلك، وقد صحح الرافعي التفصيل، وهو [8 ن/ أ] ترجيح لأحد المتعارضين (4) بأمر خارجي (5).
والمراد بالباطن ما يُعتاد ستره مرؤة، والظاهر ما لا يستتر غالبًا على [ما](6) مال
(1) أي نص الإمام الشافعي.
(2)
من (ن).
(3)
وفي "ك": "الأصل بقاء الكفر وعدم الجزية".
(4)
كذا في (ن)، وفي (ق):"المتعاقدين".
(5)
قال ابن الوكيل: "ويحكي عن أبي إسحاق، وابن أبي هريرة، والطبري، والقاضي أبي حامد، وابن القطان طريقة طرد القولين بها فيما حكى""الأشباه والنظائر"(ص: 251).
(6)
سقطت من (ق).
[إليه](1) الرافعي، وقيل: الباطن العورة والظاهر ما عداها حكاهما الإمام، وفي بعض التعاليق [أن](1) الخلاف متولد من لفظ الإمام الشافعي.
- ومنها: إخراج الفطرة عن العبد الغائب.
- ومنها: جواز عتقه عن الكفارة.
قلت: والأصح عدم الإجزاء هنا، والوجوب في الفطرة (2)؛ لأن الأصل بقاؤه، والأصل اشتغال ذمة السيد بها، فلا تبرأ إلا بيقين.
- ومنها: مسألة: قَدِّ الملفوف حتى إذا قال الجاني: كان ميتًا فلا قصاص، وقال الولي: بل كان حيًّا، فالأصل براءة ذمة الجاني، والأصل بقاء الحياة، وقيل: يفرق بين أن يكون ملفوفًا في ثياب الأحياء أو الموتى، ويعتضد أحد الأصلين [بظاهر، وما](3) يقتضيه في تمهيد القاعدة أن يجزم به.
قلت: والأصح أن القول قول الولي.
- ومنها: لو شك في بقاء وقت الجمعة؛ فالمذهب أنه لا يُصلي (4) جمعة؛ إذ الأصل وجوب الظهر، والثاني: يجوز؛ إذ الأصل بقاء الوقت، وقد خُرِّجت على أن الجمعة على حيالها أو ظُهْرٌ مقصورة، إن قلنا بالأول لم تُصل جمعة، وإن قلنا بالثاني صليت (5).
(1) سقطت من (ق).
(2)
كذا في (ن)، وفي (ق):"الكفارة".
(3)
في (ق): "فظاهر ما"، وفي (ن):"بظاهر ما"، والمثبت هو الصواب.
(4)
في (ن): "تصلي".
(5)
وفي "الأشباه" لابن الوكيل: "إن قلنا بالثاني: لم تُصل الجمعة، وإن قلنا بالأول صليت". وما في "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 355) يؤيد المثبت.
- ومنها: إذا اختلفا بعد البيع في الرؤية فالأصل عدمها، والأصل في العقود الصحة.
وقال الغزالي في "فتاويه": القول قول البائع وقضية ما ذكره الجزم؛ لأنه ترجح (1) أصل عدم [جانب](2) الرؤية بأصل عدم لزوم الثمن، لكن حكى ابن أبي الدم الحموي (3) في "أدب القضاء"[فيه](4) الخلاف، ولو اختلفا فيما رآه قبل العقد هل تغير أم لا؟ والأصل عدمه، والأصل عدم لزوم الثمن، وهذا الأصل يعضد الأصل في الصورة السابقة، وقضية ما ذكروه [7 ق /ب] الجزم، والصحيح المحكي عن النصِّ: أن القول قول المشتري، والجانب الآخر صححه (5) في "الوسيط".
- ومنها: لو اختلفا في شرط يفسد العقد فقولان أصحهما (6) -وبه قال الشيخ أبو حامد-: القول قول مدعي الصحة عملًا [بالظاهر](7)، قال الرافعي في باب اختلاف المتبايعين: إن الظاهر [8 ن /ب] في العقود الصحة، والثاني: القول قول من يدعيه؛ لأن الأصل عدم لزوم الثمن؛ إذ الأصل بقاء ملك البائع وعدم العقد
(1) في (ن): "يرجع".
(2)
من (ن).
(3)
هو إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد بن فاتك بن محمد، القاضي شهاب الدين، أبو إسحاق الهمداني، الحموي المعروف بابن أبي الدم، ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ورحل وتفقه وسمع وحدَّث وكان إمامًا في المذهب، من أهم مصنفاته:"شرح مشكل الوسيط"، "أدب القضاء""التاريخ الكبير"، توفي سنة اثنتين وأربعين وستمائة (642 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 419 - رقم 400).
(4)
من (ن).
(5)
أي: الإمام الغزالي.
(6)
أي عند الغزالي، كما قال ابن الوكيل ص (53).
(7)
تكررت في (ن).
الصحيح، والرافعي خرجه على الأصل المذكور.
ومثله: ما لو قال: بعتك بألف، فقال: بزَقِّ (1) خمر، ومنهم من قطع فيه بالفساد، وعن القفال: أصل الوجهين في هذه الصور القولان فيما لو قال له: علي ألف من ثمن خمر، فهل ينظر إلى قوله: اشتريت، أو إليه مقرونًا بزق خمر؟
- ومنها: لو اختلفا بعد التفرق، فقال أحدهما: تفرقنا على فسخ، وقال الآخر: بل على إمضاء، فيه الوجهان.
قلت: والأصح تصديق الثاني.
- ومنها: لو اختلف الزوجان في الوطء بعد الخَلوة، فالأصل عدم الوطء والظاهر وجودهُ، والمرأة تملك جملة الصداق بالعقد، والزوج يدعي ما يوجب رجوع الشطر إليه بالطلاق، لصدوره قبل الدخول، والأصل بقاء ملكها، وأصح القولين: ترجيح عدم الوطء.
- ومنها: لو ادعي المديون أنه معسر وأنكر الغريم، فإن لزمه الدين في مقابلة مال كثير أو قرض (2) فعليه البينة وإلا فيصدق بيمينه في أصح الأوجه، لأن الأصل العدم (3).
وثانيها: أنه لا بد من البينة؛ لأن الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئًا.
وثالثها: إن لزمه (4) الدين باختياره كالصداق والضمان فعليه البينة وإلا فقيمته كغرامة المتلف وأرش الجناية، فيصدق بيمينه؛ لأن الظاهر أنه لا يشغل ذمته إلا بما يقدر عليه.
(1) الزَّقُ: بالكسر الظرف.
(2)
في (ق): "قرضًا".
(3)
في (ن) و (ق): "الغرم"، والتصويب من (ك).
(4)
كذا في (ك)، وفي (ن):"لرب"، وفي (ق):"كون".
وطريقة الغزالي وابن عبد السلام: [أنه](1) إن عُهِدَ (2) له مال فلا يقبل قوله إلا ببينة وإلا فثلاثة أوجه، واتبعا في ذلك الإمام (3)، [وحكى](4) هذه الطريقة عن الأصحاب.
واعلم أن ابن عبد السلام ابتدأ في قواعده (5) سؤالات في قاعدة الأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد، وأظهر عدم ظهور الجواز عنه، وهو أن الخلاف لم يجر فيما (6) إذا عُرف له مال وطالت المدة وكان ضعيفًا عن الكسب، فإن الظاهر (7) أنه ينفق ما عهدناه على نفسه وعياله، فكان ينبغي إذا مضت مدة يستوعب بعضُها [9 ن/ أ] المالَ الذي عهدناه أنه لا يحبسه لمعارضته الظاهر، ثم قال: وهذا سؤال [8 ق/ أ] مشكل جدًّا، وهو ظاهر، ولعل الله ييسر حله".
- ومنها: لو مشط المحرِمُ لحيته (8) فسقطت شعرات وشك هل كانت منسلَّة (9) فانفصلت، أو انتتفت بالمشط؟ فحكى الإمام والغزالي في وجوب الفدية قولين (10)، والأكثرون: وجهان، أصحهما: عدم الوجوب، إذ النَّتْفُ لم يتحقق،
(1) من (ق).
(2)
كذا في (ك)، ش في (ن) و (ق):"عقد".
(3)
أي إمام الحرمين أبو المعالي الجويني.
(4)
سقطت من (ق).
(5)
"قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 40).
(6)
في (ن): "فيها".
(7)
في (ق): "فالظاهر".
(8)
كذا في (ق)، وفي (ن):"لحييه".
(9)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"متصلة".
(10)
وقعت في (ن) و (ق): "قولان".
والأصل براءة الذمة، ووجه الآخر أن المشط سبب ظاهر فيُضاف إليه كإضافة الإجهاض إلى الضرب، ولأن الأصل بقاء الشعر نابتًا إلى وقت الامتشاط، وأقول: هذه أيضًا من الصور التي حصل الرجحان فيها لأحد الأصلين، وجرى فيها الخلاف.
- ومنها: إذا شك في قلة النجاسة وكثرتها وهي مما يعفى عن قليلها، قال في "النهاية" (1): يحصل العفو؛ لأن الأصل عدم الكثرة، ويحتمل المؤاخذة؛ لأن الأصل عدم الإزالة (2).
- ومنها: لو قال: إن كنتِ حاملًا فأنت طالق، ولم يكن استبرأها قبل ذلك حرم الوطء حتى يستبرئها؛ لأن الأصل عدم الحمل.
وقيل: لا يحرم؛ لأن الأصل بقاء الحمل، وقيل (3): يرجح أحد الطرفين هنا، فإن الغالب كما قاله الرافعي في النساء عدم الحمل، ومع ذلك ففيه الخلاف.
- ومنها: لو أنكر الراهن أنه لم يقبضه عن الرهن، بل قال: أعرتكه أو أجرتكه
(1) هو "نهاية المطلب في دراية المذهب" في فروع مذهب الشافعي لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني (ت 478 هـ)، جمعه الإمام بمكة المكرمة وأتمَّه بنيسابور، وقد مدحه ابن خلكان وقال: إنه ما صنف في الإسلام مثله يشتمل على أربعين مجلدًا، ثم لخصه ولم يتم اختصاره، وهو من أكبر موسوعات الفقه الشافعي على الإطلاق، وقد يسر الله لشيخنا الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب تحقيقه وإخراجه بعد جهد جهيد فاق العقدين من الزمان، فالحمد لله على فضله ومنه، انظر:"طبقات الفقهاء" لابن قاضي شهبة (1/ 236 - رقم 218)، "كشف الظنون"(2/ 784).
(2)
وفي "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 255): "لأن الأصل وجوب الإزالة إلا فيما تحققت قلته، والأصح -وبه قطع الغزالي- العفو".
(3)
في (ق): "وقد".
مثلًا فالأصح المنصوص: أن القول قول الراهن؛ لأن الأصل عدم اللزوم وعدم إذنه في القبض عن الرهن، والوجه الآخر: أن القول قول المرتهن؛ لأن الظاهر قبضه عن جهته لبعدها.
- ومنها: لو أذن المرتهن في بيع المرهون فباع الراهن ورجع المرتهن وادعى أنه رجع قبل البيع، والأصل عدم الرجوع، والأصل بقاء الإذن (1)، والأصح عند الأكثرين: أن القول قول المرتهن.
- ومنها: الأظهر أن دم الحامل حيض (2)؛ لأن الأصل السلامة، والظاهر خلافه، وهو القديم عملًا بالغالب (3).
- ومنها: إذا شك المسبوق في إدراك حَدِّ الإجزاء لم تحسب ركعته في الأظهر [9 ن/ ب] وقال الإمام: على أصح الوجهين؛ لأن الأصل عدم الإدراك، ووجه مقابله: أن الأصل بقاء الركوع.
- ومنها: إذا كان في يده شخص بالغ يسترقه يتصرف فيه، وقد تداولته الأيدي بالبيع والشراء، وادعى رِقَّه وأنكر البالغ وقال: أنا حر الأصل، فالقول قول البالغ (4)، ولا ينظر لاستخدامه وتصرفه مع أن الظاهر أنه مالكه، يدل عليه أن الشاهد يجوز له أن يشهد في الدار، فلا (5) يملكها بمجرد ذلك [8 ق/ ب] والأصل عدم ما ادعاه (6) صاحب اليد، إن كان هذا الشخص صبيًّا مميزًا، وهو يتصرف
(1) وفي "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 255): "والأصل عدم الإذن".
(2)
وهو مذهب الشافعي الجديد، وهو الصحيح؛ لأن الأمر متردد بين كونه دم علة أو جبلة.
(3)
لأن الغالب أن الحامل لا تحيض.
(4)
في (ق): البائع.
(5)
كذا في "ك"، وفي (ن) و (ق):"مثلًا".
(6)
كذا في "ك"، في (ن):"عدمها إذ دعاه" وفي (ق): "عدمها ادعاه".
فيه في يده وادعى ذلك فوجهان:
أصحهما: أن القول قول المدعي ولا عبرة بإنكاره.
- ومنها: إذا وقع في ماءٍ نجاسةٌ وشك في بلوغه قلتين فقد جزم الماوردي وآخرون بنجاسته عملًا بالأصل (1)، والأصل أن اتصال الطاهر بالنجس سبب التنجيس بشرطه، وللإمام فيه احتمالان، قال في "الروضة": والمختار -بل الصواب- الجزم بطهارته لأن الأصل طهارته، وشككنا في نجاسة مُنَجَّسه (2)، ولا يلزم من النجاسة التنجيس، ونظيرها:[ما](3) إذا نقص مقدار [من الماء يُجهل كونه مغيرًا على وجه أن القلتين تقريب، ونظيرها الشك في الثوب](4) الذي [فيه](5) حرير وكتان، وقلنا: الاعتبار بالطهور أو لم يكن فيه طاهر وشك في الأغلب.
- ومنها: إذا شك في أنها أرضعته خصر رضعات في الحولين أو بعدهما أو بعضها في الحولين وبعضها بعدهما، فالأصل بقاء مدة الحولين، والأصل عدم التحريم، وحكى الغزالي فيه قولين أو وجهين خرجهما على الأصل المذكور، والأصح عدم التحريم.
- ومنها في مسألة معط الفأرة في البئر، قالوا: ينزح منها قدر مائها مرة أو مرارًا حتى يغلب على الظن خروج الشعر كله، فإن غلب على ظنه أنه لا يخلو في كل دلو
(1) لأن الأصل عدم بلوغه قلتين.
(2)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"تنجيسه".
(3)
من (ن).
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) و (ق)، استدركناه من "ك".
(5)
ساقطة من (ن).
عن شيء من النجاسة، لكنه لم يره ولا تيقنه، قال الرافعي (1) بجواز الاستعمال على القولين في تقابل الأصل والغالب إذا تعارضا.
- ومنها: إذا قلع سن صغير لم يثغر (2) لم يستوف حتى ييأس (3) من نباتها، وإن مات الصغير قبل أن يتبين الحال، ففي وجوب الأرش (4) وجهان، وقيل قولان: أحدهما: يجب لتحقق الجناية، والأصل عدم العود [10 ن/ أ]. والثاني: المنع لأصل براءة الذمة، والظاهر أنه لو عاش لعادت، وقد اعتضد أحدهما بظاهر ومع ذلك جاء الخلاف، قال الرافعي: هذا أقوى (5) على ما قاله ابن كج (6).
- ومنها: إذا قطع لسان الصغير كما ولد ولم تظهر صحة أمارة (7) لسانه في النطق ولا سقمه، فالأصل براءة ذمة الجاني، والظاهر الصحة إلحاقًا للمفرد (8)
(1) وقعت في (ن) و (ق): "الغزالي"، والتصويب من "ك".
(2)
والثغر: المبسم ثم أطلق على الثنايا، وإذا كسر ثغر الصبي قيل ثُغِرَ ثُغورًا بالبناء للمفعول، وثغرته أثغره من باب نفع كسرته، وإذا نبتت بعد السقوط قيل: أثغر إثغارًا، والمراد هنا بـ: ثُغِر الصبي أي: سقطت ثغره، "المصباح المنير" ص (54).
(3)
كذا في (ق)، وفي (ن):"يؤنس".
(4)
في (ن): "الأرض".
(5)
في (ق): "أقوال".
(6)
هو يوسف بن أحمد بن كج، القاضي أبو القاسم الدينوري، أحد الأئمة المشهورين، وحفاظ المذهب المصنفين، وأصحاب الوجوه المتقنين، انتهت إليه الرياسة ببلاده في المذهب، ورحل إليه الناس رغبة في علمه وجوده، وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وكَجّ: بكاف مفتوحة وجيم مشددة في اللغة اسم للجص الذي يبيض به الحيطان، ومن تصانيفه:"التجريد"، توفي سنة خمس وأربعمائة (405 هـ) راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 174 - رقم 158).
(7)
في (ن): "إشارة".
(8)
في (ن) كلمة غير واضحة، وفي (ق):"بالقود"، والتصويب من (ك).
بالأعم الأغلب، وقد حكى الإمام اتفاق الأصحاب على عدم وجوب الدية، وحكى الرافعي الاتفاق على عكسه، قال: وكما تجب الدية في يده ورجله وإن لم يكن بطش في الحال ثم حكى طريقة أخرى حاكية القولين في المسألة.
- ومنها: إذا كان فم الكلب رطبًا وأدخله في إناء ولم يعلم ولغ أم لا، والأصل طهارة الأصل، والآخر التنجيس [9 ق /أ].
قال النووي: وهو الظاهر.
- ومنها: إذا وقعت في بعض الأواني نجاسة واشتبهت (1) وأدى الاجتهاد إلى واحد، فالأصل فيها بعينها الطهارة، والظاهر النجاسة، والمذهب: العمل بهذا الظن.
- ومنها: إذا قلنا: بالأصح أنه إذا انتبه ولم ير إلا (2)[الثخانة والبياض](3) أنه لا غسل عليه، وإن غلب على ظنه أنه مني؛ [لأن الودي لا يليق بطبع صاحب](3) هذه الواقعة، أو لتذكر وِقَاع تخيَّلهُ، قال الإمام: ويستصحب يقين الطهارة ويجوز أن يحمل على غالب ظنه، قال الرافعي: والاحتمال الأول [أوفق](4) لكلام المعظم.
- ومنها: لا يجب عليه الغسل بمجرد خروج مني الغير، فلو خرج منها مني بعد ما كان جامعها وكانت بالغة وكان الجماع [السابق](5) قضى شهوتها،
(1) في (ق): "واشتبه".
(2)
في (ن) و (ق): "بللًا" والصواب من (ك).
(3)
استدراك من (ك)، وموضعها بياض في (ن) و (ق).
(4)
سقطت من (ن).
(5)
سقطت من (ق).
الأصح: لا كالنائمة والمكره، والظاهر خروج منيها معه، والأصل عدمه، والصحيح الوجوب.
- ومنها: لو ادعى ملك (1) الدار التي في يده، وكان قد رهنها عنده أو أجرها أو أقر له بالملك، ثم ادعى أنها في يده بتلك الطريق فمن المصدَّق؟ فيه وجهان: أصحهما: أن القول قول الراهن؛ لأن الأصل معه، ووجه مقابله كون الظاهر أن اليد بحق.
- ومنها: لو قدَّ بطن امرأة ميتة فوصل السيف إلى الولد في بطنها (2) فقدَّه، فالأصل عدم وجوب الغرة (3)؛ لأن الظاهر أن هلاكه بهلاك الأم، حكاه الرافعي (4) عن "التهذيب"، والمحكي عن القاضي الطبري وجوب [10 ن/ ب] ضمان الجنين؛ لأنه قد يبقى في جوف (5) الأم حيًّا، والأصل بقاء الحياة، وفيه نظر، فإن الحياة لم تتيقن حتى تُسْتصحب.
قلت: فيه بُعْدٌ؛ لأن نمو الجنين في البطن دليل حياته.
- ومنها: إذا قال رب المال: بعته (6) ثم اشتريته، ولم يَحُل عليه الحول وما أشبه ذلك مما يخالف الظاهر لكون المال في يده في مجموع الحول، فإن نظرنا إلى الظاهر حلف واجبًا، وإن نظرنا إلى الأصل وهو براءة الذمة لم يجب التحليف، ومعه
(1) كذا في (ك)، وفي (ن)، و (ق):"مالك".
(2)
كذا في (ن)، وفي (ق):"ولد في جوفها".
(3)
والغرَّة: عبدٌ أو أمة.
(4)
كذا في (ق)، ووقع في (ن):"القاضي".
(5)
وقعت في (ن): "وجوب".
(6)
أي نصاب الزكاة.
أصل يوافق الظاهر السابق وهو بقاء الملك، وقد ترجح أحد الأصلين بظاهر، وفيه الخلاف.
قلت: وصحح صاحب "التنبيه"(1) أنه يحلف واجبًا، وصحح النووي الاستصحاب.
- ومنها: إذا قال: لزيد عليَّ كذا، فالأصل الاستمرار إلى الآن، والأصل براءة الذمة، وهو لم يعترف في الحال، قالوا: فيه وجهان.
- ومنها: لو ادعى أن زيدًا أحالني عليك بكذا وأنت رضيت وسلم المحال [9 ق / ب] عليه صحة الدين، وأنكر رضى نفسه بالحوالة، واعتبرنا رضى المحال عليه (2). فهل القول قول من يدعي جريان الحوالة على الصحة، أو قول من يدعي الفساد؟ فيه الخلاف السابق في نظائره.
- ومنها: لو اختلف الزوجان الوثنيان أو المجوسيان قبل الدخول فقال الزوج: أسلمنا معًا، فالنكاح باقٍ، وأنكرت فالقول قوله على الأظهر، والأصل بقاء النكاح، ووجه الآخر: أن التساوق في الإسلام نادر.
- ومنها: لو كان مقطوعَ بعضِ الذكر أو خصيًّا أو أجلناه بسبب العِنَّة سنة ثم ادعى الوطء في المدة، وأنكرت: ادعت عجزه، فالقول قوله؛ لأن الأصل في العقد (3) اللزوم، وعدم ثبوت ما يقتضي تسليطها على الفسخ، وقال أبو إسحاق:
(1) هو كتاب "التنبيه في فروع الشافعية" للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه الشيرازي الشافعي المتوفى سنة (476 هـ) وهو أحد الكتب الخمسة المشهورة المتداولة بين الشافعية وأكثرها تداولًا، وله شروح كثيرة جدّا ومختصرات عديدة، ومنظومات عدة، انظر:"طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 219 - رقم 200)، "كشف الظنون"(1/ 395 - 398).
(2)
في (ن): "عليها".
(3)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"العنة".
القول قولها؛ لأن الظاهر معها؛ فإن النقصان الذي لحقه يورث ضعف الذكر ويقوى
جانبها مع كون الأصل عدم الوطء، وفي هذه الصورة أيضًا يرجح أحد الجانبين بتعاضد الأصل والظاهر في مقابلة الأصل.
مع أنهم قالوا في سليم الذكر: لو ادعى الوطء في المدة [11 ن/ أ] المضروبة في العنة والإيلاء وأنكرت فقد تقابل الأصلان، فالقول قوله، قالوا: لعسر إقامة البينة عليه، وهذا المعنى في جانبها (1) أيضًا، فلو ثبتت بكارتها رجعنا إلى تصديقها قطعًا لاعتضاد أحد الأصلين بظاهر قوى بخلاف الصورة السابقة؛ فإن الظاهر لم يقو كل القوة، فلو ادعى عدم الوطء ولم تظهر البكارة، وأنكرت وطلقها طلقة رجعية وأراد الرجعة لم يكن له ذلك؛ لقوة جانب المرأة لاعتضاد أحد الأصلين، فإنا تيقنا الهادم للنكاح، وهو يدعي [ما يوجب الرجعة، والأصل عدمه، وفي المسألة الثانية: تيقنا النكاح وهي تدعي](2) ما يوجب زواله والأصل عدمه.
- ومنها: لو اختلف الزوجان في التمكين لتطالب بالنفقة (3)، فادعته وأنكر الزوج، فالأصح: أن القول قوله؛ لأن الأصل عدمه.
وهي لا تجب إلا به، وقيل: القول قولها؛ لأن الأصل استمرار ما يوجب بالعقد، وهو يدعي المسقط، فعليه (4) بينة النشوز، وهذا القائل يقول: النفقة تجب بالعقد.
- ومنها: لو أصدقها تعليم بعض (5) القرآن، وادعى أنه علمها وادعت أنها
(1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"جانبه".
(2)
ما بين المعقوفتين من (ن).
(3)
في (ن) و (ق): "بالبينة" والصواب من (ك).
(4)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"فغاية".
(5)
كذا في (ق)، وفي (ن):"نصف".
تعلمت من غيره، فالأصح أن القول قولها، قال الرافعي: وبناء الوجهين فيما ذكر بعضهم على قولي تعارض الأصل والظاهر.
- ومنها: إذا قلنا بطريق العراقيين: إن الصداق عليها (1) بعد الطلاق وقبل الدخول، واختلفا في نقصه، فقالت: حدث قبل [10 ق/ أ] الطلاق، فلا ضمان، وقال: بل بعده، فعليك ضمانه، فالأصل براءة الذمة، والأصل عدم النقص حينئذ، وفيه وجهان، والأول جواب الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ (2).
- ومنها: لو قال: إن حضت فأنت طالق، وقع برؤية الدم، وقيل: إذا مضى أقل الحيض تبين الوقوع من أول رؤية الدم.
- ومنها: لو ألقاه في ماء مغرق فغرق، وقال المُلقي: كان يحسن السباحة فتركها قصدًا وأنكر الوارث فعلى الخلاف.
قلت: رجح النووي تصديق الولي ومثله ما إذا ألقاه في نارٍ واختلف في إمكان الخروج، وهذه أيضًا تشكل (3) على ضابط ابن الصباغ (4)؛ لأن الظاهر أنه لو عرف السباحة لسبح، والأصل [11 ن/ ب] براءة الذمة، والأصل عدم المعرفة.
(1) أي مضمون عليها.
(2)
هو عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو نصر بن الصباغ، البغدادي، فقيه العراق، ولد سنة أربعمائة، أخذ الفقه والخلاف عن القاضي أبي الطيب الطري، والشيخ أبي إسحاق، وكان من أكابر أصحاب الوجوه، وكان خيرًا دينا، ثبتًا صالحًا، من تصانيفه "الشامل" في الفروع، وهو من أصح كتب المذهب وأتقنها أدلة، و"الكامل" في الخلاف بين الشافعية والحنفية، وغيرهما، توفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 232 - رقم 214).
(3)
في (ق): "وهذا أيضًا مشكل".
(4)
في (ك): "ابن الصلاح".
- ومنها: لو أسلم إليه في لحم [فجاء به، فقال المسلم: هذا](1) لحم ميتة أو
مذكي مجوسي، وأنكر المسلم إليه، فالقول قول المسلم القابض.
- ومنها: إذا أكل الكلب المعلم من الصيد لم يحرم ما مضى من صيده استصحابًا للحِلِّ (2) الثابت فيه قبل الأكل.
- ومنها: أنه لا يقضي على الناكل بمجرد [نكوله](3)، بل يعرض اليمين على المدعي؛ لأن الأصل براءة ذمة المدعى عليه، فلا يبطل ذلك بمجرد نكوله حتى يعتضد بيمين المدعي.
- ومنها: إذا ادعى اثنان كل واحد منهما مِلْكَ دارٍ وهيِ في يد ثالث يدعي ملكها، وأقاما (4) بينتين تعارضا وبقيت في يد الثالث استصحابًا لليد، وإن [لم](5) يقم له بينة.
- ومنها: إذا تنحنح إمامه فظهر منه حرفان، فلا يلزم المأموم مفارقته على الأصح؛ لأن الأصل بقاء صلاته، ولعله معذور والله أعلم.
* * *
(1) ما بين المعقوفتين من (ن).
(2)
في (ق): "للحمل".
(3)
سقطت من (ق).
(4)
في (ق): "وأقام".
(5)
ليست في الأصلين، وأظن السياق يقتضيها.