الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة المسافر
قاعدة
" الرخص لا تناط بالمعاصي
" (1).
وذلك في مسائل:
الأولى: العاصي بسفره لا يجوز له التيمم في وجه حكاه الرافعي، والأصح خلافه، بل ادعى الماوردي في هذا الباب أن المذهب لا يختلف في جوازه، نعم في وجوب القضاء، والحالة هذه عليه وجهان، أصحهما: نعم؛ لأنه رخصة، وليس من أهلها، ووجه مقابله البناء على أنه عزيمة، والإمام على الخلاف في القضاء، جزمه بأنه رخصة، ووجه المنع بأنه لزمه فعله فخرج من مضادها الرخص المحضة، ويتحصل ثلاثة أوجه في (2) المسالتين؛ أصحهما: لزوم التيمم لحرمة الوقت ووجوب الإعادة لتقصيره.
وثانيها: يجوز التيمم ولا إعادة. وثالثها: تحريم التيمم ويأثم بترك الصلاة إثم
(1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في:
"الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 135)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 315)، "قواعد الزركشي"(2/ 167)، "القواعد الفقهية"، للندوي (ص: 239).
قال السيوطي: "معنى قولنا: الرُّخص لا تناط بالمعاصي أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء، نظر في ذلك الشيء، فإن كان تعاطيه في نفسه حرامًا امتنع معه فعل الرخصة، وإلا فلا، وبهذا يظهر الفرق بين المعصية بالسفر والمعصية فيه".
(2)
في (ق): "من".
تارك لها مع إمكان الطهارة؛ لأنه قادر على استباحة (1) التيمم بالتوبة من معصيته.
والثانية: التيمم بتراب مغصوب إن قلنا: عزيمة صح، وإلا فوجهان (2)، وجزم النووي في باب الآنية، ومسح الخف من "شرح المهذب" بالصحة.
الثالثة (3): التيمم بتراب المسجد حرام، صرح به في "شرح المهذب"، فيتجه أن يتأتى (4) فيه ما ذكرنا في المغصوب.
الرابعة: العاصي بسفره لا يترخص فلا يقصر، ولا يفطر، [ولا يجمع](5)، ولا يتنفل على الراحلة، ولا يترك الجمعة، ولا يأكل الميتة، ولا يمسح ثلاثًا، وفي مسح المقيم وجهان، أصحهما:[نعم، والثاني: لا](6)؛ للتغليظ عليه كما لا يجوز له أكل الميتة قطعًا، فإن [زال عقله بسبب محرم لم تسقط عنه الصلاة](7)، وحكى الماوردي وغيره الخلاف المذكور في المقيم على معصية ونسب المنع إلى الإصطخري (8) وهو غريب، وقال ابن القاص والقفال وغيرهما:
(1) وقعت في (ن) و (ق): "استباحات".
(2)
في (ق): "فلاجهان".
(3)
في (ق): "الثانية".
(4)
في (ن): "يتأدى".
(5)
من (ن).
(6)
ما بين المعقوفتين بياض في (ن).
(7)
استدراك من "قواعد الزركشي".
(8)
هو الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى، أبو سعيد الإصطخري شيخ الشافعية ببغداد، ومن أكابر أصحاب الوجوه في المذهب، وكان ورعًا زاهدًا، ولي قضاء قُم، وحسبة بغداد، صنف كتابًا في أدب القضاء، وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (328 هـ)، راجع ترجمته في:"طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 80 - رقم 55).
[إنه يستبيحها](1).
[فإن كان] العاصي بسفره معه ماء واحتاج إليه للعطش لم يجز له التيمم قطعًا، قالوا [في] من به جروح [وخاف](2) من استعمال، الماء الهلاك وهو عاص بسفره [لا](3) يجوز له التيمم؛ لأنه قادر على التوبة وواجد للماء، قال القفال في "شرح التلخيص": فإن قيل: كيف حرمتم أكل الميتة على العاصي بسفره مع أنه يُباح للحاضر في حال الضرورة، وكذا لو كان به قروح في الحضر [في](4) حال التيمم، ثم أجاب بأن أكل الميتة وإن كانت مباحة في الحضر عند الضرورة، لكن سفره تسبب بهذه الضرورة وهو معصية فحرمت عليه الميتة في الضرورة، كما لو سافر لقطع الطريق فجرح لم يلزمه التيمم لذلك الجرح مع أن الجرح [للحاضر](5) جوز له التيمم، فإن قلت: تحريم الميتة واستعمال الجريح الماء يؤدي [إلى](6) الهلاك، فجوابه: ما سلف، أنه قادر على استباحته بالتوبة، ونقل الشيخ أبو حامد [في باب استقبال القبلة] (7) من تعليقه عن بعض أصحابنا أنه قال: جواز (8) أكل الميتة لا يختص بالسفر، لأن للمقيم أكلها عند الضرورة، ثم غلطه لأن الميتة [التي] تحل في السفر بسبب السفر غير التي تحل في الحضر،
(1) استدراك من" قواعد الزركشي".
(2)
تكررت في (ق).
(3)
من (ن).
(4)
من (ق).
(5)
من (ن).
(6)
سقطت من (ق).
(7)
تكرر ما بين المعقوفتين في (ق).
(8)
في (ن): "بجواز".
ولهذا لا تحل الميتة لعاص بسفره وتحل للمقيم على معصيته عند الضرورة.
الخامسة: لو استنجى بمحرم كمطعوم ونحوه، فالأصح: عدم الإجزاء؛ لأنه رخصة فلا تناط بالمعاصي بخلاف ما لو استنجى بقطعة ذهب أو (1) فضة أو (2) جوهر نفيس على الصحيح، كما يجوز بالديباج قطعًا.
السادسة: إذا زال عقله بسبب محرم كشرب مسكر وظن أن ذلك القدر لا يسكر وجب القضاء لتقصيره.
السابعة: المسحُ على الخف المغصُوب والمسروق وخف الذهب والفضة على وجه وفاقًا للقاعدة (3).
والأصح الإجزاء، وقد يفرق بين خُف الذهب وغيره بأن استعماله ممتنع لذاته، بخلاف غيره، وينبغي إلحاق الحرير للرجل بذلك، كما قاله في "شرح المهذب". وأجرى القاضي حسين الخلاف في الصلاة في الدار المغصوبة، وحكاه في "الكفاية" أيضًا، وأما النووي فنقل في "شرح المهذب" في باب الآنية عن الأصحاب أنهم نقلوا الإجماع على صِحَّتها في الدار المغصوبة قبل مخالفته للإمام أحمد [رضي الله عنهم أجمعين](4).
* * *
(1) في (ن): "و".
(2)
في (ن): "و".
(3)
في (ن): "وفاءً بالقاعدة".
(4)
من (ق).