الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسباب حتى إنها قد يتلاشى الإجمال فى بعضها.
ثانيها: هل المجمل واقع فى القرآن
؟:
يتضح من الأمثلة السابقة عند عرض أسباب الإجمال وقوع المجمل فى القرآن خلافا لدواد الظاهرى. ولكن هل يبقى على إجماله؟ خلاف بين العلماء، والصواب عندى:
أنه لا يكون كذلك، على ما أثبتناه من أن الحق فى المتشابه علم الراسخين بتأويله، وقيل: يبقى مطلقا، وقيل: لا يبقى فى مواطن التكليف. وكل هذا ضعيف سوى الأول.
ثالثها: آيات اختلف فيها هل من قبيل المجمل أم المبين
؟
ذكر السيوطى نماذج: منها: آية السرقة قيل: مجملة؛ لأن اليد تطلق على العضو إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب، ولا ظهور لواحد منها، وأبان الشارع المراد، وقيل: لا إجمال فيها؛ لأن القطع ظاهر فى الإبانة.
ومنها وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ (11) قيل: إنها مجملة لترددها بين مسح الكل والبعض، ومسح الشارع على الناصية مبين، وقيل: لا، إنما هى لمطلق المسح الصادق بأقل مسح.
ومنها: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ (12) بنسب الحرمة للعين، ولا حرمة فيها، فهى مجملة؛ لأنه لا بدّ من تقدير لفعل وهو محتمل. وقيل: لا، لوجود المرجح وهو العرف بتحريم الاستمتاع.
ومنها: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا (13) قيل: مجملة؛ لأن ما من بيع إلا وفيه زيادة، وقيل: لا؛ لأن البيع منقول شرعا فحمل على إطلاقه وعمومه.
ومنها: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ (14) ووَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (15).
والآيات التى فيها الأسماء الشرعية لاحتمال إرادة معانيها اللغوية فافتقرت للبيان، وقيل: لا، بل تحمل على الشرعية إلا بدليل.
رابعها: التفرقة بين المجمل والمحتمل لمعنيين:
فرق بينهما ابن الحصار (16) - بعد أن ذكر أن من الناس من ساوى بينهما- بأن المجمل:
اللفظ المبهم الذى لا يفهم المراد منه، والمحتمل: الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا. والمجمل يدل على أمور معروفة، والمحتمل متردد بينها، والشارع لم يفوض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل (17).
(11) سورة المائدة: 6.
(12)
سورة النساء: 23.
(13)
سورة البقرة: 275.
(14)
سورة البقرة: 43.
(15)
سورة آل عمران: 97.
(16)
هو على بن محمد بن محمد بن إبراهيم الخزرجى الإشبيلي له مؤلفات منها «أصول الفقه» ، و «الناسخ والمنسوخ» ، و «البيان فى تنقيح البرهان» . توفى سنة 611 هـ (التكملة لابن الأبار ص 686).
(17)
انظر: الإتقان فى علوم القرآن: (ج 3 ص 62: ص 65).