الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أسماء سور القرآن على درجة صالحة للحجية من تواتر أو صحة أو حسن فغير مسلم، فإن الباحث المتقصى فى كتب السنة وكتب التفسير بالمأثور يدرك لا محالة أن هذا مطلب عزيز المنال، وأن أقصى ما يظفر به فى أسماء بعض السور آثار ضعيفة فردة لا ينجبر ضعفها موقوفة أو مقطوعة فى كثير من الأحيان مما يدل على أن مثل هذه الدعوى من صاحبها لو كانت قصده- رحمه الله مجازفة.
وما أورده من حديث ابن أبى حاتم هنا أعم من المدعى، فإن أقصى ما يدل عليه ثبوت التوقيف فى خصوص ما سماه من البقرة والعنكبوت، فأما ما وراء ذلك فليس فى هذا الحديث عنه عين ولا أثر، ويزيد على ذلك أن الحديث مرسل (9).
قلت: هذا كلام جليل، غير أنه يبدو لى رجحان القول بالتوقيف وذلك لعدة قرائن:
1 -
لا معنى لأن يسمى الله بعض السور دون البعض.
2 -
لا يمكن القول بأن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر ما ذكر من أسماء السور بغرض تحديد أسمائها، وإنما ربما كان هذا لمناسبة قراءتها أو التنبيه على فضلها.
3 -
أسامى سور القرآن جاءت على خلاف ما يسمى به الناس، فإن كانت السورة الأولى سميت بالفاتحة فلم تسمّ السورة الأخيرة بالخاتمة. وإن سميت بعض السور بأوائلها فلم يطّرد ذلك فى البعض الأكثر. وإن سميت بعضها بأغرب ما فيها فلم يتوافر ذلك فى كل السور. فلو عرضت سورة النمل على اجتهادات البشر لذهبوا إلى تسميتها بسورة الهدهد مثلا لأن قصته أعجب من قصة النملة، ودوره أغرب من دورها.
4 -
السر الحكيم وراء أسماء السور، والمناسبة الدقيقة بين اسم السورة وموضوعها العام، ونحو ذلك من وجوه الإعجاز فى هذا الخصوص؛ كل ذلك يحيل أن تكون أسماء السور اجتهادية.
المذهب الثانى: أن أسماء السور اجتهادية، ولعلهم اعتمدوا فى هذا على عدم ورود اسم كل سورة من طريق التوقيف، وإن وقع هذا لبعض السور.
ويقول بعض المحققين: إن السور التى وردت أسماؤها بطريق التوقيف فتسميتها توقيفية، وما لم يبلغنا فى اسمها توقيف فلا يقال فيها بالتوقيف.
ألقاب السور:
لقب العلماء السور القرآنية مجملة بألقاب صنفت السور إلى أربعة أصناف:
(9) تفسير سورة النور، ص 6، 7 بتصرف.
1 -
السبع الطوال.
2 -
المئون.
3 -
المثانى.
4 -
المفصل.
ولعلهم اعتمدوا فى هذا على ما أخرج أحمد وأبو عبيد من رواية سعيد بن بشير عن قتادة عن أبى المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت السبع الطّول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثانى مكان الزبور، وفضّلت بالمفصل» (10).
أما الطوال: ويقال لها الطّول، فسميت بذلك لطولها، وهى سبع سور: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، والسابعة: الأنفال مع التوبة، لقصر كل منهما على حدتها، ولاتحاد موضوعهما وعدم الفصل بينهما بالبسملة، فكانتا كالسورة الواحدة.
وصحح صاحب «الإتقان» رواية ابن أبى حاتم وغيره عن سعيد بن جبير، وغيره أن السورة السابعة هى سورة يونس، بدلا من الأنفال والتوبة (11).
وأما المئون: فهى السور التالية للسبع الطوال إلى سورة الشعراء، وسميت بذلك لأن كل سورة منها مائة آية أو نحوها.
وأما المثانى: فهى السور التالية للمئين إلى سورة الحجرات أو سورة [ق]، وسميت بهذا الوصف لأنها ثانية بعد المئين، والمئون أولى بالنسبة لها.
وقيل لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر، وجاء فى «جمال القراء»: هى السور التى ثنيت فيها القصص. وقد تطلق على القرآن كله وعلى الفاتحة (12).
وأما المفصل: فهو ما ولى المثانى من السور القصار، من سورة الحجرات أو (ق) إلى سورة الناس- على ما رجحه العلماء ورواه أحمد وغيره من حديث حذيفة الثقفى، وفيه:
أن الذين أسلموا من ثقيف سألوا الصحابة- رضى الله عنهم: كيف تحزّبون القرآن؟
قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من (ق) حتى نختم (13).
وسمى المفصل بذلك لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، لقصرها وكثرتها.
وقيل: لقلة المنسوخ منه، ولهذا يسمى:
بالمحكم، كما رواه البخارى عن سعيد بن جبير (14).
وهذا المفصل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
(10) البرهان فى علوم القرآن 1/ 307.
(11)
الإتقان 1/ 199.
(12)
(13)
الفتح الربانى بترتيب مسند أحمد، ك/ أبواب تحزيب القرآن، وأبو داود فى السنن، ك/ الصلاة
…
أبواب قراءة القرآن وتحزيبه.
(14)