الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبث ومكر وخداع، وحرص وطمع، وإعلام المسلمين بمآلهم بعد إعلامهم بحالهم، وإيصائهم باتخاذ الحيطة والحذر من كيدهم وألا عيبهم، ومراقبتهم فى جميع تصرفاتهم المغرضة، ومجاهدتهم بالحجة والبرهان والإغلاظ عليهم فى القول والمعاملة، مع بذل النصح لهم بالرجوع إلى الله- تعالى- والتمسك بدينه الحنيف.
(د) دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام، ومجادلتهم بالحجة والبرهان فى معتقداتهم الباطلة، وشبههم المزيفة، وبيان جناياتهم على الكتب السماوية بالتحريف والتبديل، وردهم عن غيهم إلى الرشد الذى جاءهم به الإسلام.
(4)[الاقوال فى تعيين السور المكية والمدنية]
وقد نقل السيوطى فى «الإتقان» أقوالا كثيرة فى تعيين السور المكية والمدنية، من أوفقها ما ذكره أبو الحسن الحصار فى كتابه الناسخ والمنسوخ إذ يقول: (المدنى باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكى باتفاق.
ثم نظم فى ذلك أبياتا رقيقة جامعة، وهو يريد بالسور العشرين المدينة بالاتفاق: سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والجمعة، والمنافقون، والطلاق، والتحريم، والنصر.
ويريد بالسور الاثنتى عشرة المختلف فيها:
سورة الفاتحة، والرعد، والرحمن، والصف، والتغابن، والمطففين، والقدر، ولم يكن، وإذا زلزلت، والإخلاص، والمعوذتين.
ويريد بالسور المكية باتفاق ما عدا ذلك وهى اثنتان وثمانون سورة.
وإلى هذا القسم المكى يشير فى منظومته بقوله:
وما سوى ذاك مكىّ تنزله
…
فلا تكن من خلاف الناس فى حصر
فليس كلّ خلاف جاء معتبرا
…
إلا خلاف له حظ من النظر (4)
(5)[فوائد معرفة المكى والمدنى]
بعد أن عرفنا ما هو المكى والمدنى، وخصائص كل منهما- يجدر بنا أن نختم هذا البحث ببيان ما يعود على الباحثين فيه من الفوائد فنقول:
(أ) تمييز الناسخ من المنسوخ، فيما لو وردت آيتان أو أكثر مختلفة الحكم، وعلمنا أن إحداهما مكية والأخرى مدنية، فإننا نحكم حينئذ بأن المدنية ناسخة للمكية لتأخرها عنها.
(4) راجع الإتقان ج 1 ص 44 وما بعدها، وانظر مناهل العرفان للزرقانى ج 1 ص 191 وما بعدها.
(ب) معرفة تاريخ التشريع، والوقوف على سنة الله فى التدرج بالأمة من الأصول إلى الفروع، ومن الأخف إلى الأثقل، وهو أمر يترتب عليه الإيمان بسمو السياسة فى تربية الفرد والجماعة.
(ج) تفيد هذه الدراسة فى الوقوف على الخصائص البلاغية لكل من المكى والمدنى، والكشف عن ظواهرها المختلفة، ومقارنة بعض هذه الظواهر ببعض، والبحث عن مواضع الجمال فى كل منهما من غير تفضيل ولا موازنة؛ لأن القرآن كله متساو فى الفصاحة والبلاغة، والحلاوة والطلاوة والجمال.
لهذا عنى المسلمون عناية فائقة بتتبع ما نزل بمكة، وما نزل بالمدينة، بل عنى بعضهم بتتبع جهات النزول فى أماكنها وأوقاتها المختلفة وبذلوا فى ذلك جهودا مضنية.
وفى ذلك دليل على سلامة القرآن من أى تغيير أو تحريف، فقد تلقاه الجمع الغفير من التابعين عن الجمع الغفير من الصحابة، وتلقاه الأواخر عن الأوائل بالمشافهة والتلقين مع الوقوف على أماكن نزوله وأوقاته، وأسبابه، وغير ذلك مما يتصل بألفاظه ومعانيه ومقاصده.
قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ الحجر: 9
أ. د/ محمد بكر إسماعيل