الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ختم القرآن
المدة التى يستحب فيها ختم القرآن بينتها السنة المطهرة فيما رواه البخارى بسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال- فى حديث طويل- لعبد الله ابن عمرو- رضى الله عنهما: « .. وكيف تختم؟ قال: كل ليلة. فقال له: اقرأ القرآن فى كل شهر، قال: إنى أطيق أكثر من ذلك. فقال له: اقرأه فى كل سبع ليال مرة .. » وفى رواية أخرى عن عبد الله بن عمرو قال: «قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ القرآن فى شهر. قلت إنى أجد قوة، حتى قال: فاقرأه فى سبع ولا تزد على ذلك» ، وفى رواية أخرى:«أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: اقرأ القرآن فى شهر. قال إنى أطيق أكثر، فما زال حتى قال فى ثلاث» (1).
ومن خلال هذه الأحاديث يتبين لنا أن عبد الله رضي الله عنه كان يقرأ القرآن فى ليلة واحدة، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم اقرأه فى شهر؛ لأن لا يلحقه ملل، ولتكون قراءته على تدبر وفهم، فرغب عبد الله أن يقرأ فى أقل من هذه المدة محتجا بقوته على ذلك فتدرج النبى صلى الله عليه وسلم معه إلى أن وصل إلى سبع، ثم قال له:«ولا تزد على ذلك» لأنه رأى- والله تعالى أعلم- أن التدبر والأمن من الملل لا يكونان فى أقل من هذه المدة، فرغب عبد الله فى أن يقرأه فى أقل من ذلك، فما زال به حتى قال فى ثلاث كما جاء فى بعض الروايات.
لذلك نقول: إن المدة المعول عليها فى ختم القرآن هى استطاعة الشخص وعدم استطاعته، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله اقرأه فى شهر، ثم أذن له أن يقرأه فى أقل من هذه المدة لاستطاعته، فلزم أن تكون الزيادة عليها مأذونا فيها عند الضعف وعند الشواغل الكثيرة التى تحول دون ختمه فى شهر، فقد أخرج ابن أبى داود عن مكحول قال: كان أقوياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرءون القرآن فى سبع، وبعضهم فى شهر وبعضهم فى شهرين وبعضهم فى أكثر من ذلك. وقد روى عن أبى حنيفة- رحمه الله تعالى- أنه قال:
«من قرأ القرآن فى كل سنة مرتين، فقد أدى حقه لأن النبى صلى الله عليه وسلم عرض القرآن على جبريل فى السنة التى قبض فيها مرتين» . وكذلك من نقص عن الشهر لقوته على ذلك يستحب له أن لا ينقص عن سبع لقول النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله: لا تزد على ذلك، فإن حكمة هذا النهى
(1) انظر: صحيح البخارى وشرحه فتح البارى كتاب فضائل القرآن، وكتاب الصيام، باب صيام وإفطار يوم ويوم.
على ما يظهر هى أن ختم القرآن فى أقل من سبع مظنة الملل ونقصان التدبر، والأحكام تبنى على الكثير الغالب لا على القليل النادر، ولإلحاح عبد الله ورغبته فى الإكثار من القراءة واحتجاجه بقوته على ذلك أذن له فى أقل من سبع إلى ثلاث، إلا إن هذا الإذن المترتب على الإلحاح الشديد من عبد الله لا ينفى أن المأذون فيه خلاف الأولى بقرينة اختصاص هذا العدد بالنهى عن النقص عنه دون ما قبله من الأعداد. وهذا المعنى هو الذى فهمه جمهور العلماء واستقر عملهم عليه. وأما الذين يختمون القرآن فى أقل من ثلاث فعملهم مخالف لصريح السنة لما رواه أبو داود والترمذى وصححه من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا:«لا يفقه من قرأ القرآن فى أقل من ثلاث» (2) وأخرج ابن أبى داود وسعيد بن منصور عن ابن مسعود موقوفا قال: «لا تقرءوا القرآن فى أقل من ثلاث» ، وأخرج أبو عبيد عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن فى أقل
من ثلاث» (3).
أ. د. السيد إسماعيل على سليمان
المصادر والمراجع:
(2) الحديث: رواه أبو داود فى الصلاة 2/ 116 رقم 1394 والترمذى 5/ 182 رقم 2949 وقال حديث حسن صحيح.
(3)
راجع كتاب كيف تقرأ القرآن قراءة شرعية ص 39 د. سيد مرسى نقلا عن الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى.