الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الحاجة إلى الترجمة
الناظر إلى القرآن الكريم يجده عالمى المقصد شاملا للزمان والمكان، وعالميته إنما تستمد- أصلا- من عالمية الإسلام وشموله وكونه الرسالة الخاتمة التى جاءت لتهدى الناس وتخرجهم من عبادة بعضهم وهواهم ودنياهم إلى عبادة ربهم- سبحانه وتعالى.
وقد نزل القرآن- دستور هذه الأمة المحمدية- باللغة العربية، وكثيرا ما وقف حاجز اللغة حائلا كبيرا بين الإسلام وأهله وأهل اللغات الأخرى؛ فكانت الحاجة ملحّة والضرورة قصوى فى أن ينحو المسلمون منحى يبلّغون به ويدعون غيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى إلى الإسلام، وذلك يكون بكثير من الوسائل من أهمها: ترجمة معانى القرآن إلى اللغات الأخرى حتى يتحقق الهدف والغاية منه.
وأهل القرآن إنما ندبوا إلى ذلك؛ لأن القرآن له مقاصد عالمية لا تتم إلا بنشره، واشتراك الأمم الأخرى المختلفة فى إقامته، ولو نظرنا إلى بعض تلك المقاصد لأمكن حصر أهمها فى الأهداف التالية (20):
(أ) تطهير العقائد الأولية مما أدخل عليها من آراء المتزيدين، وأضاليل المتأولين.
(ب) إنقاذ الضمير البشرى من الذين انتحلوا حق التسلط عليه، وتطهيره مما ران عليه من وساوسهم وخزعبلاتهم.
(ج) إقامة سلطان العقل، وإعلان حرية النظر، وهدم صنم التقليد.
(د) إسقاط الوسطاء بين الله وخلقه، والمناداة بالمساواة العامة بين الناس أجمعين.
(هـ) وحدة الجماعات البشرية كافة؛ بقيامها جملة على كلمة الله العليا.
(و) دخول الأمم كافة إلى حظيرة الإسلام والسلام، يساعد على تحقيق الخير للبشرية بنشر تعاليم القرآن.
(ز) الاشتراك فى إنذار من لا يساهم من الجماعات على تحقيق هذا الإصلاح العام بالعذاب فى الدنيا وسوء المنقلب فى الحياة الأخرى.
هذه بعض الأهداف والمقاصد التى تدعو المسلمين إلى تبليغ دينهم ورسالتهم إلى البشرية.
(20) انظر: الأدلة العلمية على جواز ترجمة معانى القرآن إلى اللغات الأجنبية، للأستاذ الشيخ محمد فريد وجدى ص 3.
ولقد شعر كثير ممن نالوا حظا من الروح الإسلامية فى العصر الراهن بفداحة التبعة المترتبة على كتمان ما استؤمنوا عليه من هذه الوديعة الإلهية، وتركها محصورة فيهم موقوفة عليهم فى عهد أصبحت فيه جميع النظم الاجتماعية والروابط الأدبية فى بوتقة النقد الدقيق، واستعدت العقول لقبول أى علاج كان يفرج الكروب ويأسو الكلوم، ويحل المعضلات، وينهج محجة لا تفترق بأهلها عن الرشد، ولا تبعد بهم عن الغاية.
فرأى الذين شعروا بأمانة التبليغ أن الضن بالدواء الناجع والبلسم الشافى لجراح الإنسانية يعتبر أكبر جريمة يمكن أن ترتكبها جماعة أسند إليها الاضطلاع بعمل عالمى عظيم، فنشطوا لترجمة معانى القرآن الكريم إلى أمهات اللغات العالمية خروجا من هذه التبعة، وإعذارا إلى الله- تعالى- بهذا العمل، ومدفوعين بعدة عوامل تدعو إلى أهمية هذه الترجمة، من أهمها:
أن الأمم لا تقبل ولا يقنعها أن تأخذ الشيء بالواسطة، وبفهم سواها له- بواسطة الشروح، والرسائل الموضحة- وإنما تريده من مصدره الأول، وتدعى أنها تفهم منه أكثر مما يفهم أهله الأخصون.
وعليه فترجمة معانى القرآن والحالة هذه أصبحت فى هذا العصر أمرا لا مناص منه قياما بالعهد الذى فى أعناقنا له.
هيئة التحرير