الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
أن التابعين إذا أجمعوا على شىء كان إجماعهم حجة، ويجب الأخذ بقولهم، لأن الإجماع لا بدّ وأن يستند إلى دليل شرعى، ولا تجتمع الأمة على ضلالة.
2 -
أما إذا اختلفوا فلا يكون قولهم حجة.
3 -
فإن قال أحدهم بتفسير، ولم يأت تفسير غيره:
(أ) فإن كان مما لا مجال فيه للرأى والاجتهاد، ولم يعلم عن هذا التابعى أخذ عن ثقافة أهل الكتاب، فالأخذ به أولى من تركه، لاحتمال أن يكون سمعه من صحابى، أخذه هو
الآخر بدوره من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ب) أما إذا كان فيه مجال للرأى والاجتهاد، فنحن مخيرون بين قبوله ورده.
المفسرون من التابعين:
ولقد شهد جيل التابعين عددا عظيما من المفسرين، نذكر منهم: سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وعكرمة البربرى، وعطاء ابن أبى رباح، وطاوس بن كيسان، وعلقمة بن قيس، ومسروق بن الأجدع، وعبيدة بن عمرو، وعبيد بن نضيلة، والأسود بن يزيد، وأبا عبد الرحمن السلمى، وعامر الشعبى، والحسن البصرى، وقتادة بن دعامة، وأبا العالية، وسعيد بن المسيب، وزيد بن أسلم، وغيرهم ممن أسهم فى محيط التفسير بما لا يزال وسيظل- إن شاء الله- ثروة تفسيرية، ينتفع بها طلاب العلم ورواد الثقافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فجزاهم الله خير الجزاء، ورضى عنهم فى الأولين والآخرين، وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
12 - اختلاف السلف فى التفسير:
قلنا سابقا: إن من سمات تفسير الصحابة قلة اختلافهم فيه، وهو وإن ازدادت رقعته بين التابعين إلا أنه إذا قيس باختلاف من بعدهم يعتبر قليلا، ويمكن أن نقول: إن الاختلاف بين السلف معظمه اختلاف تنوع فى العبارة، وليس اختلاف تضاد، ويمكن إرجاعه إلى الأسباب الآتية:(64)
السبب الأول: تنوع الأسماء والصفات، بأن يعبر كل مفسر عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى فى المسمى، غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى، مثل أسماء الله الحسنى، وأسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن.
فأسماء الله الحسنى كلها تدل على مسمى واحد، فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضادا لدعائه باسم آخر، قال تعالى: قُلِ
(64) انظر فى ذلك مقدمة فى أصول التفسير لابن تيمية: 38 - 50، طبعة/ دار ابن حزم.
ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [الإسراء: 110].
فكل اسم من أسماء المولى- عز وجل يدل على شيئين، على ذات الله- عز وجل وعلى الصفة التى تضمنها هذا الاسم، كالرحيم يدل على الله، ويدل على صفة الرحمة، والقدير يدل على الله، ويدل على صفة القدرة، وهكذا.
والأمر كذلك مع أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم له أسماء متعددة، كمحمد، وأحمد، والماحى، والحاشر، والعاقب، والقرآن له أسماء متعددة كذلك، مثل القرآن، والكتاب، والفرقان، والشفاء، والبرهان.
ومن أمثلة هذا النوع: اختلاف المفسرين فى معنى الصراط المستقيم، فقد قال بعضهم: هو القرآن، وقال بعضهم: هو الإسلام، وقال بعضهم: هو السنة والجماعة، وقال بعضهم: هو طريق العبودية، وقال آخرون، هو طاعة الله ورسوله، ولا تنافى بين جميع هذه الأقوال، لأنهم جميعا أشاروا إلى ذات واحدة، ولكن كل واحد منهم وصفها بصفة من صفاتها.
السبب الثانى: التعبير بالمثال، حيث يذكر كل واحد منهم من الاسم العام بعض أنواعه، لا على سبيل مطابقة الحد للمحدود، فى عمومه وخصوصه، ولكن على سبيل التمثيل، بتنبيه الإنسان على النوع، كسائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ البرتقال، فأرى برتقالة، وقيل له: البرتقال هذا، فالإشارة هنا إلى النوع، لا إلى البرتقالة وحدها.
مثال ذلك: قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فاطر: 32].
فالمعروف أن الظالم لنفسه هو الذى ترك المأمورات، وارتكب المحظورات، وأن المقتصد هو الذى اقتصر على فعل المأمورات وترك المحظورات، وأما السابق فهو الذى زاد على أداء الواجبات فعل المستحبات، وزاد على ترك المحظورات توقى الشبهات، ولكن المفسرين اختلفت عباراتهم فى تفسيرها، فقد قال بعضهم: السابق الذى يصلى فى أول الوقت، والمقتصد الذى يصلى فى أثنائه، والظالم لنفسه الذى يؤخر العصر إلى الاصفرار.
وقال بعضهم: الظالم آكل الربا، أو مانع الزكاة، والمقتصد الذى يؤدى الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، والسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات، إلى غير ذلك من عباراتهم.