الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يطلب منه حال الوقف، فلا يكون الابتداء إلا بكلام مستقل موفّ بالمقصود غير مرتبط بما قبله فى المعنى لكونه مختارا فيه، بخلاف الوقف فقد يكون مضطرا إليه، وتدعوه الحاجة إلى أن يقف فى موضع لا يجوز الوقف عليه كما تقدم توضيحه. وعليه: فلا يجوز أن يبدئ بالفاعل دون فعله، ولا بالوصف دون موصوفه، ولا باسم الإشارة دون المشار إليه، ولا بالخبر دون المبتدأ، ولا بالحال دون صاحبها، ولا بالمعطوف عليه دون المعطوف، وهكذا إلى آخر المتعلقات.
وخلاصة القول أنه لا يبتدأ بالمعمول دون عامله، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الابتداء فى كل ما ذكرناه برءوس الآى، فإنه يجوز حينئذ لما تقدم.
وقد أحسن ابن الجزرى حيث ذكر في كتابه «النشر» قاعدة فيما يبتدأ به فقال- رحمه الله تعالى-: «كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده» (5).
تعريف القطع:
القطع فى اللغة: بمعنى الإبانة والإزالة، تقول: قطعت الشجرة إذا أبنتها وأزلتها. وفى الاصطلاح: قطع القراءة رأسا، أى: الانتهاء منها، فالقارئ به- أى بالقطع- كالمعرض عن القراءة، والمنتقل منها إلى حالة أخرى غيرها، وينبغى بعد القطع إذا أراد العودة إلى القراءة الإتيان بالاستعاذة ثم البسملة إن كان العود من أول السورة، وإن كان من أثنائها فله التخيير بالبسملة بعد التعوذ أو عدم الإتيان بها.
ولا يكون القطع إلا على رءوس الآى، لأن رءوس الآى فى نفسها مقاطع. قال ابن الهذيل: «وكانوا يكرهون أن يقرءوا بعض الآية ويدعو بعضها. لذلك ورد عنه أنه قال: إذا افتتح أحدكم آية يقرؤها فلا يقطعها حتى يتمها (6).
تعريف السكت:
السكت فى اللغة: بمعنى المنع. وفى الاصطلاح: قطع الصوت زمنا دون زمن الوقف من غير تنفس بنية العودة إلى القراءة فى الحال، ويكون فى وسط الكلمة وفى آخرها وعند الوصل بين السورتين لمن له ذلك من القراء، وأكثره وقوعا على الساكن قبل الهمز سواء كان هذا الساكن صحيحا أو شبه صحيح أو حرف مدّ.
فالساكن الصحيح نحو قوله تعالى:
وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (سورة البقرة آية: 4) وهو المعروف بسكت «أل» ، ونحو قوله تعالى: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (سورة فاطر آية
(5) النشر فى القراءات العشر لابن الجزرى 1/ 234 طبعة دار الكتب العلمية بيروت.
(6)
المصدر السابق 1/ 239.
23) وهو المعروف بسكت المفصول، ونحو القرآن فى قوله تعالى: الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (أول سورة الرحمن) وهو المعروف بسكت الموصول.
والساكن شبه الصحيح ما كان فيه حرف لين فقط ويشمل المفصول نحو قوله: خَلَوْا إِلى، ويشمل كذلك الموصول قوله:
فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي (سورة المائدة أية 31).
والساكن حرف «مدّ» نحو قوله: قالُوا آمَنَّا وقوله: يا بَنِي إِسْرائِيلَ وقوله:
لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وهو المعروف بسكت المدّ.
وقد سكت حفص عن عاصم، وكذلك ابن ذكوان عن ابن عامر، وإدريس عن خلف العاشر على الساكن قبل الهمز ما لم يكن حرف مدّ فى أحد الوجهين عنهم عن طريق طيبة النشر. وكذلك سكت حمزة على الساكن قبل الهمز عموما سواء كان الساكن صحيحا أو شبه صحيح أو حرف مدّ من طريق طيبة النشر، وهو المعروف:«بالسكت المطلق» .
وقد ورد عن حفص عن عاصم من طريق الشاطبية أنه كان يسكت سكتة لطيفة من غير تنفس بقدر حركتين فى حالة الوصل فى أربعة مواضع فى القرآن بالاتفاق وهى كالآتى:
السكتة الأولى: على الألف المبدلة من التنوين فى لفظ عِوَجاً بأول سورة الكهف حالة الوصل، ثم يقول: قَيِّماً.
وهذا لا يمنع الوقف على عِوَجاً لأنه رأس آية. وإنما السكت حالة وصل عِوَجاً ب قَيِّماً.
السكتة الثانية: على الألف من لفظ مَرْقَدِنا بسورة ياسين، ثم يقول: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (آية 52)، وهو تام كما ذكره الصفاقسى فى غيث النفع (7) وعليه فلا سكت عندئذ، وعند عدم الوقف يجب السكت من طريق الشاطبية.
السكتة الثالثة: على النون من لفظ «من» فى قوله تعالى: وَقِيلَ مَنْ راقٍ (سورة القيامة آية: 27)، ويلزم من السكت إظهار النون الساكنة عند الراء لأن السكت يمنع الإدغام.
السكتة الرابعة: على اللام من لفظ «بل» فى قوله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (سورة المطففين آية: 14)، ويلزم من هذا السكت أيضا إظهار اللام عند الراء لأن السكت يمنع الإدغام.
وسكت حفص فى هذه المواضع الأربعة من النوع الذى يأتى على آخر الكلمة. قال الإمام الشاطبى- رحمه الله تعالى:
(7) انظر: غيث النفع فى القراءات السبع ص 333 لولى الله تعالى سيد على النورى الصفاقسى بهامش شرح الشاطبية لابن الفاصح طبعة الحلبى الثالثة سنة 1373 هـ 1954 م.
وسكتة حفص دون قطع لطيفة
…
على ألف التنوين فى عوجا بلا
وفى نون من راق ومرقدنا ولا
…
م بل ران والباقون لا سكت موصلا (8)
وهذا السكت- كما سبق أن قلنا- من طريق الشاطبية، أما من طريق طيبة النشر فإن لحفص فيها خمسة مذاهب وهى:
الأول: السكت على الجميع. الثانى: عدم السكت على الجميع. السكت على عوجا ومرقدنا وحدهما. الرابع: على «من راق» و «بل ران» . دون غيرهما. الخامس: عدم السكت على
«مرقدنا» والسكت فى غيره.
وكذلك يسكت حفص فى وجه له بين السورتين من غير تنفس فى موضع واحد من القرآن، وهو بين آخر سورة الأنفال وأول سورة براءة ومحله على الميم من «عليم» ثم يقول:«براءة» ، وعلى الهاء من لفظ «ماليه» فى قوله تعالى: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (سورة الحاقة آية 28، 29)، والوجهان صحيحان مقروء بهما والسكت هو المقدم فى الأداء (9).
الجزرية: هى: مقدمة منظومة فى تجويد القرآن مكونة من مائة وتسعة أبيات من نظم شيخ الإسلام أبى الخير محمد بن محمد الدمشقى الشهير بابن الجزرى رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ولهذه المقدمة شروح عديدة من أشهرها: شرح متن الجزرية فى معرفة تجويد الآيات القرآنية لشيخ الإسلام زكريا الأنصارى- رحمه الله تعالى.
أ. د. السيد إسماعيل على سليمان
(8) حرز الأمانى ووجه التهانى- المعروفة بالشاطبية ص 68 طبعة مصطفى الحلبى وأولاده بمصر سنة 1355 هـ 1937 م. للإمام أبى القاسم ابن فيرة ابن خلف أحمد الشاطبى.
(9)
هداية القارى إلى تجويد كلام البارى ص 409 - 414 بتصرف شديد. طبعة دار النصر للطباعة الإسلامية بشبرا مصر الأولى سنة 1402 هـ 1982 م للشيخ/ عبد الفتاح السيد عجمى المرصفى.