الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعارة الأصليّة
الاستعارة الأصلية فى اصطلاح البلاغيين هي التى تكون فى أسماء الأجناس غير المشتقة (الجامدة) وقد أوضح الإمام السكاكى معناها فقال:
يقصد أن يتم هذا التشبيه الاستعارى بلا واسطة بين المستعار له «المشبه» والمستعار منه (المشبه به) كما سيأتى فى الاستعارة «التبعية» وقد اتفق جمهور البلاغيين على هذا الضابط الذى ذكره السكاكى للاستعارة الأصلية (2). وحصر متأخروهم وقوع الاستعارة الأصلية فى هذين النوعين، وهما:
* أسماء الأعيان (الذوات الحسية) الجامدة، كأسد.
* ثم المصادر الجامدة، مثل: الكرم- الحلم- الصيام- النطق.
وورود الاستعارة الأصلية فى القرآن مستفيض جدا، ومنها قوله تعالى:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ.
استعار الظلمات للضلال والجهل والكفر، وكل من المستعار، وهو الظلمات، والمستعار له، وهو الضلال، اسمان جامدان غير مشتقين، وهما من أسماء المعانى التى تدرك بالعقل. فالاستعارة- إذن- أصلية، لجريانها فى الأسماء الجامدة.
والأمر المشترك بينهما، ويسمى «الجامع» (3) هو الحيرة والارتباك فى كل منهما. والقرينة المانعة، من إرادة المعنى الحقيقى للظلمات حالية تفهم من المقام ثم استعارة «النور» للإيمان، على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية؛ لأن كلا من «النور» وهو المستعار، و «الإيمان» وهو المستعار له اسمان جامدان غير مشتقين، والجامع بينهما هو الهداية والاطمئنان. والقرينة حالية كذلك.
وهاتان الاستعارتان تفيدان المبالغة فى وصف الضلال بالظلمات، وفى وصف الإيمان بالنور.
(1) مفتاح العلوم (176/ 179).
(2)
ينظر: المصباح لابن ابن مالك (65) وعروس الأفراح لبهاء الدين السبكى. ضمن شروح التلخيص (4/ 108)
والمطول لسعد الدين (376).
والأطول لعصام الدين (2/ 126).
ومعترك الأقران لجلال الدين السيوطى (1/ 280) والإيضاح للخطيب القزوينى (5/ 87) شرح د/ محمد عبد المنعم خفاجى.
(3)
والنكت فى إعجاز القرآن (870) للرمانى ضمن ثلاث رسائل فى إعجاز القرآن.
والأولى تفيد التنفير والترهيب من الضلال وبشاعته.
والثانية تفيد الترغيب فى الإيمان وآثاره الطيبة.
ومن الاستعارة التصريحية الأصلية قوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ هذا حديث عن منزلة القرآن عند الله.
والاستعارة التصريحية الأصلية فى كلمة «أم» وأم الكتاب أصل الكتاب. فاستعار «الأم» للأصل «وهو أبلغ لأن الأم أجمع وأظهر فى ما يرد إليه مما ينشأ عنه» .
والاستعارة- هنا- تصريحية لذكر المشبه به فيها، وأصلية لأن الاسم المستعار فيها اسم جنس جامد غير مشتق، والقرينة هى إضافة «أم» إلى الكتاب؛ لأن الكتاب لا أم له ولد منها.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى