الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدها: المحافظة على النص القرآنى من أن يطرأ عليه تغير؛ لأن الكتابة تظاهر الحفظ.
ثانيها: تمام العناية به وزيادة التوثق له فلا يكون لخوف الضياع عليه أدنى شائبة.
ثالثها: الفائدة العظيمة التى ظهرت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم عند جمع القرآن فى العصر البكرى، حيث كان للصحابة فى هذا الجمع مصدران اعتمدوا عليهما.
لماذا لم يجمع النبىّ صلى الله عليه وسلم القرآن فى مصحف واحد؟ السؤال: لم لم يتحد نوع ما كتب عليه ليسهل الرجوع إليه؟ أول جواب على ذلك: أن فى عهده صلى الله عليه وسلم كان على التيسير ورفع الحرج؛ فمن ثم اختلف النوع؛ لأن المهم هو سرعة التدوين والكتابة، بخلاف ما كان عليه الأمر فى عهد الصديق أبى بكر.
وقد جلّى الجواب الشيخ غزلان فذكر: أن القرآن كان يتتابع نزوله، فكان صعبا أن نجعله فى كتاب واحد، وأن القرآن فى عهده صلى الله عليه وسلم كان عرضة للنسخ، وعليه يكون عرضة لتغيير الكتابة بعد الجمع والترتيب.
وكانت الآيات الكثيرة تنزل ثم يعلم الترتيب فلو وضعت فى مصحف واحد لكان فى المشقة ما فيه.
(ب) ما وقع من الجمع الكتابى فى عهد أبى بكر للقرآن:
قتل أثناء حروب الردة سبعون من حفاظ القرآن الكريم فى يوم اليمامة خاصة، فخشى على القرآن أن يضيع منه شىء، وخاصة أن ما كتب فى عهد النبىّ صلى الله عليه وسلم كان أشتاتا فيمكن أن يضيع منه شىء مع من مات، فمن ثم كان الجمع فى العهد البكرى. فقد أخرج البخارى من صحيحه فى كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن عن زيد بن ثابت قال: «أرسل إلىّ أبو بكر الصديق بعد مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتانى فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإنى أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإنى أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعنى حتى شرح الله صدرى لذلك، ورأيت فى ذلك الذى رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فو الله لو كلفونى نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىّ مما أمرنى به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير.
فلم يزل أبو بكر يراجعنى حتى شرح الله صدرى للذى شرح له صدر أبى بكر وعمر رضى الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللّخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبى خزيمة الأنصارى لم أجدها مع أحد غيره: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبى بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه».
ويستفاد من هذا الحديث أمور:
أولها: إعطاء كل حال حكمها اللائق بها؛ ولذا عملوا على جمع القرآن؛ لأن الحال تغير عنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم؛ فخوفا من ضياع شىء من القرآن جمع أبو بكر الصديق القرآن بعد أن شرح الله صدره وصدر عمر وزيد بن ثابت لذلك.
ثانيها: اختيار الأكفاء فى المهام الصعبة كاختيار أبى بكر زيد بن ثابت لجمع القرآن لتوفر العقل والأمانة والديانة والشباب فيه.
والممارسة والخبرة التى لها دخل عظيم فى إنجاح الأعمال.
ثالثها: الشعور عند العمل العظيم بالمسئولية الجسيمة.
رابعها: دفع شبهة كيف لم يجد زيد بن ثابت هاتين الآيتين، وكيف اكتفى برجل واحد فى نقل قرآنيتهما؟
وقد دفع شيخنا غزلان هذه الشبهة بأن بدأ بذكر ما يجب مراعاته عند التعرض لهذه الشبهة:
1 -
عدم إمكان أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم خصّ أبا خزيمة لتبليغ هاتين الآيتين؛ لأن القرآن لا يحل روايته بالمعنى، فلا يمكن الاطمئنان إلى روايته بلفظه دون تغيير حرف منه إلا تبليغ جماعة كبيرة.
2 -
أن إجماع الصحابة على أن كتابتهما فى المصحف لا تكون برواية الواحد؛ ولذا لا بدّ أن الصحابة كتبوهما بعد روايتهما عن جماعة كثيرة، ويكون معنى كلام زيد:«لم أجدهما مع أحد غيره» دائرا بين أمرين: إما أن يكون مراده أنه لم يجدهما مكتوبتين عند أحد غير أبى خزيمة، فهو انفراد بكتابتهما فقط.
وإما أن يكون مراده أنه انفرد بكتابتهما وحفظهما، فلم يجدهما عند غير أبى خزيمة، فظل أبو خزيمة لمّا علم ذلك يحدث بهما ويحدث بهما أيضا زيد بن ثابت، حتى حفظها من لم يحفظها وتذكرها من نسيها حتى تواتر نقلها، فتوفر شرط القرآنية لهاتين الآيتين فأثبتهما زيد فى المصحف.