الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توقيف القراءات:
القراءات العشر المعمول بها، المعروفة فى هذا الفن توقيفية.
ومعنى التوقيف: التعليم.
وهو تعليم النبى صلى الله عليه وسلم للأمة.
والأدلة على التوقيف عديدة، والفقرات التالية تتضمن قدرا من تلك الأدلة:
- قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (الحجر: 9) فالقرآن منزل من عند الله تعالى، ولا قرآن بدون قراءة، والقراءات العشر متساوية- كما بيّناه فى موضعه- فهى منزلة من عند الله تعالى، فهى توقيفية، والذى علّمها لنا هو الله تعالى، وقد قال سبحانه: الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (الرحمن: 1 - 2). وأول من تعلم القرآن من البشر هو النبى صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى له: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (القيامة: 17 - 18).
وقام الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليم الأمة، قال تعالى:
وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا (الإسراء: 106).
وأمر الله الأمة بقبول تعليم القرآن والشريعة، قال تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ (الحشر: 7). وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن، كما دلّ عليه قوله تعالى:
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ (النمل: 91 - 92)، كما أمر سبحانه الأمة بقراءته فقال: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (المزمل: 20)، ومدح المشتغلين بتلاوته فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر: 29 - 30). فقامت الأمة بواجبها، واتبعوا، ولم يبتدعوا، وتعلموا من نبيهم صلى الله عليه وسلم، ثم علّم بعضهم بعضا، ويبقى أمر التوقيف على نمطه هذا إلى ما شاء الله تعالى.
- واشتملت كتب الحديث على جزئيات كثيرة من القراءات، مسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، سالكة طرقا غير طرق القراء، إذ هى طرق المحدثين- ولكل قوم طرقهم، وهذه طائفة من تلك الجزئيات نذكرها تدليلا على التوقيف، واستئناسا- وإن كانت هى وسائر ما رووه لم يقصدوا به رواية ختمة:
عن أنس- رضى الله عنه- أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (الفاتحة: 4) بالألف.
وعن أم سلمة- رضى الله عنها- أنه قرأه بدون ألف. (والضمير فى (أنه) هنا وفيما يأتى للنبى- عليه الصلاة والسلام.
وروى أبىّ- رضى الله عنه- أنه قرأ وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ (البقرة: 48، 58) بالتاء: ولا تقبل.
وأنه قرأ فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ (البقرة:
283) بدون ألف، وبضم كل من الراء والهاء.
وأنه أقرأه بقراءتين: الياء، والتاء، فى:
فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (يونس: 58).
وأنه أقرأه فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ (الكهف: 86) بالهمز.
وروى أيضا عنه صلى الله عليه وسلم: حامية بالألف بدون همز.
وقرأ صلى الله عليه وسلم: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (الكهف: 77) بتشديد التاء الأولى فى لَاتَّخَذْتَ، وإدغام الذال فى التاء، وقرأها أيضا لتخذت بحذف همزة الوصل، وتخفيف التاء، وإظهار الذال، وكسر الخاء.
وكل ذلك فى قراءات العشرة.
إلى غير ذلك من جزئيات كثيرة فى أكثر من مائة وأربعين حديثا شريفا (14).
- واشتملت المصاحف العثمانية على جزئيات كثيرة من القراءات كان الرسم نصا فيها، وكلها فى قراءات العشرة، وهى منقولة من صحف الصدّيق- رضى الله عنه- ومن مصاحف الصحابة التى كتبت بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم، كما أن صحف الصدّيق منقولة مما كان فى بيوت أزواج النبى صلى الله عليه وسلم مما كتب بحضرته، ومما كان مع الصحابة مما كتبوه أيضا بين يديه- عليه الصلاة والسلام (15).
وهذه طائفة منها لخدمة هذا الغرض بنحو ما أشرنا إليه آنفا من تدليل، واستئناس:
كتب: أَرَأَيْتَ (العلق: 9) مثلا بألف بعد الراء فى بعض المصاحف العثمانية، وبدونها فى بعضها الآخر، وبهما قرئ (15).
وكتب: نَخْشى (المائدة: 52) بالياء فى بعض المصاحف، وبالألف فى بعضها، وقرئ بالإمالة إلى الياء، وبالفتح (16).
وكتب: إِلَّا قَلِيلٌ (النساء: 66) قليلا بالألف فى المصحف الشامى، وبدونها فى بقية المصاحف، وقرئ بالنصب، والرفع (86).
وكتب: مَنْ يَرْتَدَّ (المائدة: 54) بدال واحدة فى المكى والبصرى والكوفى، وبدالين فى البقية، وقرئ بالإدغام، والفك (87).
وكتب: وَيَقُولُ الَّذِينَ (المائدة: 53) بواو العطف فى العراقية، وبدونها فى البقية، وبهما قرئ (17).
(14) انظر رسالة (القراءات
…
) ص 214 - 273 تجد هذه الجزئيات وغيرها وأحاديثها، وتجد توضيح هذا الدليل بتوسع.
(15)
انظر إتحاف فضلاء البشر ص 444.
(16)
انظر سمير الطالبين للضباع ص 62، ط الأولى المكتبة الأزهرية للتراث سنة 1999 م، وباب الإمالة فى النشر.
(17)
،