الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعارة المطلقة
الإطلاق فى اللغة ترك التقييد (1).
والإطلاق فى اصطلاح البيانيين هو خلو الاستعارة مما يلائم المشبه به، فلا تكون مرشحة. وخلوها مما يلائم المشبه فلا تكون مجردة.
قال الخطيب: هى التى لم تقترن بصفة ولا تفريع كلام (2).
ومن الإطلاق نوع آخر له شواهد فى الشعر العربى وهو ما كانت الاستعارة فيه مشتملة على ما يلائم المشبه به والمشبه معا، ومع هذا لا يسميها البلاغيون لا مرشحة ولا مجردة، ولا مرشحة مجردة، بل هى عندهم استعارة مطلقة، على اعتبار أن الترشيح والتجريد لما تقابلا فيها تساقطا واعتبرا كأنهما لا وجود لهما فى الكلام.
ومن أمثلتها عندهم قول زهير بن أبى سلمى:
لدى أسد شاكى السلاح مقذف
…
له لبد، أظفاره لم تقلّم
استعار «أسد» للرجل الشجاع، وشاكى السلاح يلائم المشبه- الرجل الشجاع- فهو تجريد، أما «له لبد- أظفاره لم تقلم» فهما ترشيح لأنهما يلائمان المشبه به (الأسد).
فهذه استعارة مطلقة لا مرشحة ولا مجردة.
ولا مرشحة مجردة فى اعتبار واحد (3).
وقد تابع البلاغيون ما قاله الخطيب، فكان ذلك عندهم إجماعا (4).
فالاستعارة المطلقة عندهم نوعان:
الأول، وهو الأصل، الاستعارات التى لم يذكر فيها ما يلائم المشبه (المستعار له) ولا ما يلائم المشبه به (المستعار منه).
والثانى: الاستعارات التى ذكر فيها ما يلائم كلا من المستعار له، والمستعار منه.
والإطلاق فى النوع الأول حقيقى واقعى، أما فى النوع الثانى فهو تقديرى اعتبارى والاستعارة المطلقة، باعتبار النوع الأول الحقيقى الواقعى كثيرة الورود فى القرآن الكريم. ومن أمثلتها قوله تعالى:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (5).
استعار الصدع، وهو الشق فى نحو حائط وغيره للتبليغ، استعارة محسوس لمعقول، والجامع هو قوة التأثير فى كل منهما، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية المطلقة.
(1) اللسان، ترتيب القاموس، مادة: طلق.
(2)
الإيضاح (5/ 69).
(3)
الإيضاح (5/ 102).
(4)
معجم المصطلحات البلاغية (1/ 171).
(5)
الحجر (94).
حيث لم تقترن الاستعارة فى الآية بما يلائم أى طرف من طرفى الاستعارة.
وقرينة الاستعارة هنا هى بِما تُؤْمَرُ لأن المعنى بلّغ ما أمرناك به تبليغا واضحا قويا يكون له تأثير فى القلوب كتأثير الصدع فى الأجسام ومنها كلمة، تَنَفَّسَ فى قوله تعالى:
وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ.
لأن فى تَنَفَّسَ استعارة تصريحية تبعية مطلقة والأصل: إذا ظهر وانتشر.
فاستعير التنفس للظهور وسرعة الانتشار، استعارة محسوس لمحسوس، والقرينة هى إسناد التنفس إلى ضمير الصبح، لأن التنفس من خصائص الكائنات الحية ذوات الأرواح.
وقد خلت هذه الاستعارة من ذكر ما يلائم كلا من المستعار له (المشبه) والمستعار منه (المشبه به).
ومنها قوله تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً لأن فى قوله تعالى: بِحَبْلِ اللَّهِ استعارة تصريحية أصلية مطلقة استعير الحبل لدين الله، استعارة محسوس لمعقول لأن الحبل اسم جنس جامد غير مشتق. والقرينة هى إضافة الحبل إلى الله عز وجل (6).
وفى استعارة المحسوس للمعقول إخراج المعنوى المدرك بالعقول، مخرج الحسى المدرك بالحواس الظاهرة اعتناء به، ومبالغة فى إظهاره.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
(6) النكت فى إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل
…
(87).