الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعارة التّمثيلية
الاستعارة التمثيلية هى القسم الثالث من الاستعارة التصريحية، بعد الاستعارة الأصلية، والاستعارة التبعية.
ويسميها الخطيب القزوينى: المجاز المركب، وقال فى تعريفها:
يعنى يكون الوصف الجامع أو المشترك بين كل من المشبه (المستعار له) والمشبه به (المستعار منه) هيئة أو صورة مؤلفة من عنصرين أو أكثر من عنصرين.
والاستعارة التمثيلية تختلف عن غيرها من الاستعارات فالوصف المشترك بين الطرفين فى غيرها مفرد وفيها هيئة أو صورة مركبة فاستعارة «النور» ل «الإيمان» استعارة مفردة، لأن الوصف الجامع بينهما مفرد، وهو الهداية أما الاستعارة التمثيلية فالوصف الجامع فيها هيئة أو صورة كما سيأتى.
أما جلال الدين السيوطى فقد أوجز فى تعريف الاستعارة التمثيلية حيث قال:
«هى أن يكون وجه الشبه فيها- أى الوصف المشترك بين الطرفين- منتزعا من متعدد» (2).
وإلى هذا ذهب المدنى كذلك (3).
وسماها قدامة بن جعفر «التمثيل» (4).
وعلى هذا المنهج سار شراح التلخيص (5).
والإمام عبد القاهر الجرجانى ساق لها عدة أمثلة تحت عنوان «التمثيل» (6).
ومن أمثلتها فى القرآن الكريم قوله تعالى:
لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ (7).
قال الإمام جار الله الزمخشرى فى توجيه هذه الآية بلاغيا:
«هذا تمثيل لمنع الشحيح، وإعطاء المسرف، وأمر بالاقتصاد الذى هو بين الإسراف والتقتير» (8).
وقوله «تمثيل» يعنى: استعارة تمثيلية.
وفى توضيح هذا الإجمال يقول الشهاب:
«يعنى أنهما استعارتان تمثيليتان، شبه فى
(1) الإيضاح (5/ 108).
(2)
معترك الأقران (1/ 283).
(3)
أنوار الربيع (1/ 251).
(4)
نقد الشعر (181).
(5)
شروح التلخيص (4/ 147).
(6)
دلائل الإعجاز (430).
(7)
الإسراء (29).
(8)
الكشاف (2/ 447).
الأولى يعنى: «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك- فعل الشحيح فى منعه بمن يده مغلولة لعنقه، بحيث لا يقدر على مدها، وفى الثانية شبه السرف ببسط اليد، بحيث لا تحفظ شيئا» (9).
يعنى أن غل اليد إلى العنق صورة حسية شبه بها صورة البخيل الحريص على المنع والاحتفاظ بماله.
وأن صورة بسط اليد وهى حسية كذلك شبه بها صورة المسرف الشديد الإسراف فى بذل ماله، بحيث جعله مباحا لكل من أراد أخذه بلا أية ضوابط. فالتشبيه فيهما وقع بين صورتين مركبتين، لا بين مفرد ومفرد.
والجامع بين الطرفين هيئة أو صورة مركبة من عنصرين فأكثر.
ومن الاستعارة التمثيلية فى القرآن الكريم قوله تعالى: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (10).
ففي الآية استعارتان تمثيليتان، لأن المعنى أن مثل الأرض يوم القيامة لتصرف الله الكامل فيها ومثل السموات بهيمنة الله على كل ما فيها، مثل الشيء يكون فى يد الآخذ به المتصرف فيه (11).
والاستعارة التمثيلية، لا توصف بأنها أصلية أو تبعية لاعتبارين:
الأول: أن ألفاظها المركبة منها كثيرا ما تجمع بين الأسماء الجامدة والأفعال والصفات، كما فى لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ.
ففيها أسماء أجناس مثل: يد- عنق.
وفيها أفعال وصفات مشتقة وحروف، مثل تجعل، تبسط، إلى،. وقد تقدم أن الاستعارة التصريحية الأصلية هى ما جرت فى أسماء الأجناس الجامدة، وأسماء المعانى.
وأن التصريحية التبعية هى ما جرت فى الأفعال والصفات المشتقة والحروف.
لذلك فإن الاستعارة التمثيلية لا يقال إنها أصلية أو تبعية. ولكن تصريحية تمثيلية فقط.
الاعتبار الثانى: أن الاستعارة التمثيلية كل الألفاظ التى ركبت منها تظل على معانيها الحقيقية لا يدخلها مجاز. وإنما المجاز يقتصر فيها على مجموع كلماتها، حيث تنقل صورتها من الحقيقة إلى المجاز.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
(9) حاشية الشهاب على البيضاوى (6/ 27).
(10)
الزمر (67).
(11)
معجم المصطلحات البلاغية.